عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-03-2011, 07:59 AM
الصورة الرمزية عمر حامد
عمر حامد عمر حامد غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 92

اوسمتي

Smile في حارتنا حسنــاءٌ جميلة ..


(١)

كُنّا لا نــزالُ في الابتــدائيه .. صِغـاراً نحلُمـُ بِكُـلِّ شيءٍ جميلٍ لــهُ الوانٌ برّاقـه .. نحنُ كّنا شِلّةً

مكونةً من أربعةِ أطفالٍ لا نتفارق .. نمشي سويةً ، نُدافِعُ عن بعضنا ، ونتقاتل فيما بيننا! وتجمعُنا
قرابةُ الدم .. ولكن الاكثر قرابة كانت بيني وبين حمدون» فقد كان وللأسف الشديد الذي اعصُرُهُ
الى اليوم (عمي) .. لقد كُنا اطفالا من نوعٍ آخر .. فنحنُ نحلمُ يوما بلوغ قَوسِ قُزَح! لا
لنتزحلَقَ عليهِ ..!! إنما لِنشرب منهُ عصيــرا مُنشعــا!! .. نحنُ كُنا نحلمُ بُلوغَ القمر .. لا للمشـي
عليه! إنما لنأتي من هُناك تُراباً كنّا نؤمن بأنهُ سِحري .. وسيخدمنـا في معاركنـا ضد (ولاد الحـاره
الغربيه)!!!.




كان في حـارتنا بيتٌ طـالما يؤجِرُهُ صاحِبُهُ للمدرســين الوافدين.. في هذا العام استأجرَهُ استاذٌ من

جنسيّةٍ شاميّةٍ.. وكُنتُ انا وحمدون هائِمَينِ على وجوهِنـا في حـرارةِ الشمـس مُستجيرين بِجِدارٍ
جالِسين كقطّينِ شَرِسَين، وكان بأيدينا عودين من قصب السُكر نمتصُّهُما بمزاجٍ عالٍ! مُركزين على
الساكن الجديد وهو يُنزِلُ مع عائِلتَهُ الكريمه من مركَبَتِهِ أغراضا كثيـره .. وقد بـدى عليهُمُ الإعياءُ
من وعثاءِ السفر .. عِندها نظرَ إلينا ربُّ أسرتِهُمُ وأشارَ علينا بأن تعالوا..


قال حمدون : خلى قوم طاشّين ..

فقلتُ لهُ: عن يقوموا يشللونا واجد ما في بارض
رد حمدون: خلى ايه الغبي بيعطونا بسبوسه» .. ذيلا ما مصريين
فطمعتُ ووثبتُ مُسرعا ! ..





كان أثاثُهم غريباً جدًّا علينا انا وحمودن الممحون.. وأكثرُ ما شدّني في بيتهم هو (المكنسه)!! التي

كانت تُشبِهُ التي يستخدمنها الساحِراتُ اللاتي في عالمِ الكرتون للطيران! أما حمدون فأذكُرُ أنَّهُ
سرق كيساً مليئاً بِكُراتٍ مُلونه ذاتُ رائِحةٍ نفّاذه بنكهةِ الفراوله .. ظنًّا مِنهُ انها حلاوَةٌ من نوعٍ ما
ولكن للأسف كانت ليست إلا كُراتاً تُستخدمُ أعزكمُ الله في دورات المياه!!!!!!


إلا انني لم أسرق فلم تكُن من شِيَمي .. ولكِن في الحقيقَةِ سُرِقت!! نعم سرقتني ابنتُهُمُ فجأه..!

وانسلّت الى داخلي كانسِلال إفعى من قِمةِ جبل!






بعد ان انتهينا اعطانا والدهم الكريم كيساً وشكرنا كثيرا بقوله: (ما شاء الله عليكون يعطيكون

العافيه .. يعطيكون العافيه اتفضلوا .. هه .. هاذ الكون.. في حفظ الله زورونا هه .. وسلمو على
بيّاتكون!) .. فخرجنا على استحياءٍ من مُعاملتِهِ اللطيفه التي لم يعودنا عليها كبار السن في
تلك الفتـره بهكذا اسلـوب.. فآخر مرّه ساعـدتُ فيها أُنـاســا.. لم يعـطينـي شايبهم اي شي..
بالعكس تماما .. ففي اليوم الذي بعده .. لاحقني بعصـاهُ الطويلـه .. فقـط لأنني اردتُ كُرتنـا التي
سقطت في بيتهم ونحنُ نلعب الكُره!! ....





بعــدها اخـرجَ حمدون على عجـل ما بداخِلِ الكيس ..

فرأينا شيئا ما اول مره نراه!! .. ما هذا ؟! كُنتُ حَذِرا.. ولكن حمدون كان واثِقا .. بأن هؤلاء الخلق مِن
الناس.. لا يتعايشون الا مع ما هو سُكّر وجميل!! فأخذ حمدون هُبشاً» عُمانيا من القِطَع وزجّها
الى فَمِهِ .. استطعم قليلا .. ثُمَّ .. تغيرَ وجـهُـهُ الى اللونِ الاحمر!! وأخذ يُفرِغُ ما في فمه صارِخا:
أخييييييييه تو مو ذا» وبعدَ عرضِ العيّنه الى من هم اكبر منا سنا اتضح لنا ان اسمه (زيتون)!!.





ولكن الشي الاهم الذي اختُهُ من هُناك هو اسم الفتاة الصغيره .. كان اسمُها هاله» .. وكنتُ

أول مرّه اسمع بهذا الاسم!! كانت جميلةً بِحَق.. عينانِ كبيرتان .. بداخِلهما سوادٌ كحباتِ العِنَبْ!
شعرٌ أسودٌ أبهم.. كأنهُ ماءٌ لا زال يُسكب.. أنفٌ صغيرٌ مُثلثٌ مائلٌ للإحمرار كحبّاتِ الفراوله!! و
ثَغرٌ صغيرٌ رقيقٌ بسّام.. وجهٌ ملائِكيٌّ بِحق.. وبشرةٌ صافيَةٌ تُشعِرُني بالطمأنينه!!،،


وكُلما ما نظرتُ

الى حمدون الأغبر ندبتُ حظي .. وتمنيتُ لو أنَّ أُمَّهُ شاميّه!



مع بدايةِ العام الـدراسي .. قهرني حمدون بِقــولِهِ ان أبو هاله» هو مُربي صفهـم!! .. كـم كُنتُ

اتمنى ان تجمعُنا الصدفة .. لأتقرب الى هاله .. ونـدرُسَ في البيـتِ سويّه.. لأننـي واثـق بأنـهُ لو كان
يُدرسنا لأحبني.. لأنني كنتُ متفوقا في الدراسه ..





كانَ ملعبُنا بجانب منزل هاله.. كُنا نلعب الكُرَه عصرَ كُلِّ يوم.. كـم تمنيتُ لو ان هـاله تصعد الى

السطح.. تُطّلُّ علينا.. اذكُرُ ان كان فتيةٌ من الحاره الغربيه اكبـرُ سِـنًّا مِنـا .. يأتـون بـسياكلهم (
دراجاتهم الهوائيه) .. فيمرون من وسط الملعب .. بكبرياء .. ونقعدُ ننتظِرُهم يمرون .. ولا ييجرؤ أحدٌ
ما بكلمة!.. كم كُنتُ أكرههم .. فجاؤوا .. وقعدوا يبتخترون بسياكلهم .. وانا اشدُّ الحانِقين غضبا



فسمعتُ هاتفا من فوقِنا.. (يالله امشوا الله يرضى عليكون .. خلو الزغار يلعبوا) فنظـرتُ فإذا بِـهِ

صوت أم هاله .. و هاله» بجانبها .. عِندها لمِعَت عيناي.. فأمسكتُ بالكُره .. رميتُ بها عاليا .. وركلتُها
وهي هاويةٌ الى الأرضِ بكل ما أوتيتُ من قوّه!!!! لا ادري من اين اتتني هذه الشجاعه .. او الجنـون!!
فأصبتُ أحدهم فسقط بدراجته على الارض.. فلملمَ نفسهُ وأقبل نحوي حانِقا .. فجريتُ نحـوهُ
بشعار خاربه خاربه» .. ورأيتُ أصحابي كُلهم تحسمو !! كُنا الذين نلعب فوق الاثنى عشـر ولـدا..
بينما الغُزاةُ كانوا لا يتعدّون الخمسه.. فتغلبنا عليهم ..!! او فلنقل قد تغلبت عليهم هاله وأمها




فلولا ان استمديتُ الشجاعةَ منهما لما تجرأت! .. ومن يومها لم يجرؤ ابناء الحارة الغربيه بالزحفِ،

نحونا! على كُلٍّ شعرتُ بأنني فعلاً أصبحتُ بطلا اسطوريا امام هالتي
__________________
لا لَــيــلَ يـكـفـيـنــا لـنـحـلُـمَ مـرّتـيـن
رد مع اقتباس