عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 06-03-2013, 08:17 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...ما من ريبٍ-أخي المبدع الكريم خميس-أن هناك فارقاً جوهريُّا في الدِّلالةِ والاصطلاح بين ( الحياء ) و ( الخجل )،وبينهُما بلطفِ الإسلام وعلم النفس بَوْنٌ شاسِعٌ...

الحياءُ-كما نعرف-هو شعور المرء القوي بمسحةِ انكفاءٍ إيجابيةٍ،تعتريه حَيَالَ موقفٍ يستدعي شيئاً من الأريَحيةِ النفسية،تمنعه من أن يُجاهرَ بمظهر ذلك الموقف،ولو كانَ في أصله مشروعاً مباحاً،كحياءِ الفتاة لحظة إذنها في الخِطبةِ أو حياء الإنسان المسلم لحظة طلبه من أخيه حاجة،لا مندوحة له في طلبها،أو تحرجه لحظة الثناء عليه ولو كان الثناءُ مُستحَقًّا،أو حساسيته الشديدة حين يقع عليه إجماعٌ يدفعه لصدارة أمر معين..الخ..الخ...

وهذا الحياء-كما هو معروفٌ-أمارة خيْر وشارة على خلق رفيع ودليلٌ على وجود القلب الحيِّ بين شِغافِ الصدر..كيفَ لاَ..؟؟ وهذا هو النبي عليه الصلاة والسلام-وهو أكملُ نفسٍ بشريةٍ عرفتها البشرية-يوصفُ في صِحاح الآثار بأنه (( كانَ أشدَّ حياءً من العذراء في خِدرها ))...

الحياء-أخي الكريم-لا يتعارضُ أبداً ووجودَ الشجاعةِ الأدبيةِ في شخصية المسلم القوي بجراءته في الحق ومقارعة الباطل وزيغ أهله،لأن المسلمَ يترفعُ عن الدنايَا وسفاسف الأمور في غيْر بطر وكبر وعجرفةٍ فارغةٍ،وهو يتواضعُ ويخفض جناح الذل من الرحمة لإخوانه في غيْر إحساس بالمذلةِ والهوان والانكسار الخنوع...

إنه في غاية الأدب واللين والرفق والمرونة،وفي غاية الإحساس المرهَفِ والرقةِ الشفيفة الحانية،وهو-بما يملكُ من رصيدٍ تربوي وخلـُقي-سريعُة نفسُهُ في الاستجابةِ لدواعي الحِشمة والحياء،وما أسرَعَ أن تمتدَّ حُمرة الحياء-أو التي نسميها تجَوُّزاً حمرة الخجل-إلى وجنتيْهِ،فتتوردان احمراراً،لا يزيدُهُ إلا نوراً وجمالاً ورفعَة ً..بَيْدَ أنه حين يُرَادُ في موقفٍ يستدعي الصلابة والحزم والحسم فإنه-بما يملكُ من قوةٍ وعزمٍ وتصميمٍ في شخصيته-ينطلق لا يلوي على شيءٍ حتى ينالَ مرادَه في تحَدٍّ ومناجزة...

أما الخجل فشيءٌ آخرُ تماماً...

إنه انكفاءٌ سلبيٌّ في أغوار النفس،يَدفعُ الإنسانَ إلى الهلهلةِ في أفعاله وأقواله وكذلك في ردود أفعاله وأقواله بما يكشفُ عن وجودِ عقدةِ نقصٍ بسيطةٍ أو هائلةٍ في لا شعوره أو عقله الباطن،فتظهرُ جلية ًفي وعيه على صورة فقدانٍ مستمر للتوازن النفسي والعقلي حَيَالَ أيِّ موقفٍ ولو كانَ سهلاً ميسوراً بسيطاً...

ولعقدة الخجل هذه أسبابٌ ودواعي شتى..ربما كان أكثرَها أثراً وتأثيراً البيئة المحيطة بحياة الشخص ( كعلاقته بوالديه وطبيعة الحياة الأسرية ذاتها،كوجود حدثٍ معين في حياته الباكرة تسبب في وجود رهاب وهمي دائم في عقله الباطن،كحالة العزلة الشديدة التي تفرضها بعض الظروف القاهرة بما يترتب عليه الفشل الدائم أثناء الاحتكاك بالغير ولو كان زمالة أو صداقة،وهذا السبب من شأنه أن يولد عقدة الخوف من الفشل التي تبقى في وعيه طوال الوقت ؛ الخوف من الفشل أثناء الكلام..الخوف من الفشل أثناء التعامل..الخوف من الفشل أثناء ممارسة أي شيءٍ... )...

لعلك-أخي الكريم-رحتَ بمقالك هذا تقتفي هذا الفارق بأسلوب استقرائي جميل وشيق وممنهَج...

بوركَ فيكَ وفي طرحك...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 07-03-2013 الساعة 08:39 PM
رد مع اقتباس