عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-04-2014, 12:21 AM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي المعتوهة والعجوز الجزء الخامس



المعتوهة والعجوز

الجزء الخامس


عن رجل معروف في البلدة فدله بعض الصبية على منزله

ولم تتمكن العجوز وابنة أخيها من الخروج , لأن بشارة كانت لا تزال تعاني

من الرعب والهلع , وعندما مر وقت طويل ولم تسمعا صراخا و لا إزعاجا

تحسنت حالة الشابة النفسية كثيرا تلك الليلة

وفي الصباح جلست في نافذة غرفتها كالمعتاد وأخذت تغني أغنيتها المفضلة :

سبحان من سواك يا بشارة

وفي تلك اللحظة مرَّ بها الرجل الغريبُ , وكان يتجوِّل في البلدة

وعندما سمع ذلك الغناء الجميل توقّف منتشيا طربا

وتاقت نفسه لرؤية ربّة الصوت الرخيم

لكنها فاجأته بوصلة بكاء تُقطّع نياط القلب

فهز رأسه شفقة وحسرة بعد الحوقلة والإسترجاع

ثم تولى عنها , ولم يكد يبتعد عدة خطوات حتى سمعها تناديه :

تعالوا يا أولادي أنا خالتكم بشارة الجميلة

فتوقف مبهوتا, والقى نظرة حوله , فلم يرى سواه بالقرب

وفيما كان محتارا أطلّت عليه من النافذة بوجهها المستدير استدارة البدر

وحين تلاقت عيناهما رمى كيوبيد سهما مزدوجا , أصاب قلبيهما

معا في نفس اللحظة , وبقدر ما شعر بالسعادة شعرت هي بالخجل

وسرعان ما أغلقت النافذة , لكنه فتح لها قلبه وروحه على مصراعيهما

وعندما لاحظ توتُّر نظرتها الذي جعل منه مجموعة أطفال

فهم علة التسمية الجماعية

وعندما عاين رثاثة هيئتها ووحشية مرآها , فر فرار الفريسة من الأسد

ثم وقف بعيدا ينعي الحسن المظلوم

وقد تأثر تأثرا بالغا بما رأى وسمع , وأخذ يفكر

في حال تلك المرأة الشابة الفائقة الحسن متألما من أجلها

وعندما إنفرد بصديقه كان المشهد الصباحي لم يفارق مخيّلته بعد

فصوتها لا يزال يصدح في أذنيه

وملامح وجهها الملائكي مرسومة على صفحة ذاكرته

فلاحظ الصديق ما به من حيرة وذُهول

فسأله : ما لي أراك شارد الذهن حيرانا؟

قال الغريب : لقد رأيت وسمعت ما أحزنني

قال الصديق : وما ذاك؟

قال الرجل الغريب : مررت بامرأة شابة جميلة , لكنها مبتذلة متوتّرة

وكانت تغني بصوت عذب شجي , ثم وفجأة أخذت تبكي

بكاء مرا , وحين أردت الإنصراف نادتني بقولها:

تعالوا يا أولادي انا خالتكم بشارة الجميلة.ولم يكن هناك غيري

فضحك الصديق وقال له :

إنها بشارة المعتوهة

فشعر الغريب بوخزة ألم من فظاعة التوصيف

ثم سأل حزينا : من هي و ما شأنها؟

أولدت هكذا أم أصابها مكروه؟

فقال الصديق : إنها ابنة المرحوم شهى لون بن صبيح إن كنت تذكره

قال الغريب : نعم أذكره , وأذكر إنّْ له ابنة وحيدة

قال الصديق : إنها من نتحدث عنها , وهي لم تولد هكذا كما تعلم

لكنها جنّت بعد أنْ أجهضت حملها

قال الغريب : لقد رأيت جسمها النحيل

قال الصديق : مسكينة بشارة , كانت فتاة باهرة الجمال

متقدة الذهن , تملا الحافة (الحي) بهجة وحيوية

فزوجها والدها وهي قاصر غصبا عنها وعن أمها

قال الغريب : ولم فعل ذلك؟

قال الصديق : إنها التقاليد البالية , فوالدها شهى لون بن صبيح وقبيلته

متمسكون بعادة تزويج القاصرات

فزوجها من رجل أكبر منه سنا , فحدثت الكارثة

التي أفقدتها رشدها

قال الغريب : ولم يزوجها من شيخ كبير في السن؟

قال الصديق : إنهم ينتمون إلى قبيلة تدّعي التميّز

فلا يزوجون بناتهم من أبناء القبائل الآخرى

حتى ولو كانوا على دين وخلق

وذلك العجوز أحق الناس بها حسب أعرافهم وتقاليدهم المقيتة الموروثة

قال الغريب : ولماذا لا يزوجون ابناء القبائل الأخرى؟

قال الصديق : إنّهم يحرصون على نقاء دماءهم المقدسة

فهم أيضا من الشعوب المختارة كما يدّعون , ثم يضحك

قال الغريب : وما الذي حدث؟

قال الصديق : لقد فارق الشيخ الهرم الحياة بعد أن أودع أحشاء

الطفلة ثمرة زواج غير متكافئ

أجهضته لضعف بنيتها الجسمية , ولرعونتها وطيشها

فهي لم تتمكّن بعد من هضم معنى كلمتي زوجة و أم

وظهرت عليها أعراض اضطراب كرب ما بعد الصدمة

عقب ليلة الدخلة الكارثية

فوسمت بالجنون , وأصبح إسمها مدعاة سخرية وتندّر

وتطور المرض حتى أستفحلت حالتها وبلغت ذروتها بعد الإجهاض

وزاد من إنهيارها موقف عمها السلبي واللاإنساني

قال الغريب : حسبنا الله ونعم الوكيل

ما هذا التخلُّف يا ناس؟

ودع الغريب صديقه وأنصرف عائدا وهو يغالب دموع الشفقة

و بعد العصر تعمّد المرور من أمام غرفة بشارة

فلقد شغلت قضيتها قلبه وعقله , وصارت تحديا له

لكّنه لم

يتبع إنْ شاء الله


رد مع اقتباس