عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18-02-2012, 12:14 AM
الفرحان بوعزة الفرحان بوعزة غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 306

اوسمتي

افتراضي الأموات يتكلمون ..؟


فجراً ، زرت قبر أبي .. فلم أجده ..اختـلطت علي القبور ، تشابهت ، تآكلت .. جلست على حافة قبر قد يبدو قديماً ..
قبور قريتي مصفوفة وممتدة ، يبدو أن ملاك الموت قد نظف حقل الدنيا من البشر .. سافر خيالي بعيداً ، وراح يتجول بين تجاويف الـقبور ، وأنا متأكد أن ضوء الحياة ينعدم فيها ...
في الليل المظلم، والناس نــيام ، تتزاحم الأموات في ما بينها .. تتداخل وتتلاصق العظام ... تزيح حواجز التربة .. تدخل أرواحهم في حوار عسير .. يتم الاعتراف بخطاياهم ... كل واحد يقرأ صحيفته الدنيوية على مهل .. يبحث عن ممحاة ... يحاول أن يحرّف.. يتحايل على السطور أملا أن يعـدّل خطاياه .. لكنه لا يجد قـلـماً..؟ !
في غياب الناس ليلا .. كان الخنشوفي يعود من الحانة متأخراً.. يتبول على جدار جاره .. يطول الماء في الخروج .. وهو يحلم باللحظة العابرة..؟
يسأله من يعرف جغرافية القبور ، هو يختبئ فيها منذ مدة ، ينتظر وينتظر.. !
ـ ماذا كنت تشرب في الدنيا.. ؟
ـ ماءاً.. !.. سيدي.. ماءاً طاهراً..؟ !
ـ ماءاً طاهراً فقط .. يا خنشوفي.. !؟ يدوّن... يسجل.. يصادق على ما جاء في الصحيفة .. يعطيه بطاقة : خذ..؟ مدة الانتظار: خمسون ألف سنة..
ـ وأنت..؟ يا زنكاري ..؟ ماذا تعلمت في الدنيا..؟
ـ الكذب على الناس .. أتغنى بخطابات سياسية تأكل أدمغة البشر ، أتغنى بكلام يغزو بئر القلوب ، أمنيهم وأمنيهم ...؟
ـ أنت .. ستنتظر أكثر... مدة الانتظار عندك خمسون ألف سنة وما يزيد... !
فجأة انبعثت أصوات غريبة كأنها تنهض من غبار ، استجمعت وقــفتي ، لملمت جلبابي بين أسناني ، وسلمت ساقي للريح .. سكنت الأصوات ، توقفت .. أحسست أن كبدي وكأنه وقف في حلقي .. تابعت الجري نحو باب المقبرة وملابسي تتبعني ، بقي صوت واحد يسكن ذهني ، يلاحق سمعي : ياهــذا ..؟ ويا أنت ..؟
رد مع اقتباس