عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 17-09-2013, 07:29 PM
أيمن الجهضمي أيمن الجهضمي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2013
الدولة: /.. عَرْشُ حَرْفٍ جَائِرْ !!
المشاركات: 174
إرسال رسالة عبر MSN إلى أيمن الجهضمي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أيمن الجهضمي
افتراضي





/.. لا أعلمُ لمَ ..
أزوركِ فِي ذاتِ الحانةِ دائماً .. أجلسُ بجوارِ النافذةِ القديمةْ .. على كرسيٍ متعبْ .. وذاك الشيخُ يمسكُ بزجاجةِ نبيذٍ بيدٍ ويُشغِّلُ إسطوانةً لمقطوعةٍ غجريةْ .. تبدؤُ بنحيبِ النايْ .. وتغرسُ غضبَ البيانو على صدرِ مقطوعتها المشؤومةْ ..
وكأنها زفيرُ الشيطانِ منْ رئةٍ أعطبها تنفسُ كلِ ذلك الماضي العتيقْ .. الماضي الذي تعثرَتْ أمنياتهُ بحجارةِ واقعٍ جائرٍ ليُسقطها في وحلِ المحالْ .. ليبدو وقوفها بعدَ السقوطِ أعْوجاً عصياً على المشيِ المسقيمِ نحوَ مغيبٍ النسيانْ ..
زهـرةٌ متهالكةٌ ومصباحٌ يترنحُ أمامَ سطوةِ الريحِ ونذيرُ الشؤمِ يَدُسُ غيبوبتهُ تحتَ جلدِي الخَشنْ .. هذا الجسدُ المجعدُ لمْ يعُدْ يصلحُ لغرسِ أمنيةٍ ربيعيةْ .. فالشتاءُ الذي أحكمَ سُلطانهُ على مملكةِ الفصولْ قمعَ كلُ ثورةٍ لمواسمِ الزهورْ .. والطريقُ إلى القلبِ أصبحَ ممرِ وريدٍ نمتْ على أطرافهِ طحالبُ البؤسِ تقبعُ على خمرهِ الأحمرِ الآسنْ .. وذاكَ الجوفُ لمْ يعدْ يحتفظُ بزفراتِ وجدانهِ بعدَ أنِ احتطبتِ الوحشةُ بعضَ أضلاعهْ .. وصحراءُ الوجهِ ما عادَ يحملُ إلا أثراً لوادِ العينِ الذي غذَّاهُ البُكاءُ طويلاً .. والبصرُ ما غضَّ يدهُ نحوَ الوجوهِ يتفرسُ فيها ملامحكْ .. حتى الشَّمُ الضعيفُ ما امتدَ إلى مكامنِ عطركْ ..
هَـــهْ .. أكانَ اللِسانُ يوماً ليظنَ بأنهُ سينتصرِ على دهاءِ المذاقِ المُرِّ لهذهِ الحياةِ البائسةْ ؟؟
أمْ حملَ إليهِ ملمسُ الذكرى الناعمةِ أملَ فكرةٍ فقيرةٍ أنَّ التاريخَ سيعيدُ كتابةَ الألحانِ كواقعٍ استدركَ قسوتهُ فرأفَ بمصيرِ حلمٍ لنْ يتحققَ لمجردِ توقفِ حياتِنَا قبلَ إحتضارِ زمانِنَا فتمنى أنْ يَلعقْ قطعةَ سُكَّر ؟؟
تباً لكلِ عقلٍ يؤمنُ بعقيدةِ المضيِّ نحوَ الوراءْ .. فكيفَ يخطو إلى الوراءِ منْ لمْ يستطعْ يوماً أن ينتصرَ على مشهدِ الغدِ الضَبَابِيِّ ليعيدَ إلى إلإنزلاقِ أن يمارسََ بِنَا عبثِيَتهُ عندَ كلِ مفترقْ ..
كلُ هذا الجليدِ الذِي يحيطُ بعالمنا لـنْ يذوبَ حتى لو أقسمَ الصيفُ على زيارتنا عنوةْ .. فالشتاءُ الذي كانَ هذا الجانبُ نصيبهْ .. جعلَ للخريفِ منْ جانبهِ المظلمِ نصيباً حقيراً يُوزعهُ على رجلٍ طويلِ الحزنِ لا تَقيهِ منْ برودةِ الوجعِ معاطفُ الإنتظارْ .. يقرؤُ خبرَ غيابكِ في صحيفةِ ذاكرتهِ كلَ حينْ .. فترجُمُ القهوةَ فاترَ طعهما في فمهِ الممزوعِ منْ إدراكِ ماهيتها وهي تتمنى لو أنها كانت حُبلى بِسُمٍ يقتلُ شبحهُ الذيُ لا زالَ يتعفنُ قبلَ بلوغِ الرحيلْ .. الرحيلُ الذي دائماً ما يخسرُ فينا نحنُ فقطْ معركةَ الإختفاءْ .. لنعودَ ونأتِي بعدَ ما هو ربما طولُ إِخْتِباءْ .!



رد مع اقتباس