[يزيد فاضلي]

...أبياتٌ شامخة ٌ..وفيها من رصانةِ الشعر وحُبْكتِهِ وجزالتهِ وإيحاءاتِهِ النورانيةِ ما لاَ يَقرضُهُ إلا فقيهُ العلماء و( أديبُ الفقهاء )-كما نعَّتَهُ الأستاذ أحمد أمين رحمه الله في (( فيْض الخاطر ))-الإمام الثقة العَلَم الحُجة الثبت محمد بن إدريس الشافعي رحمة الله عليه...

نعَمْ-أختي الكريمة-فقد عُرفَ الإمام الشافعي بين أقرانه الفقهاء المجتهدين الكبار بأنَّ الشعرَ وصناعتَهُ كانتْ مِلْءَ سيرتهِ الفواحة...

إنه معَ رسوخ قدمه في قول القريض الجزل الرفيع-ولنا أن نقرأ ديوانَهُ المُحَقَّق لندركَ ذلك-إلا أنه من باب الأريحيةِ والتواضع،كان يقولُ عن نفسه :

ولولاَ الشعرُ في العلماءِ يَزري ** لكنتُ اليَوْمَ أفصَحَ من لبيدِ..!!

الإمامُ الشافعيُّ رحمه الله كانَ سليلَ مدرسةِ إمام دار الهجرةِ مالك بن أنس رحمه الله الذي جلسَ بين يَديْه وأخذ عنه الكثيرَ حتى قال فيه مالكٌ : (( مَنْ أرادَ العلمَ النفيسَ فعليه بمحمد بن إدريسَ ))،وهو أستاذ إمام أهل السنة أحمد بن حنبل الشيباني رحمه الله الذي بقيَ أربعينَ عاماً وهو يدعو لأستاذه الشافعي عقِبَ كل صلاةٍ،فلما سأله ابنُه : مَنْ هذا الشافعي الذي تدعو له يا أبتاه..؟؟!! فقال أحمدُ : (( لقد كانَ الشافعيُّ يا ولدي كالشمس للدنيا وكالعافيةِ للبَدَن،فانظرْ هلْ لهذيْنِ من عِوَضٍ أو لهما بديلٌ..؟؟!! ))...

إنه-رحمه اللهُ-واضِعُ عِلم أصول الفِقهِ وقواعِدِهِ كما يعرفُ ذلكَ الأصوليون..

وواللهِ لقد صدَق فيه الشاعرُ حينما قال :

ومَنْ يكُ عِلمُ الشافِعِــيِّ إمَامَهُ ** فمرتعُهُ في باحة العِلمِ واسِــعُ..!!

وجوزيتِ ألفَ خيْر على تذكيرنا بهاتيكِ الأبياتِ النيِّرَاتِ...