عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 01-05-2012, 10:34 AM
الصورة الرمزية فاطمه القمشوعيه
فاطمه القمشوعيه فاطمه القمشوعيه غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: In someone's heart
المشاركات: 2,581

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى فاطمه القمشوعيه
افتراضي

\

عبدالله بن صخر العامري... شيء من الذكريات



وعندما يكون أو أكون خارج الوطن نتواصل بالرسائل والمكاتبة ومن رسائله المتبقية عندي حتى الآن رسالة أرسلها من القاهرة بتاريخ 26/6/1972م وفيها ينبئني عن حالته في مصر وهو يزورها لأول مرة وعن الدورة التي كان فيها في الإذاعة المصرية وفي هذه الرسالة يقول "أما عن عودتي إليكم فسوف تكون قريبا بعد أن تنتهي دورة التدريب التي أنا مستمر فيها والحمد لله بنجاح وهي دورة خاصة وضعها المسئولون ببرنامج شيق مفيد وليس معي فيها أحد وسوف أصل مسقط قبل نهاية يوليو" وفي رسالة أخرى من جدة عندما كان يعمل بالسفارة العمانية هناك وكان تاريخ تلك الرسالة 7/3/1975م يقول "أحييك وأحيي فيك الإخلاص وأشكر لك الوفاء وأعتز بك أخا وصديقاً كريما.. أتمنى أن نلتقي لأنني دائما وأبدا أسعد بلقاء الإخوة المخلصين وأنت بطبيعة الحال في طليعة المخلصين" وفي بطاقة من لندن كتب إلي بتاريخ 26/1/1975م "يوسفني أولاً أن أسافر في نفس اليوم الذي كنا اتفقنا أن نلتقي فيه فأرجو المعذرة ومنذ يومين وصلت لندن مصطحباً سعادة السفير والجو هنا جميل وبارد جدا وملابس ثقيلة ومطر بين حين وآخر وأسواق زاخرة وحياة عمل وفي نفس الوقت هدوء ونظام" والسفير المشار إليه هو الشيخ هلال بن علي الخليلي الذي كان يومها سفيرا للسلطنة في المملكة العربية السعودية وفي بطاقة ثانية غير مؤرخة قد تكون في بدايات الثمانينات من لندن في سفرة أخرى في الصيف هذه المرة "من لندن وهي ترتدي هذا الصيف حلة خضراء يعمها الدفء وينتشر في جوانبها المئات من السياح العرب".
بقي أن أقول أن للرجل كان حضورا طاغيا على أكثر من صعيد وقد خدم الدولة في أكثر من مكان من التربية إلى الإعلام إلى الدبلوماسية إلى الصحة إلى الإسكان فالإعلام مرة أخرى ثم الداخلية وبعد ذلك التراث والثقافة التي كانت آخر محطات عمله الحكومي.
إضافة إلى إسهاماته الكثيرة المتنوعة في مجالات الأغنية والفن والثقافة والصحافة والأدب والأنشطة الشبابية والاجتماعية. وكان طيلة حياته متدفقا بالحيوية والحراك البارز النشاط المتصل والحضور المتألق لا يطيق الإنزواء والسكون بل هو دائما يحمل راية العمل متفاعلا ومشاركاً ومساهما ومعطيا ومحركا ومحفزا وكان أسعد وقته حينما يكون وسط الرفاق والأصدقاء.
قدم الكثير وكان ذا طموح كبير وهمة عالية وعزيمة واثقة وصلابة مكينة ونزوع إلى ما هو أكثر وأفضل وأجمل يتطلع دوما إلى الغد القادم مفعما بالآمال الواسعة والتوقعات الكبيرة الجيدة لم تثنه معوقات الحياة وصعوباتها ولم تحبطه تحديات الزمن وتقلباته بل ظل متحليا بالتفاؤل والأمل ولكن تطلعاته وأمنياته لعلها لم تتحقق كما كان يصبو ويبتغي ويتأمل.
ولعله مات وفي قلبه شيء من مرارة إحساس أنه لم ينل حقه الذي يرى أنه يستحقه لقاء ما قدمه من جهد وعطاء في وقت نال فيه من هو أقل منه بمسافات أكثر من حقهم.
لقد أعطى بسخاء ولكن حظوظه لم تكن كما كان يتوقع ويأمل فقد عاندته الأيام وخذله الدهر ثم فاجأه المرض وهو في عز حيويته وكامل صحته فأنهكه وزلزل جسده القوي حتى أخذ نفسه كلها في النهاية ولكنه كان قي قمة الصلابة والتحدي وعدم الاستسلام لضغط الزمن أو لسطوة الأمراض وشدتها وقسوتها وظل يقاومها ويواجه طعناتها بإرادة قوية لسنوات عدة دون أن ينهزم أو يتغير أو يفقد مرحه واستمتاعه بالحياة حتى أقصى حدودها يعب كؤوسها لغاية الثمالة في مسرة وهناء.
لم تفارقه قط بسمته المعتادة وضحكته العالية المجلجلة ملازما الندامى والسمار من الأصحاب والخلصاء محتفيا بالأصدقاء متصلا بالناس متجددا في السعي راغبا في العيش منسجما مع الظروف في غير قنوط أو اهتزاز بل في سعادة وابتهاج إلى أن فارقت روحه الجسد في سهولة ويسر.
* * *

أحمد الفلاحي
__________________
رد مع اقتباس