الموضوع: الماعز العجيبة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18-04-2016, 10:22 AM
الصورة الرمزية زهرة السوسن
زهرة السوسن زهرة السوسن غير متواجد حالياً
شاعره
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,764

اوسمتي

افتراضي الماعز العجيبة

كانت أمي منذ صغرها تحب تربية الماشية، وكانت تحدب عليها، وتحسن رعايتها، وقد تصل هذه الرعاية، إلى درجة التدليل؛ مما أوجد علاقات خاصة بينها، وبين حيواناتها، فكانت لها أسماء، وألقاب، يتداولها الأهل والجيران، من حولنا، وإذا مرضت واحدة، أعلنت حالة الطوارئ في المنزل، فلا يقر لها قرار، حتى تراها بخير وعافية، ومن شدة تعلقها بها، لا تبيع منها شيئا، بل تحب الاحتفاظ بها، في ظلها، وتحت رعايتها، وذات يوم كانت الماشية كالعادة خارج المنزل ، في فترة ما بعد الظهر، وحتى قبيل المغرب، حتى يحين وقت دخولها إلى المنزل، تجلس هادئة مستقرة، حول البيت، دخلت الماشية، ولاحظنا تأخر واحدة مع وليدها الصغير، فأسرعنا في البحث عنها، فإذا بها تجلس منزوية خلف بيت الجيران والصغير ممدد بجانبها، اقتربنا أكثر، فوجدنا أن الصغير مصاب بكسر في مؤخرة ظهره، وكما يبدو من الآثار، أن سيارة، قد دهسته، حملنا الصغير، والماعز الأم تكاد تنقض علينا من شدة خوفها على صغيرها، وكانت في ثغاء متواصل، تدور من حولنا، دخلنا المنزل وقررنا الذهاب به إلى مجبر الكسور(رجل معروف بتجبير الكسور)، وفعلا ذهبنا انا وأمي، لهذ الرجل، وعاين الإصابة، ثم أعلن صعوبة وضع الجبيرة في ذلك الموضع، وأسر إلينا بأن هذا الصغير مفارق الحياة لا مُحالة.
عدنا إلى المنزل وما زالت الماعز الأم تقطع المكان ذهابا وإيابا بحثا عن صغيرها، في موقف تنخلع له القلوب، وكما قال الرجل فقد مات الصغير، في ذات الليلة، وبرزت أمامنا مشكلة عظيمة، وهي مشكلة هذه الماعز، فلا عقل لها يعينها على فهم ما حدث؛ فتستقر وتهدأ.
أشرق الصباح وخرجت الماشية من المنزل، وكانت الماعز الأم من بينها، وكانت حالتها تزداد سوءا، لثغائها المتواصل، حتى بدأ صوتها يختفي، وقبيل الظهر، دخلت علينا إحدى الجارات، لتسألنا، هل الماعز التي صفتها كذا وكذا، لنا، فقلنا في صوت واحد نعم، ما بها؟ قالت تعالين وانظرن كيف تصنع، فانطلقنا لنجدها في ساحة حصن مهجور قريب من بيتنا، وهي تثير الغبار على رأسها بغرس قرنيها في الطين، ليتحول لونها الأسود إلى لون الطين، وقد امتلأت عينها غبارا، وما زالت في ثغائها الواهن الضعيف، جئنا بها إلى المنزل، وقد أعيانا هذا الأمر، وفي المساء انشلت تلك الماعز تماما، مما زاد الطين بِلة، مكثت أمي أياما تطعمها تلقيما، وتقلبها يمنة ويسرة وتدعو لها بالفرج والرحمة من ربها؛ مشفقة عليها، أيما إشفاق، حتى شاء الله تبارك وتعالى لنا ولها بالفرج من عنده؛ حيث فتحت أمي الباب أمام القطيع ذات يوم، قبيل المغرب، لينطلق بقضه وقضيضه، وصوت صغاره يملؤ المكان؛ مما جعل الماعز المثكولة في ولدها، تظن أنه عاد من غيبته، فنهضت دفعة واحدة، منطلقة نحو صغار الماشية، وهي تركض ركضا؛ مما جعل من هذه القصة، خالدة في أذهاننا أبدا.

التعديل الأخير تم بواسطة زهرة السوسن ; 18-04-2016 الساعة 10:27 AM
رد مع اقتباس