عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-04-2014, 12:54 AM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي الغريب المريب الجزء الثاني




الغريب المريب

الجزء الثاني


فلقد وقع بصرها على ما كان شبحا

وهو يتقّدم نحوها على هيئة رجل وسيم

ولم يعد بوسعها الدخول في الإغماء أو الفرار من القضاء المستعجل المتجه إليها

فلجأت إلى ملاذ الخائفين وشرعت في تلاوة آيات من القرآن الكريم

وتذكّرت بفضل الله ما قد أنسيت سابقا

وقبل ان تدخل في باب كشف الكرب من كتاب رياض الصالحين سمعت

كلمة السلام عليكم بصوت ٍبشري , فرد لسانها تلقائيا:

وعليكم السلام

ثم أسرعت ووضعت يدها على فمها , لأن لسانها نطق بغير رغة

أو وعي منها

فقال صاحب الصوت البشري بحياء بيّن:

هل تسمحين لي بسقاية ناقتي؟

ثم الإغتسال لصلاة الجمعة؟

فلم تتمكن من الرد , إذ لم تكن واثقة من انّ ما تسمعه حقيقا

فأنصرف الرجل معتقدا بأنها ترفض طلبه , وعندما شعرت بخطواته المتراجعة

تأكدت أنّه إنسي فأطلق الله لسانها وصاحت به:

الماء للجميع ولكنه قليل هذا الصباح

عندئذ إسترجعت الزميلتان وعيهما بالتناوب

فحمدت الله تعالى , الذي مكنّها من السخرية على جبنهما وهلعهما

من غير موجب للذعر

مخفية عنهما إغماءتها القصيرة وسر الحفرة التى أخفت الرجل وراحلته

وما تلى ذلك من احداث إرادية ولا إرادية منها

ولتؤكد لهما على شجاعتها وبسالتها حملت قربتها بعد أن شدت النقاب على

وجهها , وإتجهت إلى الرجل الغريب , فلمّا أضحت على بعد خطوات منه وقفت

ثم قالت له وهي تنظر إلى الرفيقتين بسخرية وتعالِ:

إنّ الماء شحيح وعليك الإنتظار بعض الوقت حتى يتجمع في العين وإن كنت

عطشان فأشرب من قربتي هذه , فشكرها الرجل وعادت إلى رفيقاتها

ورقبتها تناطح السحاب زهوا وإعتدادا

أمّا الرجل فإنه توجه إلى صخرة قريبة , وربط راحلته ثمّ إستلقى

على الأرض آخذا قسطا من الراحة

فعادت البنات إلى العين وغرفن الماء الذي تجمَّع , ثم جلسن في الإنتظار

كانت إحداهن تراقب الغريب بحذر , فلاحظت تململه وتقلبه و إضطرابه

وهو مضطجع , فعاودتها مخاوفتها , ولكنها كتمتها

وبعد قليلسمعته يتفوه بكلمات غير مفهومة وبصوت عالِ , فراعها

ذلك التصرف العجيب

و أستهجنت منه ذلك السلوك المثير للشكوك , و حاولت العودة إلى

ما كانت عليه لكن الفضول ممزوجا بخوف سطى على فؤادها

لا سيّما أن الرجل أخذ يبكي

وبعد هنيهة أخذ يقهقه بصوت عال ويضحك في هستيرية وهو مضطجع

كالمنوم مغتاطيسيا , فلم يسعها غير تحذير زميلتيها

فلم يعرفن ماذا دهاه , وتراقصت هذه الأسئلة في قرائحهن:

أمجنون هذا أم عاقل؟

أبه مس؟

أم إنه قد فقد أعز الناس على قلبه؟

وإختلجت مشاعر الشفقة, ونيران الفضول

لكنه الفضول وهو أقبح عيب وأفضل ميزة في الإنسان

وحين يلحُّ ويسيطر على العقل والحواس وجبت طاعته

فأخرج العذارى عن الوقار والإحتشام , ووجهن غصبا إلى حيث

يضطجع الرجل غريب الأطوار

ونزعن مجبرات جمالهن الحقيقي وهو الحياء , ووقفن حيث يسمعهن ولا يراهن

ثمّ أيقظته إحداهن بلباقة و أدب رفيعين , فنهض فزعا هلعا غير واع

أو مدرك لوجوده , و أخذ يصيح و يتوسل:

أرجوك أبعدها عني .. أبعدها عني

فزاد تعجبهن , وفيما كن يتبادلن نظرات الإستغراب فتح الرجل عينيه

ولما شعر بوجودهنَّ


يتبع الجزء الثالث إن شاء الله تعالى




رد مع اقتباس