[ناجى جوهر]

حكاية شعبية





أي قمراوت النطله





الــــــــزّار




ويوم قربن من الكرفايه تجشّع الحارس الأمين جشعا طويلا طويلا

وطلّع ريحه شخله شخله ما استحملينها الخاينات، وخرجن ركيض وهن قابضات على خشومهن

وجن الليله الثانيه والثالثه يدحدحين، وهو يسوّى معاهن نفس الشي، فعرفن أنّو الرجّال محروس

ونهار ثاني ومن فجر الله طرّشت أي قمراوت على معلّمتها الكبيره، وخبّراتها بالسالفه، فلاكان المعلّمة

غلبت تقرب من قصر السلطان، وقالت: آني ملزومه عليّ عهد وميثاق، وغلبت تكشف السر اللي يمنعها

فأرتبشت أي قمراوت وما درت كيف تتخلّص من ابوها، وجلست زرمانه فوشوشت لها وحدا من البقر

لي يسايرينها، فضحكت وضحكت واشترح قلبها الأسود، وطرّشت مطاريشها رايحين جايين، وبعد المغرب

تفاجأ الحراريس بوصول شلّه من الكيهنات المتبرقعات، ومن وراهن خمسه مدري ستّه من أصحاب الزار المعروفين

معاهم طبول ومزامير ومجامر وبخور جاوى وقحوف صفيلح وكزاب، وحنضظاوب، وكرمباخ، وحنّيس

وعُدّه غريبا عجيبا سيوف ودبابيس وجلود وشعر وبعر وثيفر، ومنعت بنت السلطان دخول أي مخلوق غرفة الشيبا

وأمرت الطبّابيخ يشعقون نار في الحطب ويطرحون عليها المراجل ويتوخّرون، ويوم توخّرو انترست المراجل ماي

من نفسها، فأفتذرو لاكن ما ستانسو يخرجو، وبعد شوي شافو المعاصد بتقتلب من نفسها، وشمّو ريحة لحم

ما هو لحم بقر ولا هو لحم غنم ولا هو من ذبايح البشر، فما عاد حجو عقل، تقول ساعة وفقع الطبل

وبدت الحضره، وشلّن الكيهنات لحون الدان والطنبوره والنجيش، وتمّن يطبّلين ويزمّرين ويصفّقين

ويصفّرين ويرقصين، وينجشين نجيش فجعه فجعهن، وذولاك الدخوس بيغنون أغاني الزار:


شي لله شي لله *** عبدالقادر شي لله

شي لله شي لله ** كورن عليك شي لله

و

يو كوفر نزل نزل با نعطي سمن وعسلا

و

آني آني أم الصروم ** لا شي صلّي لا شي أصوم

وإن دقّيتو فلفل وثوم ** يحرق اللي في البالعوم

وقامن ينادين ويجلبين وينزّلين خدمهن وشيوخهن من الجن والعفاريت وهن بينطين وبيقحمين

ويدهفين صدورهن بالحيس وأستوى الجو في الحضره فجعه فجعه، من كثرة البخور والدخون

والسلطان الكسح مش قادر يتحرّك ولا يثور من السرير، بس يصورّخ من الفذره

وما حد يسمعو بسبّت الزمير والزعيق والنعيق، واستمر طبلهن ورقصهن لا آخر الليل

وهن كل شويّة يجين على المسكين ويزعّقين في وذنو: تكلّم من أنت؟ من صاحبتك؟ با تخرج والاّ لا؟

وهو يقول: آني السلطان آني السلطان، وهن ما يصدّقينو، ويقتّينو جنّي عنيد

آخر شي قامن يكفّخينو ويضربينو، ويصفعينو ويدفشينو ويدهفينو لين داخ

وأي قمراوت ما حسّت بأي ندم ولا رحمه على أبوها لي قّدو جلد على عظم

وهذا بسبّت الدلال الزايد عن الحد من الصغر، تحسب أنو كل شي يقع لها تفعلو على كيفها

ويوم تعبن الكيهنات وشلّتهن قالت كبيرتهن: هذا شيطان مارد، وما با يجابو غير الكي

خلى با نتعشى، وبعد العشا لا ما خرج با نكويه.

ويوم سمع الحارس لي في جسم السلطان على كذا بغى يموت من الفذره.

ويوم جابو الطباخيخ الصياني تخبّرت هذيك العجوز: هذا ييه لحم حمسه والاّ ثيرِن؟

فقالت أي قمراوت: هذا لحم شمساح جبنا بو من السواحل.

واحد من الطبابخ ما استحمل شيفت مقاديد لحم التمساح، وأكترّوالزوع لاكان ربك زاع برّع

ويوم سمعينو الكيهنات جلسن يضحكين ويتندّرين عليه، وبعدما تعشن قال الكيهنه الكبيره:

وحدا منكن تجيب مجمر في بو فحم، فخرجت الخادما الوفيّه فيسع منشان تنقذ مولاها من الكيّ

وجابت المجمر والفحم، لاكن تعمّدت تخلّي الباب مفتوح شويّه، ويوم غفلن تشرخفت شوي شوي

وفتحت الدروازا على الآخر، فدخلو أقارب السلطان لي كانوا حاجرين برّع يتسمّعون وهم مقهورين

وما استانسو يدخلون مندن رخصت أي قمراوت، لأنها با تنذّل بهم، ومش عارفين أيش بيستوي في الداخل

فوكدن الشريرات يوم دخلو عليهن بالصُدفه، وارتبشين واحتاسين، وفيسع فيسع قحمت أي قمراوت

على سرير ابوها وجلست تجوّد:

أي بي بيك أي بي بيك يو عُمري

من يقوم فيني بعدك يا يبّه، يا يبّه يا خير الرجال

يا يبُّه يا اللي ترحم المسكين وتسقي الظميان وتكسي العريان

يا يبّه من با يحميني من دنيا الشر وآني جاهله بهيمت الله يا يبّه

فصدّقوها، وغضنو منها، وهي بتنخف الدموع وتنشج نشيج يقتل الآدمي

والخادمة الوفيّه بتتصهور عليها مقهوره من البياره والعياره، وخرجو الأقارب المطاحيب

وراء بعض وهم بيجوّدون، وغمزت لها الكيهنه ياخه بكره با ينجح الشُغُل، وخافت الخادمة لا يقتلين

السلطان على غفله وما درت تخبّر من بالخديعه، أمين القصر شيبه تعبان، الوزراء كلّهم شخله

وراعات مصالح، والحرّاريس مذاليل. نهار ثاني تشرخفت لابيت أخو السلطان، فلاقت زوجتو

وسبحان الله هي حسّت بأنها عيّاره، لأن وجهها كان مشتكف، وعيونها كأن فيهن نار، وبغت ترجع

لاكان المره تخبّراتها: أيش بغيتي؟ قالت: رسلاتني مولاتي أي قمراوت لا عند سيدي عوض

فقالت لها: عوض مسافر أيش بغيتي منّو؟

أمّا الحارس لي في جسم السلطان فأهتلك من الدهيف والصفع طول الليل وهمر وفزع

يوم سمع على الكي، فشرد بعمرو وترك سيدو على الله، وفزعت الجارية من شيفت المره

وتحيّرت وهمرت تخبّرها، وخرجت تعدي، ويوم وصلت البيت لاقت أي قمراوت حاجرا لها

ومعاها ثنتين مدري ثلاث من هذوناك لي يشبهين البقر، وعلى طول قبضينها من عثاكيلها

وسكّرن فومها وجرّينها، لا داخل وبدون كلام ولاسلام نزلن عليها عضّ وعًص أذن ولطم لين داخت

ويوم فتحت عيونها لاقت عمرها مرميّة جند الله قدّام خلق ما تعرفهم أوادم ولا جن والا أيش من علّه

وفي حلّه غير عن حلتها، فخزت وأفتذرت، وهذولاك بيقطرون عليها در ما در، وبالصدفا جا واحد

عادو شكل، ورمى سبيعيتو عليها وطرد راعات الفضول، ويوم تحشّمت قالها تبعيني، فمشت وراه

أمّا أي قمراوت وشلّتها فتفرّغن للشيبه بعدما شرد الحارس وضربن كليتو باكياس الرمل لين فهط

وناحت العيّاره مع جواريها، ولطمن وزعّقن لمدّة ثلاث أيام، وبعد الختم والمخالف استلمت الحكم رسمي

ومن أول يوم فنّشت قاضي القضاة والمستشارين والوزراء والمعلّمين وأهل الديانه والصلاح

منشان ما حد يوقول لها كيت ولا ما كيت، وزوّدت الحرّاس والخدم لي يحرسونها ويخدمونها

واختارت مجموعة من المحيشريه والفتّانين، رجال وحريم، حد ينقل لها اسرار الناس

وحد يشلّ الكلام لي بغاتو يشتلّ، وحد بينفّذ أوامرها بأذيّة الخلق، ودبّرت خطّه خبيثه منشان تمزق المجتمع

وتسلب أموال الناس لين يفلّسون ويفتقرون ويتخاصمون بيناتهم، ويقع لها تتحكّم فيهم على كيفها

كل هذا منشان تنتقم من البنات اللي غلبين يلعبين معاها في الطفوله

ومتمسخرن عليها ومحقينها من زمان، وقررت أوّل شي تفسد أخلاق الشباب

يتبع إن شاء الله


المفردات

تجشّع: تجشأ

شخله: كريهة

ركيض: رضكا

يدحدحين: يهرولن

غلبت: رفضت

قحوف: قشور

صفيلح: أذن البحر

كزاب: نارجيل

حنضظاوب: خرز

وكرمباخ: عطمة الحبّار

حنّيس: قواقع

دبابيس: رماح

ثيفر: بعر الماعز

فقع: صاح

شلّن: غنّن

النجيش: فنّ ريفي مندثر، يتعاطاه

المعالجون الروحانيون

الدخوس: الدلافين، مفردها دُخُس

الدهيف: الضرب براحة اليد على الصدر أو بين الكتفين

جند الله: بدون ملابس(بفتح الجيم وسكون النون والدال)

بيقطرون عليها در ما در: يدورون حولها

فهط: مات

الختم والمخالف: مراسم بعدالوفاة

المحيشريه: الكذبة والمنافقين

يشلّ الكلام: يذيعه وينشره