عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 07-04-2012, 10:18 PM
الصورة الرمزية دافئة
دافئة دافئة غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
الدولة: لا أجدني !
المشاركات: 46

اوسمتي

Post

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحيق الكلمات مشاهدة المشاركة
الساعة قاربت على السابعة مساء.... الشفق حمرته داكنة اليوم .... في حي راقي
حيث صفائح الأسمنت تتقاسم مع البشر ... قسوة الأفئدة... هناك تجمهر مجموعة من الناس حول شقة.... بالطابق الأرضي ... قال أحدهم: محدثا الحارس: الرائحة تنبعث من هنا.................................................................................................................
تَقدمَ الحَارس العجوز ، يَمشي الهوينا ، حتى وَصل إلى الباب الموصَد ، وبمساعدة بعض الشباب المتجمهر ، تمّ كَسرُ البَاب ، الشقة مُظلمة إلا مِن نورٍ خافتٍ ينبعث مِن إحدى الغرف،
ساد الصمت ، ولم تنطق سِوى الرهبة المفضوحة في ملامح الجميع ، وصل المُحقق ، وأمر الجميع بالإبتعاد عن الموقع ، وباشر هو وفرقته عملهم ،
هُناك منزوياً عن الكلّ يجلسُ طفل يُحدّث نفسه ويبكي ، ثمّ بدأت شهقاته بالعلوّ حتى جاءه أخاه مُهدئاً : ما بِك يا خالد؟
صَديقي ! صديقي ، هل سَيكون بِخير ؟
طمأنه بأن كلّ شيء سيصبح بخير ، وابتعد بِه عن مكانِ الحَدث ،
في الشقة أنهى المحقق وفرقته كلّ التحريات ولم يعثروا على أدلّه فاصِلة ، إذ أخفيت آثار البصمات بِعناية تامّة
شقة مظلمة ، زُجاجٌ مُحطّم ، ورائحة نتنة ، ونافِذة مُشرعة قَد قُطّعت ستائرها بِعناية ، وتحت أحد الأسرّة جسدُ طِفل ملفوف قَد فَارق الحياة !
انتقل المحقق وفرقته إلى حول المَبنى ليكملو تحرياتِهم ، خلف المبنى ، هناك ساحة خضراء كبيرة
ويلف المبنى بعض الأشجار الكَبيرة ، في الشجرة المُقابِلة لنافذة الغرفة كانت هُناك قِطعة مُمزّقة عليها آثارُ دَم قد بدأ يَجف ، وضعت القطعة بعناية في احدى الزجاجات، ونقلت والطِفل الميّت إلى المُستشفى لعمل الفحوصات اللازمة مِن قبل الطبيب الشرعي ،
فِي محل الآيسكريم كان الطفل خالد شارد الذهن ما جفّت دمعاته الطاهرة مِن على خديه ، وعبثاً يُحاول سامر إرضاءه وإلهائه عن ملامح صديقه راشد العالقة بذاكرته ،
نطق خالد : " أخي سامر ما معنى الموت الجميل ؟ "
تسمّر سامر قد فاجأه سؤال خالد ثم قال : من أخبرك بأمره ؟
- راشد يا سامر، راشد !
- ما شأن راشد بالموت الجميل؟
- راشد يقول بأن أمه ستهديه الكثير من الهدايا في الجنّة مقابل الموت الجميل !
هو ذهب إلى الجنة بالهدايا وبقيت أنا آكل إفطاري في المدرسة لوحدي دون راشد .
صمت سامر طويلاً ، ثم أسرع عائداً إلى منزله ،
في تلك الأثناء .. قدّم الطبيب الشرعي ما لديه في تقرير مفصّل عن حالة الطفل " راشد"
وقد ذكر في التقرير بأن الطِفل مات دِماغياً ثم تمّ سحب أعضاؤه (القلب ، الكبد ، والكليتان) ، وخياطة الجروح بشكل مستعجل وغير متقن ، وقد فارق الحياة نتيجة لذلك ,
وقدم التقرير التالي من قبل المحقق والذي كان استجواب لكل من يعرف أسرة راشد
الطفل راشد محمد ، عمره 9 سنوات ، ليست لديه عائلة حقيقة ، تبناه شخص يُدعى سعيد مات قبل سنتين ، وقد أوصى بالكثير بثلث تركته كاملة لراشد ، بعدما جاء راشد كثرت مشاكله مع زوجته "فادية" ، وعندما كبر وبعد الوصية كبرت المشكلة لتنتهي بالطلاق ، فادية لديها ابن واحد "كامِل" يعاني من أزمات ، ومنوم دائماً في المستشفى ، كامل ليس ابن سعيد ، بل ابن زوج سابق لفادية ،
بدأت خيوط الجريمة بالتفكك شيئاً فشياً في ناظريّ المحقق ، وتم استدعاء فادية للمثول أمام التحقيق ،
أنكرت معرفتها بأي شيء ، ولم تجب على كثير من أسئلة المحقق ، واقترح أخيراً عليها أن يزورا ابنها كامِل ، ما بث الرعب في قلب فادية ، واعتذرت بمشاغلها التي لا تنتهي ، وطالبت بذلك في وقتٍ لاحق ،
وبينما هي تتلقى مكالمة على هاتفها الجوّال ، إذ خرج بدون قصد طرف 3 تذاكر سفر، لم يفت المحقق ذلك ، وأصرّ على أن يزور المستشفى الآن وإلا سيضطر لحجزها
كان الطبيب المُشرف على حالة كامل شديد التكتم على كلّ شيء ، مما يثير الشك بأنه طرفٌ في الجريمة،
اتضح كلّ شيء بعدما عرف الجميع بأن الطبيب هو والدُ كامِل ! وأن الحمض النووي في القطعة المُمزّقة طَابق دم فادية ،
بعد التحقيقات ، خرجت الصحف بـ أبشع جريمة مرّت على ذلك الحيّ إذ لم يكتفى بالقتل بل رافقته تلك السرقة البشعة ،
في صباحِ السبت ، كانت المدرسة تضج بالأطفال ، إلا مِن طفلٍ انزوى في مكانه لا يشعرُ بِمن حوله يبكي راشد
أحيلت فادية إلى القِصاص بعدما انهارت واعترفت بكلّ شيء ، وأحيل الطبيب للمحاكمة ، وعلقت في أذهان الجميع مقولة " بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين "
وخرجت الحادِثة بثلاثة أطفال لا ذنب لهم ..
بِطفل مَات ببشاعة ووحشيّة،
وطفلٍ ماتت فرحته بموت صديقه،
وطفل عاد إلى الحياة بأعضاء ضحية في عمره ،
لا أدري أي صدمة سيتلقاها عِندما يعلم بأن أعضائه التي بثّت فيه الحياة مِن جديد ليست لَه !
إنما تلكم الحياة التي وهبت لَه لم تَكن سِوى سرقة وَ نهاية لحياة طفلٍ بريء .

التعديل الأخير تم بواسطة دافئة ; 07-04-2012 الساعة 10:21 PM
رد مع اقتباس