عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 27-07-2011, 09:49 AM
الصورة الرمزية فاطمه القمشوعيه
فاطمه القمشوعيه فاطمه القمشوعيه غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: In someone's heart
المشاركات: 2,581

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى فاطمه القمشوعيه
افتراضي


\

الصوم في السفر ..

السؤال:
أيهما أفضل الفطر أم الصوم في السفر ؟



الاجابة:
جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام الربيع - رحمه الله - من طريق أنس - رضي الله عنه - أنه قال : (سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنا الصائم ومنا المفطر ، فلم يعب الصائم من المفطر ولا المفطر من الصائم) ، وروى الحديث الشيخان وغيرهما بلفظ (فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم) ، وعلى كلتا الروايتين للحديث حكم الرفع ، فأما على رواية الربيع فإنه نفي أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاب صائماً من مفطر ولا مفطراً من صائم ، أي لم يقرهم على الصوم وحده دون الإفطار، ولم يقرهم على الإفطار وحده دون الصوم ، بل كانوا جميعاً سواءً في الحكم ، وبذلك أقرهم - صلى الله عليه وسلم - على ما هم عليه . أما على الرواية الأخرى فإن الحديث يدل على أنهم كانوا متقارين على الصيام والإفطار معاً ، وكان ذلك باطلاع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ السفر كان بصحبته ، وفي هذا ما يدل على أن هذا الحكم أقره - صلى الله عليه وسلم - وتقريره - صلى الله عليه وسلم - كفعله وكقوله ، فيعطى الحديث حكم الرفع . أما من حيث الأفضلية فالناس مختلفون في ذلك ، فمنهم من فضل الصيام لقوله تعالى : {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة : 184] ، ولكن الآية ليست نصاً في الموضوع ، فهي جاءت بعد ذكر الفدية لمن كان مطيقاً للصيام ، وفي ذلك أخذ ورد بين العلماء ، حتى أنهم اختلفوا في هذه الفدية : هل حكمها باق أو هو منسوخ ؟ كما هو مبسوط في كتب التفسير والفقه . أما الذين قالوا بتفضيل الإفطار على الصيام فقد استدلوا ببعض الروايات منها : حديث : "ليس من البر الصيام في السفر" ، وهو حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري من طريق جابر بن عبد الله ، ولكن في رواية الحديث ما يدل على السبب ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً قد ظلل عليه من شدة ما كان يلقى في صيامه ، فقال - صلى الله عليه وسلم - "ليس من البر الصيام في السفر" ، أي إذا بلغ الإنسان إلى مثل هذه الحالة . والحديث وإن استدل به الذين لم يجيزوا الصيام في السفر حتى قالوا: (من صام في سفره كمن أفطر في حضره) أخذاً بهذا الحديث ، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يفطروا في عام الفتح ، إلا أنه لا حجة في الروايتين على ذلك. أما حديث "ليس من البر الصيام في السفر" فهو وإن ورد بسبب خاص وكان بصيغة عامة ، وقد قال العلماء : (لا عبرة بخصوص السبب مع عموم اللفظ) ، إلا أن هنالك قرائن تدل على مراعاة هذا السبب في مثل هذا الحكم مع الجمع بينه وبين الروايات الأخرى ، هذه القرائن هي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه صام في السفر وأفطر ، والصحابة كانوا يصومون ويفطرون ، فمع وجود مثل هذه القرائن يتبين أنه - عليه أفضل الصلاة والسلام - أراد تطبيق هذا الحكم على من وصل إلى هذه الدرجة من الضعف بسبب صيامه في سفره ، فليس من البر أن يصوم ، ومن العلماء من قال بأن ذلك ليس من البر الذي بلغ حد الكمال ، ولا يعني أن ضده فجور ، ومثله مثل قوله تعالى : {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } [آل عمران : 92] ، مع أن الإنسان إذا أنفق في نفقات التبرع من رديء ماله لا يقال بأنه ليس من الأبرار ، وأن عمله هذا من الفجور ، ولكن ليس ذلك من البر البالغ حد الكمال . وفعله - صلى الله عليه وسلم - في عام الفتح وأمره لأصحابه بأن يفطروا إنما كان لأجل مواجهة العدو، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - في بداية الأمر أقر أصحابه من أراد منهم الصيام، فقد صام هو وأصحابه حتى بلغوا الكديد فأفطر ، وأمر أصحابه بادئ الأمر بالإفطار فكانت رخصة - كما يقول أبو سعيد الخدري - ، ثم قال بعد ذلك: "إنكم مصبحوا عدوكم فأفطروا فالفطر أقوى لكم" فكانت عزيمة ، أي تحولت الرخصة إلى عزيمة من أجل مواجهة العدو ، ولا يعني ذلك أن الفطر في السفر واجب على من كان قادراً على الصوم بل هو مخير بين الإفطار والصيام ، وإنما يترجح الإفطار عندما يواجه الإنسان مشقة ، ويترجح الصيام عندما يكون في راحة من غير مشقة ، لأن مشروعية الفطر في السفر من أجل دفع الضرر ونفي الحرج ، ومع انتفاء الضرر ورفع الحرج يترجح الصيام في ذلك الشهر الكريم ، حرصاً على أن يكسب الصائم في ذلك فضل الشهر بجانب كسبه فضل الصيام ، والله أعلم.
وقال سماحته في جواب آخر : المسافر له أن يفطر في رمضان ما دام مطالباً بقصر الصلاة ، واختلف في الأفضل من الصوم والفطر ، وإنما الأولى أن تراعى الظروف والأحوال ، لأن إباحة الفطر للتيسير بدليل قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة : 185] والله أعلم .
__________________
رد مع اقتباس