عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-09-2012, 11:20 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...الجراءة على المقدساتِ-أخي الحبيب الأستاذ يوسف-وعلى الذاتِ الإلهيةِ ليستْ وليدة اليوم ولا البارحة،وإنما هي لوثة ٌعقيدية ٌتمتد طولاً وعرضاً وعُمْقاً في الميراث الإنساني عموماً مُذ وعَى الإنسانُ ذاتـَه-أو هكذا يظن-ومُذ أرادَ أن يَشِبَّ عن الطوق تحتَ عناوينَ ومسمياتٍ مختلفةٍ،لعلَّ ( الإبداع ) و ( الحرية الفكرية والأدبية ) أهم وأخطر العناوين والمسمياتِ التي راحَ يتدثرُ داخل عباءاتِها،وينطلقُ منها قلمُه يترنح يمنة ويَسْرَة،تارة ًباسم التفكير الفلسفي المنطقي وتارة أخرَى باسم الرمزيةِ والإيحائيةِ في الفن والأدب وطوْراً ثالثاً باسم الفكر الحر..والعالم الحُر..والتنوير الحُر..!!!

ونحنُ قد نجدُ شيئًا من العُذر-مع التحفظ الشديد-للفكر ( الإبداعي ) الأوروبي والغربي عموماً حينما راحَ في ( نهضته التنويرية ) منذ القرن السادس عشر والسابع عشر التي أعقبتْ قرونه المظلمة الوسطى..راحَ ينفلتُ من كل حَجْر وتصفيدٍ وتقييدٍ-ولو كانتْ مقدساتٍ ومبادئَ وأقانيم-لأن الصراع الفكري والإبداعي مع القهر والطغيان الكَنسي معروفٌ في تاريخ الغرب المعاصر..وشيْءٌ طبيعيٌّ أن تكفرَ أوروبا بذلكَ الدين البابوي الذي كانَ يُشرفُ على محاكمَ التفتيش الرهيبة حيثُ يُحرقُ الناسُ والمفكرون والعلماءُ أحياءً في الأفران لمجرد أنهم تجرؤوا وفكروا وناقشوا خزعبلات الرهبان أو نددوا بطغيانهم الذي يمارسونه على الإنسان باسم نظرية الصلب والفداء وباسم البركة البابوية..!!

وكلنا درسَ وعرَفَ كيفَ كانَ مصير غاليلو..وكوبرنيكوس..وجوردانوا برونو لمجرد أن قالوا بكروية الأرض..!!!

أحرقتِ الكنيسة الثاني..ونفتِ الثالث باعتباره روحاً شيطانية ممسوسة..أما الأول فقد تراجع عن نظريته الفلكية خوفاً من بطشها..!!!

وكانت الثورة الفرنسية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر التي حررت الإنسان الفرنسي خصوصاً والغربي عموماً من سلطان الكنيسة الجائر وقمعِها الفكري والإبداعي...

وشاعَ مصطلح ( المفكر الحر libre penseur أو Free thinker ) وليسَ له من مرادفٍ في أبجدياتِ الفكر الغربي وأدبياته إلا الإلحاد ونبْذ المقدسات..!!

وقام إبداعُ أوروبا الكلاسيكي على هذا الأساس..فلا فِكْراً حُرًّا عندهم إلا ذاكَ الذي يتجاوزَ العقلُ والقلبُ فيه تلك المقدسات..!!

وما شارل داروين..ودوركايم..وفريديريك فريزر..وكارل ماركس-وهؤلاء الأربعة هم أرباب التنظير الفكري والفلسفي والاجتماعي واللاهوتي والاقتصادي الأساسيين لشبكة المعرفة الغربية كلها-ما هؤلاء إلا ترجيعٌ مقيتٌ لما يُسمى الفكر الحُرِّ الذي يقومُ الإبداعُ فيه على أساس نبْذِ المقدساتِ ووأدِهَا..!!

ومن فِكْر ونظرياتِ هؤلاء الشياطين الأربعة ترتبتْ فروعٌ وأغصانٌ في الفن والأدب الغربي،قامتْ كلها على أساس من الإلحاد ومحاربة المقدسات وتدمير الكيان العقائدي والأخلاقي والأسري للإنسان..وكل ذلكَ باسم التفكير الحقيقي..والفن الحقيقي..والإبداع الحقيقي...!!!

وكلنا يعرف فضائحَ وشنائع الوجودية في أدبيات جون بول سارتر وعشيقته سيمون ديبوفوار..وأدبياتِ جوليان هكسلي..وبقية الرفاق...!!!

لا لوْمَ-في تقديري-على هؤلاء للظروف والملابسات التاريخية التي مرتْ بفكْر القوم هناك...

لكن نحن..ورثة الرسالة الحقة..الخالية من الخزعبلات والهرطقات والدجل العقائدي...ما بالنا..؟؟!!!

ما المبرر أن يقف أولئكَ المحسوبون على تراثنا وأدبياتنا-وباسم الفن والإبداع-لتترنح أقلامُهم ذات الشمال وذات اليمين في أقدس مقدساتنا،حتى إذا ازورَّتِ الجماهيرُ المسلمة وقامتْ تنتفضُ ضد تلك التقليعات،قاموا يُقيمون الدنيا ولا يُقعِدونها أمام هذه ( الرجعية الجماهيرية ) و ( هذا التزمت الفكري ) و ( هذا التحجر الإبداعي ) و ( هذا الضيق في الأفق )...!!!

وكلنا يعرفُ نعيقَ وزعيق الدكتورة نوال السعداوي..والدكتور فرج فودة والدكتور فؤاد زكريا..والروائي حيْدر حيْدر...و..و..وحتى أحلام مستغانمي وسعاد الصباح لم تنجوَا من لوثة ذاك الزعيق...!! وكل هؤلاء يُقدم نفسَه لأمته-ومِدية قلمه تذبَحُ بقايا الإسلام في الإيمان والعقائد والأخلاق والشرائع-على أنه راعي الحرية الفكرية والأدبية والعاطفية والفلسفية الحقيقية...!!!

ومعروفٌ أن هؤلاء وجراءاتهم العجيبة امتدادٌ لذلك الفكر الدخيل والأدب الهجين الذي بدأ أيام الغزو الفكري والعسكري للعالم العربي والإسلامي منذ حملة نابليون على مصر وما استتبَعها من نهضةٍ عربيةٍ رائدةٍ في مجال الأدب ومظاهره الفنية والإبداعية،لكن-للأسف الشديد-قامتْ بإيحاءٍ من الفكر الغربي الذي كان يتمثل في حِسِّ المفكرين والأدباء عندنا-بسبب التخلف والضعف الذي تعانيه أمتنا وأوطاننا-كان يتمثل كالمارد الجبار الذي لا يُقهَرُ وكطوْق الخلاَص الذي لا مناص منه...

ولنا أن نقرأ أدبيات رفاعة رافع الطهطاوي..وأحمد فارس الشدياق..وجرجي زيدان..والدكتور طه حسين في مؤلفاته الأولى..وتوفيق الحكيم...نقرأ في أدبياتهم-بتمعن وتمحيصٍ-لنرى أثرَ الغزو الفكري الواضح الذي جٍَرَّأ بعضَهُم أحياناً-كالدكتور طه حسين مثلاً وحتى بعضٍ ممن كانوا يعتمون بعمامة الأزهر كالشيخ عبد المتعال الصعيدي والشيخ علي عبد الرازق والشيخ خالد محمد خالد رحمهم الله جميعا-الغزو الفكري وضغطه الشديد على فكرهم ومشاعرهم جَرَّأهُم أن يمسوا مقدساتٍ ويتجاوزا خطوطاً حُمْراً،يستحيلُ لأي مسلمٍ مهما كانت أريحيته الإبداعية مرنة ًأن يسكتَ عليها أو يَجدَ لها مَحملاً مناسباً وتأويلاً مقبولاً..!!

ولنقرأ لو شئنا مثلاً رواية عابر سرير أو حتى ذاكرة الجسد لأحلام..أو رواية في البدء كانت الأنثى لسعاد الصباح وكثير من أشعارها..أو جنات وإبليس لنوال السعداوي أو كتابها المثير قضايا المرأة والفكر والسياسة...أو مستقبل الثقافة في مصر و في الشعر الجاهلي لطه حسين..أو الإسلام وأصول الحكم للشيخ علي عبد الرازق أو كتاب من هنا نبدأ للشيخ خالد...

لنقرأ بتمعن وتجرد لنرى مَدى تأثير الفكر الغربي في أقلام هؤلاء...!!!

نعم أخي الحبيب..نحن مع كل ما من شأنه أن يرتقي بالقلم وصاحبه إلى سوامق الجمال الحقيقي والإبداعي الحقيقي..لكنَّ أقلاَمَنا وإبداعاتِنا لا يَصِحُّ أبداً أن تتخذ من مقدساتنا ومبادئنا أضاحي من أجل إرضاء رغبةِ التحرر العارمة التي ليستْ في الحقيقة شيئاً إلا رعونة الشهواتِ الشيطانية التي تسكنُ أعماقـَنا من حيثُ أردنا أم لم نردْ..!!!

إنني-أخي-أقرأ هذه الهمهماتِ الشعرية التي نقلتَ،فأحاول جاهداً أن أتلمسَ قبَسًا مضيئاً من إبداعٍ لصاحبها،فلا تكاد ذائقتي ومَلكتي تستقرُّ على شيءٍ سوى غمغمةٍ تائهةٍ بتيهِ صاحبها المسطول...!!!

ألاَ شاهتِ الوجوه..!!!

ألاَ شاهَ هذا الإبداعُ إذا كانَ سفسطة مجازية وضبابياتٍ رمزية لا يشتمُّ منها العقلُ والقلبُ غيرَ اللمز والغمْز والهمز في ذاتِ الإله جلَّ وعلاَ باسم الإبداع والجمال الإبداعي...!!!

لستُ أدري-أخي-لِمَ دارَ في خلـَدي بيْتان لشاعر حَكيمٍ وأنا أقرأ هذه التقليعات الجرئية :

قالوا اللهُ ذو وَلــــــدٍ ** قالوا الرسُــولُ قد كَهَنـَـا
ما نجا اللهُ والرسولُ من لسان الوَرى فكيْفَ أنا..؟؟!!!


وقى اللهُ أقلامنا وأفكارَنا ومشاعرَنا مثالبَ الإبداع..باسم الإبداع...!!!

ودمتَ لنا نبراساً أستاذي الكريم...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 19-09-2012 الساعة 03:59 PM
رد مع اقتباس