عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 01-05-2012, 10:28 AM
الصورة الرمزية فاطمه القمشوعيه
فاطمه القمشوعيه فاطمه القمشوعيه غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: In someone's heart
المشاركات: 2,581

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى فاطمه القمشوعيه
افتراضي

\

عبدالله بن صخر العامري... شيء من الذكريات

حينما دخلنا بوابة مبنى الإذاعة لأول مرة أوائل عام 1971 كان أول من استقبلنا بابتسامته المعهودة ودماثته المميزة وكنا قبل رؤيته قد عرفنا صورته التي كانت تنشرها جريدة "الوطن" عند حديثها عن برامج الإذاعة ونشرات الأخبار وكانت هي الجريدة العمانية الوحيدة في ذلك الوقت. ومن خلال الإذاعة العمانية كان صوته القوي المعبر قد دخل أسماعنا قارئاً لنشرات الأخبار ومقدما للبرامج بالإضافة إلى تعليقاته السياسية اليومية التي تجيء في المساءات يوميا عقيب نشرة الأخبار. وكان هو النجم الأول للإذاعة متفرداً بلا منازع في تلك الفترة فهو يقرأ النشرات ويجري المقابلات ويعد البرامج المتنوعة.
وكانت معظم البرامج بصوته ومن إعداده على اختلاف صنوفها التنموية والثقافية والسياسية والتاريخية والمنوعات وكان صوته من خامة الأصوات الإذاعية النادرة التي تخترق الوجدان وتحرك النفوس لهذا كان الصوت الأثير والمحبب لكل مستمعي إذاعة مسقط في ذلك الأوان ولم يكن الصوت وحده فقط هو الذي حمله إلى دخائل الناس وإنما مع الصوت كانت إلماماته المتنوعة واهتماماته المتعددة التي اقتطفت من كل بستان زهرة من الشعر إلى التاريخ إلى الموسيقى والغناء إلى السياسة والثقافة والاقتصاد والمقابلات. وكذلك طريقته المميزة في التقديم وقبل ذلك وبعده تمكنه من اللغة العربية وأساليبها وكان الناس وهم يتابعونه يفتخرون به وبمهارته الإذاعية الممتازة التي يجدونها حينما يقارنون في مستوى لا يقل عن مهارات مذيعي الإذاعات الراقية المسموعة حينذاك كإذاعة لندن وإذاعة صوت العرب من القاهرة وإذاعة صوت الساحل من الشارقة التي جاء منها مدير إذاعتنا يومئذ المذيع اللامع أحمد المنصوري أول من قال "هنا إذاعة عمان من مسقط" ولم يكن عبدالله بن صخر متخصصا في الإعلام أو على دراية بالعمل الإذاعي وأول إذاعة يدخلها في حياته كانت إذاعة "صوت الساحل" في الشارقة التي ذهب إليها في دورة إعداد سريعة لمدة أسبوعين في أكتوبر 1970م ولكنه كان إذاعيا بالسليقة والموهبة فقد استطاع في أقصر مدة أن يصبح من الإذاعيين المجيدين وتفوق على كثير ممن سبقوه في ميدان الإعلام والإذاعة من المتخصصين والدارسين لهذا الفن بشهادة كل من عرفه وتابع أداءه الإذاعي في بداياته الباكرة ومنهم أساطين إذاعة القاهرة وإذاعة صوت العرب الذين لفت أنظارهم حينما كان في القاهرة لدورة تدريبية امتدت في حدود نصف العام أو أكثر بقليل وقد لاحظوا تفوق موهبته واستعداده الفطري للعمل الإذاعي وبهرتهم قدراته كما لو كان متخصصا فيه وممارسا له من قبل وكانوا يستغربون حين يعلمون أنه ليست له تجربة مع الإذاعة من قبل ولم تكن له أدنى معرفة قط بها وعلاقته الوحيدة مع الإذاعة كانت حتى ذلك الوقت تتمثل في كونه من عشاق الإذاعات ومن هواة الاستماع لها وتتبع برامجها والحوارات التي تتم فيها من قبل أن توجد الإذاعة في عمان كما أخبرني هو نفسه حيث كان مستمعا جيدا لإذاعة صوت العرب من القاهرة وإذاعة بغداد وإذاعة "صوت الساحل" التي كانت تبث من الشارقة وإذاعة لندن التي كان معظم الناس يتابعونها يوم ذاك إضافة إلى الإذاعات الأخرى التي يتيسر له التقاطها في أواخر الليل وتلك المواظبة الدائمة على استماع الإذاعات والتعلق ببرامجها ونشراتها وأساليب وطرائق المقدمين فيها هي التي هيأته حينما افتتحت الإذاعة العمانية أول مرة في أغسطس 1970 للالتحاق بها والبروز فيها ومما ساعده على النجاح في مهمته الجديدة معرفته بكل ما تقدمه الإذاعات من البرامج والأخبار والمحاورات وحسن الاختيار وصور التقديم والإلمام بكثير من الجوانب التي تعالجها الإذاعات وتتناولها وتلتفت لها في برامجها في ذلك الزمن على اختلاف توجهات تلك الإذاعات والسياسة التي تنتهجها كل منها وكان وعيه وفطنته ورؤيته المميزة لما تقوم به هذه الإذاعة أو تلك جعله على دراية بالفروق وأحيانا حتى التناقض بين إذاعة وأخرى كما هو مثلا حال إذاعة لندن وإذاعة صوت العرب فإذاعة لندن لها اهتمامات وتوجهات تغاير وتتناقض مع رسالة صوت العرب وينعكس التوجه على كل شيء تقدمه الإذاعات حسب السياسة التي تسير عليها حتى الأغاني والمنوعات يتم توظيفها لتكون منسجمة مع التوجه المراد ولا شك أن مداومته الاستماع لإذاعات ذلك الوقت ومتابعته كذلك للصحف والمجلات والدوريات التي تصل إلى عمان وقتها قد وسع من ثقافته العصرية وأضاف إليه معرفة أكثر وأسهم في تطوير ما لديه من المعارف الحديثة وكون لديه رصيدا من المعلومات والخبرة والوعي عزز تمكنه من الوقوف في مصاف كبار الإذاعيين المتمرسين بكل ثقة واقتدار وقد ظهر تأثره واضحاً بتعليقات صوت العرب السياسية في التعليقات عالية النبرة التي كان يرسلها عبر إذاعة مسقط حينذاك في أسلوب مؤثر أخاذ يعبر عن مناخ تلك الأيام وأحوالها ـ وأنا هنا إنما أتكلم عن مقدرته المهنية ـ وكانت تلك التعليقات التي يلقيها في حماسة شديدة بصوته تحظى بالاهتمام من لدن طائفة كبيرة من الناس.
قلت إننا عرفناه صورة وصوتا قبل لقائه فلما التقيناه بابتسامته المميزة وبضحكته الجهيرة المسترسلة وبطريقته المتميزة في لف الـ"مصر" التي لا تشابه لفة أي أحد آخر وبأخلاقه الرفيعة ومعاملته الرائعة وأسلوبه المهذب ـ صدق الخبر الخبر ـ كما قال القائل القديم.
__________________
رد مع اقتباس