الموضوع: بكاء الفجر
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-05-2015, 04:36 AM
محمد العربي محمد العربي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 268

اوسمتي

افتراضي بكاء الفجر

الفجر عندليب ٌ يعزف ُ بمزمار , والطير ُ جمهور ٌ يـُصفق ..
النسيم ُ حينها كواليـسا ً للطبيعه , والأرض ُ تتنفس ُ الندى..
في لحظة ٍ كهذه ..
كـُنا نـُحدق ُ بالأفق ِ البعيد كلوحة ٍ لريشة ٍ عابثه ,
نرمق ُ الخيط الرفيع الذي يفصلُ ما بين اليقظة والنوم..
ساعتهـــا..
كانت بين أحضاني تضيع ,
تلملم ُ الدفئ من فوق جسدي , وتتركني للعراء.
سحابة ٌ بلون الأمل تــُغطي أجسادنا حد ُّ الأرجل ,
وصوت ُ الريح معزوفة ٌ شرقيه..
قالت ْ وعينيها تتلألأ ُ كنبع الماء وهي تنظرني :
(أهذه آخر ليله ؟)
أحرقني صوتها الدافئ ُ في الشتاء ,
وأشعلني البرق ُ في عينيها
قلت ُ وقد أشرت ُ الى البعيد :
(هناك يجب ُ أن أكون حبيبتي ,
أرتدي لون الشقاء فخرا ً وكبرياء
أ ُمسـك ُ الحجر بيميني , ويساري يحمل ُ علما ً..
هناك حبيبتي أصنع ُ التاريخ ,
وبداخلي شمعة ٌ لا تنطفئ ُ لفراقك)
قالت : (رحيلك لن يزيد التاريخ سطرا ً ,
فهناك إمتلئت الأرضُ بالأجساد حد الإكتفاء ,
فلما العناء ؟!
والأرضُ تلفظ ُ أحشاءها من كثرة التواجد والحضور..
حبيبي لا مرقد لك فيها هناك من الزحام )
قلت ُ : (الأرضُ هي أ ُمي..
ومن ذا الذي لا يدفع ُ حياته ليعود إلى أحشائها من جديد
ليعود كطفل ٍ وليد ؟!!)
قالت ْ : (تقتلني بعنادك , وصلابة أفكارك..
لن أودعك فأنا أكره ُ الوداع ,
رحيلك كشمس ٍ معصوبة ُ العينين بداخلي ,
وأنا ساموت ُ إن غادر ظلك وجنتاي)
قلت ُ : (إنما أغادرك ِ حبيبتي لأعود إليك ِ ,
فأ ُعيد ُ تواجدي بداخلك كما لقاءنا الأول ,
فالحياة ُ دونك ضيقة ٌ كشرنقة ٍ صغيره ,
قابعة ٌ فوق غــُصن ٍ يكاد أن يتكسر)
الوقت ُ طلقات ُ رصاص ٍ لا تنفذ..
جآء الصباح..
وإستيقذ اللون فينا..
كانت تبكي بلون البنفسج والندى..
ضمتني إلى صدرها , عصرتني بين أوجاعها ,
حاولت أن تغرسني تحت جلدها , تــُذيبــُني في دمائها..
إلا أن أشفق الطقس عليها ,
فجاءت ْ سحابة ترفعها أجنحة ُ سرب ٍ من الطيور
وألقتها فوق رأسينا كالقبعه..
اللون أصبح غائما ً كالظل ِ والإنعطاف..
نظرت ُ إلى عينيها , ومسحت ُ بيدي بعض أدمــُعها , إلى أن إبتسمتْ
قلت ُ لها : (أحبك)
قالت : (أتعــِدُنـــي بأن تعود إلي ّ من جديد؟)
قلت ُ : (لن أ ُبارحك حتى وإن كنت ُ عنك بعيد )
نظرت ْ إلى الشرود من خلالــي ,
وهمست ْ بصوت الرجاء في أذن العراء :
(سأ ُحبــــك مواسم تحمل ُ ألوان عمري كلها )
إحتضنتــُها.. وإعتصرت ُ منها الحنين وأورثـتــُها الأمل..
قالتْ قبــِلنـي الآن .. قبل أن أفقد معناي وأتبخر)
قلتُ للحياة طعم ٌ قاس ٍ إذا لم تستـطعمك ِ بين طياتها وأشكالها..
فأنت ِ تحملين كل ألوانها ومعانيها)
لمستها حتى إرتعشــتْ , وأسلمتْ عيناها لعيناي..
أمسكتها حتى أفرغتْ حواسي ودمائي من عروق ٍ شارده في يداي..
لمستها حتى تاهتْ في أروقتــي وأرجفتْ كياني حد الإنهيار..
وقبلتــُها حتى إنتزع الإشتهاءُ روحي وأمسكني الإحتضار..
لحظة ٌ أشبه ُ بقرون ٍ مضت ْ..
عجزت ُ عن الوقوف , تخلل الضعف ُ أنسجتي ,
وسكن بداخلي كل الخيام والكهوف..
سقطت ُ بين يديها , حملتني كريشة ٍ ضائعه , إرتمتْ عليّ كوساده
دثــرتني بلهفتها ولهيبهــا..
الوقت ُ إتخذ لونا ً قــُرمـُزيا ً ,
والشجر بدأ يــُمشط شعر المطر المتسارع ,
ليسبق الأقدام الى الصفوف الأولى ,
فيشهد الحدث من قريب..
قالتْ والفزع ُ يــُربكـُها :
(ماذا أصابك حبيبي ؟!!! أخبرني , تحدث إليّ , كلمني..
لم يحن وقت ُ نومك بعد , إسيقظ , أفق..
فأنا لن أقوى على أن أرثـــيك مرتين)
كنت ُ حينها ملقــى على الأرض , أستند ُ برأسي على حجرها
أ ُصارع ُ أنفاسي الأخيرة بعنادٍ ويقين , وعيناها هالتي الى الخلاص.
قالتْ : (أكــُنت ُ أبكيك لأنك سترحل ُ بعيدا ً عني , لتموت قربي الآن؟)
قلتُ بصوت مودع :
(حبيبتي..هناك لحظات إذا ما لم نمتْ أثناءها ,
فنحن لسنا أهلا ً للعيش بعدها)..
وإنطفئ النور..
واللون الأسود أخذ شكل الماء في إعتياده على الأماكن..
فنظرتْ إليّ , وقلبها يتفتت ُ كحبات رمل ٍ عطشـــى الى الشطآن.
حدّثتْ نفسها – بل حدّثتْ تراجيدية الحياة كلها - :
(لن أودعك حبيبــي..فأنا أكره الوداع)
أسندتْ برأسها على صدري – علها تسمعُ نبضي ذات يوم –
وأخذتْ الذكرى في رأسها تقرأ ُ كل لحظات العمر ..
إلا أن غلبها النعاس فماتت كلون الخمول على صدري..
__________________
وددت ُ لو أنني كـُــنت ُ بقربكم الان ،
نـُـمسك ُ بالقلم سوياً ونكتب ُ فوق صحاف الهوى
رسائل من فحــوى الكلمات ، ونـُـوّريثها للعشاق .