عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 27-08-2015, 12:23 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي



قصة قصيرة



أيتامُ وأبوهم حيٌّ يُرزق



الجزء الأخير



وعندما عاد إلى المنزل هاجمها

بلسان سليط، فلجأت إلى البكاء، وأبكت أطفالها الجوعى

ولم يفعل شيئا غير إنتهار وترويع وإرهاب امرأة وأطفالها

ولم تكن الزوجة تحمل مؤهلا علميا يتيح لها العمل، إضافة إلى صعوبة

ترك أطفالها خلف ظهرها وفي أيدٍ لا تضمن أمانتها، فأضطرت للتباحث مع أسرتها

وأتفقوا على أن يقوم شقيقها الأكبر بمناقشة الصهر في هدوء، وحثّه على إحترام حقوق زوجته

وأطفاله، لكن الحمو إعتبر ذلك تدخلا سافرا في شؤونه الأسرية لا يقبله من أحد، ولم تجد الزوجة مفرا من الصبر والتحمّل

على أمل أن يتعقّل سريعا وأستمر حالهم هكذا لعدّة سنوات إقترب خلالها الولد من سن المراهقة، وقد أصيب بفشل كلوي

أدى إلى فشلهالدراسي، نتيجة تغيّبه المستمر عن الدروس، فكان عّرضة لسخرية وتشفّي أترابه وأقرانه من أبناء الأهل

والجيران، إذ ينافس أبناؤنابعضهم بعضا عجزا عن منافسة أبناء الشعوب المتقدّمة علينا في كل شيء.

وكانت البنتان أيضا تعانيان من الأنيميا، أما الإضطرابات النفسية فيعاني منها الجميع في ذلك المنزل ما عدا الأب

وتراكمت الديون على كاهل الأسرة بمكونيها الرئيسين الأب، الذي يقترض من البنوك، والأم التي

تقترض من الأهل والجيران، حتىغدوا لا يستلمان فلسا واحدا من مرتّب الزوج، إذ يستقبله الدائنون في البنك

فيستوفون مجمله وما تبقّى لديه من فتات يسلّمه إلى الدائنين المنتظرين في البيت المأجور

وكانت معيشتهم تعتمد على المبلغ الزهيد الذي تستلمه زوجته من وزارة الشؤون الاجتماعية، فقرر الرجل الإمتناع عن

سداد دين زوجته وهي إنّما إستدانت بعد إلحاحٍ منه، وتعهدٍ بالوفاء عنها.





فحدث بينهما شجار دامٍ أصيب خلاله بعدة خمشات وعضّات، بينما أصيبت الزوجة بصفعاتٍ ولكمات

وأصيب الأطفال بالذعر والرعب، وأصبح التبوّل اللاإراديضيفهم الثقيل المقيم على الفرش، فلم تجد مناصا من طلب الطلاق

ولم تعلم أن تلك هي رغبة اللئيم فلقد إشترط عليها عدم المطالبة بحقوق لها أو لأطفالها، فقبلت ذلك

ووقعت على الوثيقة في لحظة ضعف أنتجها الغضب المستعر واليأس القاهر، وانتقلت لمزاحمة أشقائها وشقيقاتها

في منزل عتيق الطرازعديم التكييف، ملئ بالحشرات الزاحفة والطائرة، فكانت كالمستجير من الرمضاء بالنار

وتفاقمت متاعب أطفالها الصحيّة، فاللواتي كنّا يعانين من الأنيميا والتبوّل اللاإرادي، غدون يشكين من الحساسية الصدرية والجلدية

بينما تحسّنت حالة الولد الصحيّة قليلا بفضل التغذية التي ينالها فيمركز عمله، إذ ترك الدراسة وعمل مراسلا في إحدى شركات النقل

لكن سوء حظّه أطلع والده على السر الذي حاولت الأم إخفائه وهو عمل الولد في الشركة.

فما كان من ذلك اللئيم إلاّ أن هاجمها في منزل والدها، وكاد أن يسقط عليهم سقف الدار وهو يتشدّقُ بكلماتالشجب والعتاب

مدينا حرمان ابنه النجيب من تلقي العلم، وبذلك أشعر الأمَّ بأنها مذنبة حقيرة جشعة وهي خطوته الأولى لابتزاز الولد

فلن تقوى على معارضته وقد أنهت مستقبل ولدها العلمي طمعا في المال كما يدّعي، ثم لم يلبث أن هاجم الولد

في مقرّ عمله وقد قبض مرتّبه في ذلك اليوم، فألقى عليه محاضرة طويلة عريضة عن أهمية التعليم

موبخا إيّاه على هدر عمره وتفويت فرصة التعليم المجاني، فلم يجد الولد سوى الدموع ترجمانا عن الحزن الذي طغى

على قلبه ليس أسفا على تفويتفرصة التعليم، بل لأنه يعلم أن والده إنما يمهّد الطريق للإستيلاء على معظم مرتّبه

وهذا ما فعله الوالد بعد أن تيّقن من تأثر الولد وشعوره بالذنب.غير أن والدته وأخواته فرحن فرحا

عارما بذلك المبلغ الزهيد الذي أحضره، فلأول مرة منذ سنوات يرتدين ثيابا تغطي ركبهن

وما إن أبصرت زوجة الجدّ الشابّة ملابس البنتين الجديدة حتى داخلها الطمع ممزوجا بقليل من الخبث

وأرادت تحقيق واحدة من إثنتين يا إمّا أن يحصل زوجها على مبلغا من مرتّب حفيده

وبالتالي تقبضه هي ببعض الغنج والدلال. يا إمّا تطرد هذه المرأة وأطفالها، بحجّة ان ابنها موظف يمكنه إستئجار منزل

فشرعت في جمع معلوماتٍ إستخبارية عن مكان عمل الولد والمبلغ الذي يتقاضاه، ولكون البنتان ساذجتان والأكبر منهما بلهاء

فقد بالغت في تقدير مرتّب أخيها للتفاخر، فأستغلّت الخبيثة تلك المعلومات، وسارعت إلى زوجها تحثّه على المطالبة

بتلك الحقوق المشروعة، غير أن الجدّ لم يهن عليه ضياع مستقبل حفيده، فكيف له أن يبتزّه؟

فأستلّت الخبيثة أسلحتها الفتّاكة، ولا داعي لذكر ضعف رجلٍ كهل أمام زوجة شابة عروب!

لكّنه أوكل إليها مهمة التنفيذ، غير أن الأم لا تسمح أبدا بإمتصاص دم ولدها مهماكانت الظروف

فحدثت بينهما معركة بالأيدي، بعد أن أصرّت زوجة الأب على القبض، وتمسّكت الأم بالرفض

فأصيبت الزوجة الشابة ببعض الكدمات وتعرّضت للعضّ في أكثر من موضع، ونعرف جميعا إجادة الأنثى لعب دور المظلوم

حينئذ أتى الغضب على ما بقي في قلب الجدِّ من رحمة، صحيح أنّه لم يمدّ يده على ابنته، لكنّه طلب منها الخروج من منزله حالا.

ولأنّ المسكينة تعلم أنها تدفع ضريبة تسرّعها وعنادها وتجاهلها نصائح أهلها، فقد خرجت مع بناتها وكل ما تملك

(الثياب التي على جسدها، والوثائق الرسمية)

متوجّهة إلى أحد المساجد والذي به مصلى للنساء، وأمام توسلاّتها أمهلها الإمام أن تسكن هناك إلى أن تجد مأوى.

وعلم كثير من الناس بالحادثة فكان المحسنون يقدّمون الوجبات الغذائية إلى تلك الأسرة المنكوبة

أما والد الفتى والفتيات فقد وجد في المصلّى مأوى يؤويه، وطعاما مجّاني يأتيه ضحى وعشيّا

فكان يحضر عندما يعلم أن هناك من أرسل إلى زوجته وأبنائه طعاما، محتجّا بالاطمئنان على عياله

غير أن الإمام أنتهره بعد شكوى من طليقته، فأمتنع عن إزعاجهم، وساءت صحة الولد كثيرا بعد تلك الأحداث

وتفاقم مرضه، وأصيب بالجفاف، وعلى يد الطبيب ظهرت مشاكل صحية لديه أكثر مما تعرف الوالدة

لقد كان يعاني من سل الرئة والعياذ بالله منه. فكان هذا الخير الصاعق هو المعول الذي هشّم ثبات وصبر الأم المنكوبة

فأصيبت بلوثة عقلية أجبرت سلطات المستشفى على حجزها في قسم الأمراض النفسية والعصبية.

فلمّا علم والدها بذلك أسرع إلى ضم البنتين إلى جناحه.

الولد لا يزال يتلقى علاج السل

وأبوه لا يزال على رأس عمله، وقد تخلّى عن بعض هواياته

لكن القضاء رفض ولايته على البنتين لسابق إهماله.



ودمتم سالمين


رد مع اقتباس