عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-08-2014, 12:44 AM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي ملوك الراس لحمر الجزء الخامس عشر




وقعت أحداث هذه الحكاية في عام
1979 ميلادية




حكاية رائعة




ملوك الراس لحمر


الجزء الخامس عشر


الحُلُم


قضيّة من لا شىء, فإنا والرماديون قد إعتدنا على مثل هذا النكاح

وليس ثمة سبب وجيه يمنع زواج الشاب نسيسكي بن أبلاق تاز

من الآنسة نور بنت يوسي جاجارين الذي أصبح إسمه يوسف حجّة الدين

قال حمود : فكدت أفقد صوابي, إذ كانت كلمة أطغاي ذي الجدائل المسمومة

أشدُّ على قلبي من وطاة الدَّين, وبقيت واجما لا أحير جوابا

غير أن أخي الآدمي سليمان تصدّى له قبل أن ينفضّ المجلس المنعقد

وقال: إنّ هذه الزيجة لا تصح في شريعة الإسلام

إذ نهانا الله سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله :

{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ

وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ

مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ

وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ ءَايَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}


سورة البقرة آية (221)

وعندما سمع الأنوناكي والمهجنين الآية القاطعة لكل شكّ إرتفعت أصواتهم

المعارضة وهم يصيحون: هذا النكاح باطل ولا يجوز

ورأيت وجه أطغاي ذي الجدائل وقد أصفر وتغير

فقمت مقام الخطيب وقلت:

أرجو منكم الهدوء يا جماعة الخير , يجب أن نتصرّف بحكمة وذكاء

وأرى أن نتصدى لذلك الرمادي وأن نمنعه من إرتكاب هذه الجريمة.

فوافقوني على ذلك وعادوا إلى مجالسهم, عندئذ إنفردت بالنائب

أطغاي وكنت أعرف حكمته وعقله وعدالته, فسألته عما يخفيه

عني فدمعت عيناه وقال: إنّ أبلاق تاز وعصابته قد إختطفوا

أختي الأرملة لجين وأطفالها, وهم يهددون بإعدامهم مالم أعاونهم

على إتمام هذه الزيجة الباطلة, ولذلك قلت ما قلت وقلبي ينفطر حزنا

فقلت له موبخا: أهكذا تخون أمانتك لأجل غرض شخصي؟

إنّ الأنوناكي لم يختاروك لتقدّم مصالحك على مصالحهم

بل لتخدمهم مضحّيا بما تملك لأداء الأمانة على أحسن وجه

مقدِّما مصالحهم على مصالح ذويك

ولا يحق لك إستغلال منصبك لتنفع أهلك وذويك ومعارفك

دون وجه حق وعلى حساب الآخرين

أمَّا فيما تمتلكه أنت فلك الحق في تقديمهم ونفعهم كما تشاء

أمَّا الوظيفة الرسمية فأنت ملزم بتطبيق القانون فيها

سوى وافق ذلك مصلحتك أو مصالح ذويك أم عارضها

فبكى الرجل بكاء مرا, ثم قال: أعلم كل هذا تماما

وقد إعتراني ضعف نفسي وشفقة على أختي وأطفالها

فرقَّّت مشاعري وغلبني هوى نفسي, فقلت ما قلت

وانا أتوب إلى الله توبة نصوحا, ولن أستغلّ وظيفتي بعد اليوم

لمصلحتي أو مصلحة أحدٍ من أهلي وأقاربي أو معارفي على حساب

الآخرين دون وجه حقّ

فقلت له: فأظهر للرماديين السمع والطاعة, ودع فكّ الرقاب عليّ

ثمّ أوصيت إخوتي البشر بمتابعة النقاش مع المجتمعين في القاعة

بينما توجّهت من فوري إلى مقر الحاكم العام, فعرضت عليه

الموضوع وشرحت له مأساة نائبه من إختطاف ذويه

وطلبت منه التواصل مع الرمادي الشاب الثائر على

أبلاق تاز وعصابته لعلهم يتمكنون من تخليص الأسارى

فأمرني بالعودة إلى الإجتماع, وأكدّ لي أنه سيقوم باللازم

فعدت عاجلا قبل أن أثير الشكوك

ثم إنفضّ الإجتماع على أن نعود إلى النقاش بعد الظهر.

وفي منزلي لم يهناء لي المقام دون الإطمئنان على نور عيني

فلبست السوار العجيب وذكرت الرمز الخاص بها

فسمعت الطنين المزعج , وعلمت أن الإتصال بها مستحيل

فقررت المضيّ إلى ناحيتها ومنع مراسم الزواج بأية طريقة ممكنة

وخرجت من المنزل وقبل أن أمتطىء التخت الطائر إهتزّ السوار

وسمعت صوت الحاكم العام منتهرا: ألم آمرك بالصبر والتريّث؟

فقلت له: أنت لم تتلظى بنار الحب مثلي, فالأمر سهل عليك

وإنّك لم تفعل شيئا يطمأنني, ولكنني أعيش في عذاب, ولا يمكنني

التفريط في أول إنسانة أحبها, وسوف أفعل ما يمكنني لإنقاذها

من براثن ذلك المشرك, حتى ولو ذقت الموت الزؤوم

فقال ضاحكا: ألهذا الحد تحب الآنسة نور؟

فقلت له: دعني يا سيدي أذهب, فإنقاذها أهمّ عندي

من سلامتي الشخصية, ثم أمتطيت التخت وذكرت وجهتي

فطار مسرعا ولكنه توجّه بي إلى مقرّ الحاكم

فكنت أذكر وجهتي مرارا وتكرارا ولكنه لا يستجيب

وعندما هبط بي في ساحة القصر هجم على الحراس

وكتفوني وغطوا وجهتي ثم إقتادوني إلى حيث لا أعلم

فكنت أسبّهم والعن حاكمهم, إذ لا يمكنني تحريك يدي فأبطش بهم

وعندما بالغت في شتمهم ولعنهم شمّموني رائحة أفقدتني وعيي.

وفجأة رأيت ما لم يخطر على قلبي

إنها حياتي .. روحي .. حبيبتي .. أنس قلبي وسعده ..

الآنسة نور , تجلس في مجلس حبور, وكأنها زهرة من أنقى الزهور

إنّها هي بشحمها ولحمها, فقلت: اللهم أحفظها وأحمها

قد لبست الطرحة, وبملابس الحرير متشّحة, وكانت سعيدة منشرحة

فكدت أطير فرحا بلا جناح, فما على العاشق جناح

وقبل أن ينطلق لساني المهذار , غمزني خادمي كإنذار

فسكتّ سكتة الموتى, وترقّبت من أين أوخذ أو أُوتى

فلم يطل إنتظاري, وأطفأ الحاكم ناري

فقال بلسان فصيح: هنيئا لك ياحمود, ومبارك عليك السعود

هاهي نور بين يديك, تترضى وتترحّم على والديك فقل وأفصح عما لديك

فوقفت منتصبا كأنني مسلّة, وقد فارقتني الهموم منسلّة

وأستعرت لسان شاعر, فبحت بما أجد من مشاعر

وخشع الحاضرون لخطبتي في عجب, وقد أخذ منهم الطرب

فتقدّم إلي والد نور, وقد تمكّن منه السرور, فقال ضاحكا:

سمعنا خطابك, وأعجبنا جوابك , فهيا يا بني إلى القاضي

دعه يملكك وأنا راضي

فوثبت أقبل رأسه, فلقد أهداني أغلى ماسة, وفضّلني على أهله وناسه

ثم أثنيت على الحاكم العام, وعلى الحاضرين بشكل عام, وأطلت الكلام

فنادانا المأذون, وطلب منا الهدوء والسكون

وقال: إجلسا للملكة وعقد النكاح, ثم لكم الليل حتى الصباح

فعقد لي على الآنسة نور, وتم لي الفرح والسرور

وعندما خلوت بها دون ستور , مددت يدي لأزيل حجابها

وأرشف حتى الثمالة من رضابها, فأغمَضَت عينيها, وقد تورّد خدّيها

وجذبتني إليها, فأمطت اللثام, وأشهرت الحُسام, وعندما عزمت

على الإقتحام , شعرت بمن يهزهز بدني, ويؤذن في أُذني, ومن الشيطان

يُعوّذُني, وأختفت نور والسرير, ووجدتني راقدا على حصير

وعندما فتحت عينيّ صدمني الواقع, وهالني الصوت الفاقع

إنّه كبير الحراس, عديم الإحساس, أفسد حلمي, وجدد المي

وقال بصوته الهادر: ماذا أصابك أيها الإنسان؟

لقد رأيناك تعانق وتُقبّل الجدران؟

فهل أصابك مس من جان؟

فلا تسألوا عن خيبتي والمرارة, وما أصابتني من خسارة

لقد عشت في حلم عجيب , وها انا في الواقع الكئيب

ثم ذهبوا بي إلى الحاكم العام, فوجدته مقطّب الجبين

والجد على وجهه مبين, فتضاربت مشاعري بين الخوف والرجاء

وعاجلته معترضا:

لقد منعتني أيها الحاكم من التصرف, وتعاملني كمجنون مخرّف

ولست أدري ماذا حل بحبيبتي نور, فلعلهم قد زفّوها إلى ذلك الثور

فقال: دعنا من عجلتك أيها البشري, وأصبر قليلا ولا تفتري

فإنني قد أنقذت لجين وعيالها بمعاونة الثائرين

وهم ينتظرون منا المدد لينقضّوا على عصابة أبلاق تاز المجرمة

وعندما تنتهى معركتنا الحاسمة مع طغاة الرماديين, أعدك بما تحب...

فقلت له ساخطا: لست أصبر حتى تصفّي حساباتك

وقد سئمت خطاباتك, فدعني يا سيّدي أُنقذ الفتاة قد أن تقع المأساة

وعندما رأى إصراري والعناد أومى إلى حراسه الشِداد

فقبض أحدهم عليّ, فعضضت يدّه, فصاح متوجعا بشّدة

عندها ضحك الحاكم متعجبا من صلابة شكيمتي, ومن قوتي وعزيمتي

فأمر بإطلاق سراحي, وكنت إنسان لاحي, فأمطرته بسيل

من سُباب, وأدرت وجهي نحو الباب, فتصدى لي الحراس

وأوصدوه بالمتراس, لكنهم لم يجرأوا على الدنو مني

فلقد علموا العضّ مني

فخاطبني الحاكم بصوت ليّن, وخدعني ولم أتبيّن ...

يتبع إن شاء الله







التعديل الأخير تم بواسطة ناجى جوهر ; 26-08-2014 الساعة 02:40 AM
رد مع اقتباس