عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28-03-2011, 08:01 AM
الصورة الرمزية عمر حامد
عمر حامد عمر حامد غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 92

اوسمتي

افتراضي



(٢)


في إحدى الأيام انفجرت الكره التي نلعبُ بها.. وأدركنا أننا سوف لن نتمكن من اللعب هذا اليوم،
فقررنا ان لعب لُعبة الحرب» .. وهي عباره عن فريقين يكونان عباره عن قبيلتين .. وبخيالنا الواسع
نجعل من زور النخيل» خيولا صافناتٍ من تحتنا !!! وبأيدينا عُصيٍّ طويله بكونها سيوفاً!! المسلي
في الامر اننا نستخدم(سقايات بوب مال 25 بيسه) كقنابل بحيث نفتحها من إحد طرفيها فقط
ونملئها بالرمل .. ومن ثَمَّ نستهدفُ من تشاءُ أنفسنا..!!!! وقِفتُ بِحُصاني بعيدا شامخا .. لا اودُّ
أن أُشارك! إلا عندما تُطلُّ هاله من أعلى السطوح، فالحماسُ قد غاب عني بدونها! وحدثت المعركه
وحمي الوطيس .. و قُح جدا» لا يزالُ ينتظر، اعتلى الغُبار، وبعضهم يُكبر.. الله اكبر» .. وياااااااء..


عِندها صارت جلبة وعلت الاصوات.. فانتبهتُ الى الاعلى فرأيتُ ونظرتُ فإذا بأحلى طلّةٍ من هاله»
.. وأمها .. وكانت هاله قد ارتسمت عليها ابتسامةٌ عريضةٌ..


فإذا بِحصاني يُزمجِر!!
وسيفي يعلو الى السماءِ كأنّهُ يستمدُّ طاقتهُ من أذيالها ..


وحمدون يزعق ُ علي : تعال يالبغام دِش .. بيقتلوني» .. عِندها بدّلتُ سير خيلي اليه .. نعم فكيف
لهُ ان ينعتني بـ(البغام) .. أمام المدام».. انطلقتُ نحوه.. وقد أثرتُ الغُبار من تحتي.. وطعنتُهُ طعنةً
قلبتُهُ بها عن ظهر جواده!!





وانطلقتُ بعدها الى القبيلةِ الأخرى .. وكان القوم قد تعبوا .. اما انا
فقد دخلتُ الى الميدان مُذ قليل فقط.. فأنهيتُ على افرادِ قبيلتُهُمُ فرداً فرداً .. فولّو الادبار وهم ..
لا يُصدِّقونَ بالنجاة!!! عِندها .. كَبّرَ افرادُ قبيلتنا وأنا استرقُ النظر الى الاعلى باستحياءٍ مُبالغٍ فيه...




فجأه تحرك اللئيم حمدون .. ووقف من على الارضِ وزعق قائلا : هذا خاين طعنّي» هجووووووووووم
فإذا بالقوم قد انقلبوا علي .. وأثاروا الأرض نقعاً .. وأنا الوذُ عن نفسي ذاتَ اليمينِ وذات الشمال..
وتعاظم صوت الياءات» .. ياااااااااء.. ويااااااااء .. ،، بدأتُ اتعب.. وخيلي من تحتي تكسّرت!!


فأُصبتُ بضربةٍ طائِشَةٍ من أحدِهِم على جبيني ووقعتُ أرضاً .. فإذا بالدم من جبهتي يسيل!! دم!
دم! .. وأنا استعيد وعيي شيئا فشيئا .. اسمعُ الايامين والقسم .. فلان يقول انه ليس هو .. والاخر
يقول بل انت.. وحمدون يحاول انقاذ ما يمكن انقاذه.. فأتى بقطعةٍ من شُجيرَةِ الهرم» .. مُدّعيا
انها مُفيدَةٌ لوقف النزيف!! قاتله الله!! عندها اقتربت منّا وبدون ان ندري (ام هاله) .. و وايحَ نفسي
فقد كانت هاله ورائها تُمسكُ بطرف رِدائِها بيد .. واليدُ الأُخرى وضعتها على فمِها .. لا ادري خوفا
ام استحياءا في الحقيقه!!!




فدخلَ الفارِسُ الأُسطوري الى منازلهم .. مُصاباً.. يُلملِمُ جروحه .. قالت ام هاله: انطرني هون..
بجيب لك قِطعة شاش» وبقت هاله الجرىئه بجانبي وحدها وسألتني :
حِلوِه هاللُّعبِه.. مين علمكم إياها خيّوو؟؟»
فتلعثمتُ مرتين قبل ان أُجيبَ شالِـخـاً:
أأأ .أأ .. هذي متوارثينها من الاجداد!!!»
قالت ..: أنا كل يوم ببكي بقول لِبيّي يسمح لي اجي العب معاكون .. بس هو مو راضي»!!!!
فقلتُ في نفسي : الله يقرع ابوش»!!!



جاءت أُمُّها ومعها قِطعتُ الشاش.. و دواء (آي دين).. وعالجتني.. وربطت بِهِ رأسي .. وأسقتني بعض
الماء .. الى ان ارتويت فودعتُها شاكرا .. وعيني على هاله الجميله .. وانا اتسائل:
إلهي .. لماذا لا يوجد في عمان كما هاله..؟ اذكر ان في إحدى المواد كان موضوع الدرس عن عمان
وبداية الموضوع يقول(لقد حبى اللهُ عُمانَ بِخيراتٍ كثيره) .. فأين هذه الخيرات ..؟؟ يا ربّااااه»

استقبلني الصبيةُ .. وأيُّ استقبال! .. كان هَرجاً ومرجاً .. وتصفيقا .. بل وصهيلا .. وأحدهم كان
يصرخ : أحلى هناك مدخلينه داخل .. وااااااااه ههه» .. وأنا احاول ان اجعل الامور طبيعيه .. وان لا أُبيّن
لهم انني أتأثرُ مما يقولون..!! وفي خِضَّمِّ ما كُنتُ أُقاسيه .. برزَ وجه حمدون الممحون في زحمةِ
الوجوه هاتِفا بكل لُئمٍ وسماجةٍ وسنق : أيه.. مو عطيوك ؟؟ .. قاسمني أقولك انا ما عرف»..




ما أن وصلتُ البيت وقتَ صلاةِ المغرب .. إلا وأنالُ علقةً ساخِنَةً من الوالده يحفظها الله كانت
علقةً متوقعةً.. من مبدأ (لماذا آذيتَ نفسك؟).. بعد الصلاه ذهبنا سويًّا الى بيت ام هاله .. لشكرها
على اهتمامها بالفارس المغوار.. وأذكر ان الوالده كانت تحمل معها صحنا من الحلويات .. وقد ابدت
استغرابها مني!! لأنها تعودت ان اسرق من الصحن .. لا أن اهتم به وأضيفُ اليه!!!



وبترتيب الاقدار تعرفت العائلتين الى بعضهما! وصرنا أقرب .. وصارت هاله وأُمها من أهل دارنا لا
من ضيوفه... لكن كُنتُ لا أجرؤ على الجلوسِ معهم.. نظيرَ استحيائي من هاله» ... الى ان جاء
يومٌ نادتني بنفسها وقعدنا نتبادل اطراف الحديث.. وكنا نتكلم مُعضم حديثنا إما عن الكرتون
او الدراسه..أذكر انّها كانت تلعقُ كُرةً من الكشك» (قطعةٌ مُجمدةٌ من الكامي).. كانت تُمسكها
بأصبعيها .. وَتُعطيني كل تركيزها .. ومن كُثر ثرثرتي وأسهابي في الحديث .. كانت المسكينه ..
كُلما حاولت ان تدخل الكشكه في فمها أخرجته حتى لا تُشتت تفكيرها.. وظلت تفعلُ كذا ..
والكشكَةُ تذوبُ شيئا فشيئا من بين اصبعيها .. الى ان سالَ لبنُها ... وتعدى معصمها .. قاطعا
مسافة يدها الى كوعها ... وقعدنا نضحك..


المؤسف أن الاوقاتُ الجميلةُ لا تبقى طويلا .. أما المؤلم .. هو عندما تبقى هذه الايام الجميلة ذكرى
تؤلمك بالشوق .. لا تؤنسك ..!! سبحان الله..

مر الفصلُ الدراسي سريعا.. وآثر والدُها الرحيل الى بلادهم على البقاء .. كان الخبر كالصاعِقَةِ علي .. إذ لم
يُخيّل لي ان لا اراها مرّةً أُخرى !! وكخطوتٍ أولى أخذتُ صندوقَ بَريدهم ..

يوم الرحيل ..
تمالكتُ نفسي.. فتحتُ يدي .. كانت تُمسك بعقدٍ من الفضّه..
نظرتُ اليه.. قبّلتُهُ .. فأمسكتُ به مجــددا بكــل قوّه..
جعلتُ أحومُ حوالي بيتهم.. كنسرٍ ينتظِرُ أرنبا..
أُخرجي بالصدفه ولو مرّه يا هاله .. !!



"إحزموا كل شيء واتركوا هاله"!!
عِندها رأيتُ القوم يحزمون أمتعتهم.. سبحان الله .. استقبلتهم وسأودعهم!!
هذهِ المرّه .. تقدمت لمساعدتهم دون ان يدعوني لذلك .. لقد حزموا كل شيء
وحزمت هاله شيئاً واحِــداً.. وقـد كان لي .. حزمتهُ بدون استأذان.. وكان
حقًّا لها.. غافلتُ والِداها .. تقدمتُ اليها .. امسكتُ يدها .. وغرستُ
قِلادتي في يدها.. وقلت : هذه لكِ .. تذكريني بها» .. فخبأتها
على عجلٍ في ثيابها.. وقالت : (بشتألك كتير.. راح اكتب
لك دايما .. بليز اكتب لي .. وراح تنزل صورتي في مجلة
ماجد .. الاسبوع الجي.. شُكرا ...»


الوداع :
قبّلتني أُمُّ هاله وقالت : دير بالك يا شطّور .. أنت ولد حبّاب .. بس خِف شقاوتك!» ،،
رحلو.. وهاله كانت في الخلف تنظر اليه وتُرَفرِف بيدِها تُحييني .. أما أنا وقفتُ
بلا حِراك .. أندُبُ حظي برجوعي لأيامك يا حمدون .. وفاضت عيناي من الدمع


بريد..:
بعد رحيلهم كفنتُ انتظرُ البريد .. فتأخر سِتةَ أشهُرٍ .. كُنتُ بدأتُ اتعافى من هاله
وأذكر يومها كنتُ وحمدون آتين من المزرعه .. وبأيدينا خليةُ نحلٍ كبيره .. الحسُ
اصابعي منها .. فوجدتُ رساله لي منها .. آه يا هاله .. كم انتي بريئه..


سنونٌ مضت:
بعدها انقطعت رسائلنا.. ومضت سنون.. أصبحتُ ناضِجا .. ومؤكد قد نضجت هي
قبلي .. جائني آخِرُ مكتوبٍ منها .. وكانت فيها كلماتٌ اكتشفتُ لاحِقا انها
لفيروز!!! ولا اعرفُ ما قصدُ هاله بهذه الكلمات ..!! هل كانت مشتاقه؟
أم انه عتاب.. ؟ أم انها شتاتُ مشاعِرَ فيّاضه عن الشوق والذكريات؟
هذه هي الكلمات واحكموا بأنفسكم:

شو بيبقى من الرواية
شو بيبقى من الشجر
شو بيبقى من الشوارع
شو بيبقى من السهر
شو بيبقى من الليل من الحب من الحكي
من الضحك من البكي
شو بيبقى شو بيبقى شو بيبقى يا حبيبي
بيبقى قصص صغيرة عم بتشردها الريح

شو بيبقى من الملاهي من رصيف القمر
من الناس اللي حبوا من اللوعة من الضجر
شو بيبقى من البحر من الصيف من المضى
من الحزن من الرضى
شو بيبقى شو بيبقى شو بيبقى يا حبيبي
بيبقى قصص صغيرة عم بتشردها الريح

مع قصص الريح غرّبني
ع شطوط العمر غرّبني
واكتبني اكتبني عالورق اكتبني
عالحزن وعالزهر عالصيف وعالبحر
عالشجر وعالضجر وعالسفر اكتبني

شو بيبقى من الرواية شو بيبقى من الشجر
شو بيبقى من الشوارع شو بيبقى من السهر
شو بيبقى من الليل من الحب من الحكي
من الضحك من البكي
شو بيبقى شو بيبقى شو بيبقى يا حبيبي
بيبقى قصص صغيرة عم بتشردها الريح


>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

أمّا حمدون فغيرتهُ السنون .. صار يمر اليوم بجانبي لا سلام ولا كلام!!
الدنيا .. وما ادراك ما الدنيا
__________________
لا لَــيــلَ يـكـفـيـنــا لـنـحـلُـمَ مـرّتـيـن

التعديل الأخير تم بواسطة عمر حامد ; 28-03-2011 الساعة 08:13 AM
رد مع اقتباس