الموضوع: صرخة الرفض
عرض مشاركة واحدة
  #58  
قديم 17-05-2013, 11:19 AM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

وبعد ، فاليأتي الطوفان ...
الفرق كبير بينها و بين الأرملة التي تعيش لغيرها، هي التي بلغت ما بلغت بجموحها و أنانيتها و عزة عفرت أنوف الرجال من أجل ابتسامة ، و ما الأرملة إلا تلك الشابة اليافعة كذبا،لا تشبه أحدا بمراسها المتقلب، لا تستقر على شيء، و لا تتميز بشيء، تكذب كما تتنفس، مهلهلة الشخصية، لا تقف عند حد و لأي وجهة تساق، لا تهمها العواقب، وجدت فارغة فبرمجت على جميع المقاسات ، ما كانت تظهر لها مسكينة و تافهة إلى هذا الحد، رغم أنها كانت أقرب الناس إليها ...تسألها بفضول دائما عن أختها الصغرى التي اختفت في الأسبوع الأول الذي تنقلوا فيه إلى هذه الشقة،هتفت لأمها مرة واحدة تطلب منها أن لا تسأل عنها، و أنها وجدت ما كنت تطمح إليه لبناء مستقبلها و لا تحتاج لأي مساعدة، كانت تلك مكالمة الوداع ، و في هذه الليلة عادت الأرملة باكرا،قبل منتصف الليل، وجدتها لا تزال مستيقظة تتابع شريط يروي حياة ممثلها الفرنسي المفضل ألآن ديلون.. قبلتها على الخد و جلست بجانبها، على وجهها ملامح خبر جديد بغيرة قاتلة و حسد يتقاطر...
-عندي لك خبر
-بعد الشريط
- عن ابنتك العزيزة الصغرى
- بعد الشريط ، أرجوك ، هذا الممثل لا يزال إمضاؤه على منديلي،أحتفظ به حتى أموت ، التقيت به في ليلة جميلة من ليالي الأوبرات في باريس .
- لهذا أهملك الجميع، لا تهمك إلا نفسك.
لم تبالي بها ، و كأنها لم تسمعها، كانت في اتصال مباشر مع الماضي، وانطبق عليها المثال القائل ..عندما يبلغ بنا الجوع حده نتذكر ليلة زفافنا ..
انتهى الشريط و بدأت تحكي عن أفلام هذا الممثل ، و بعض الأحداث في حياته التي أسقطها الشريط ...
-وجدت أختك ؟
- تصوري كيف وجدتها
- بائسة و شريدة بالطبع
- لقد أصحت من نجوم الملاهي و المراقص، و الكبريهات، إنها تلعب بالأموال لعب ،لما رأيتها ما صدقت أنها هي .
- أين
- في مرقص الأمازونية، باسمها سماه صاحبه، إنها أفضل من الوزير عنده.
- راقصة؟؟؟..
- نعم راقصة، كما كانت تحلم، إنها الراقصة الأمازونية، ذهبت أبحث عن عمل، استقبلني صاحب المرقص و تنكرت لي هي ، فقط لأنه قال لها مازحا، إذا كانت هذه أختك فهي أجمل منك..
- حقيقة في الوجه أنت أجمل منها، و هي أروع ما صنعت أنامل الخلق في الجسد،كانت ساحرة ، بنتي و أكنت أحسدها .
- حقيقة عندما ترقص يتخذر الجميع، ما آمنت أن هناك من يعبد أجساد النساء، حتى رأيتهم في أختي ..
- هل سألتك عني ؟
- أنا أقول لك تنكرت لي، و أنت تسألي إن سألت عنك، قالت له ..أعرفها و لكن ليست أختي، وظفها إن شئت على حسابك...وانصرفت ، فوظفني على شروطه ، و أوزع المشروبات قبل العرض و بعده في زي أمازونية، حركاتي تتطلب بعض التمارين لمدة أسبوع فقط،و أباشر العمل في القاعة بما يعادل ألف دينار في الليلة..إيييييه رأيك ؟
- ما عاد يهمني شيئا الآن،لك أن تعيشي حياتك كما تريدين،فقط لا تلومي على أحد، افعلي مثلي ، مثل الفرنسيات ، بعد سن معين ينتزعن حريتهن، و ينفصلن ، لا سلطة لأحد عليهن، أنا سأنتقل إلى مركز اجتماعي حيث أقضي ما بقي من عمري ، ربما أجد هناك رجلا بائسا، يحتاج إلى من يؤنسه، فيؤنسني، وإذا شفيت سيكون لي شأنا آخر،سأعيد مجدي بيدي و لن أحتاج رحمة أحد، سأحرق قبره ولو بإعدامي ..
- أنت في المركز ؟..غريب أمرك..
- لا أريد أن أبقى عالة على أحد، لي في منحة تقاعدي ما يغطي جميع مصاريف التكفل بي و يبقى، و لا يأ س من الشفاء أبدا، سأقاوم هذه الصدمة إلى آخر نفسي ما دمت لا أستطيع أن أضع حدا لحياتي ، لن أضعف، و لن أموت الموتة التي أرادها لي هو،سأقاومه و هو في القبر، و أبرهن له بأني أجدر منه بالحياة...سترين.
كانت تستمع إليها بكل ما تملك من قوة الإدراك ، و هي تعرف أن أمها بدأت تنهار، و بدأ العد التنازلي لوصول نهايتها، هي تعرفها جيدا،سخطها على حالها في عينيها،و على زوجها أشد، و ما هذا الكلم إلا ستار الإمهزام و فظاعة طويتها ...و ساءتها نهاية أمها البائسة، لقد فقدت كل الأشياء التي كانت تصنع عزتها، و لم يشفع لها لسانها الفرنساوي الفصيح عند أي أحد عندما جردتها سنن الحياة من كل ما كان يميزها في هذه الذات التي أتعبتها الأنانية و شوهها الإنبطاح، و من يصدقها أن الفرنسيات خلقن بدون كبد رطب...بدأت جذور شعرها تظهر بيضاء لما نمت، وانكشفت تجاعيد الوجه التي كانت تخفيها المساحيق الباريسية ، و غارت العيون،و ظهرت عظام الترقوة مثل القوس،وازدادت أطرافها طولا لما فقدت لحمها و شحمها ، و بدت أظافرها كمخالب دجاجة عقور، وتدلى ضرعها، وهجر الجمال أوكار جسدها ، فقط بعض آثاره كالأطلال لا زالت تشهد أن الحصوبة مرت من هنا ..غطتها باللحاف، قبلت جبينها ،أطفأت المصباح، و ذهبت إلى غرفتها و بكت، بكت بكاء مرا...و في الصباح كانت تلك الكلمات قد تحولت إلي رماد، وخمدت نار الشجون، و بدأ اليوم الجديد يصنع بطموحاته في البعض و خيباته في البعض الآخر عجائب الزمن الذي أنجبه...
و هكذا ، كما أنجبت هي ذلك الفيلسوف ، الإبن الذي لا يؤمن بالنسب، مثله مثل إبن الغرب الذي يؤسس دائما لقتل الأب و الأصل في طموحاته ، و لا يربطه بالماضي إلا الملموس ، يشتري اللذة بأغلى ما بيده من مثل...لما استيقظت هذا الصباح تذكرت ما قال لها يوما فضحكت..قال لها..لست أنا المسؤول عن وجودي و لا وجودك، و ما كنت إلا قشور متعتك بالطريقة الفرنسية و عفو رغبتك...فابتسمت من جديد و هزت رأسها ، و صعد صوت المغنية الفرنسية إيديت بياف من عمقها يتحدى بمقطعها ...rien de rien ..je ne regrette rien.في حين كان هو ينسج شباك العنكبوت لإمرأة مثلها أو تكاد تكون، تحت رجل رجل...
...يتبع...
رد مع اقتباس