عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-09-2013, 06:29 PM
الصورة الرمزية الملتقى الأدبي
الملتقى الأدبي الملتقى الأدبي غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 46
افتراضي

(٢)


الموت العاري
لـ زهراء البحري

أنَا مَنْ أنَا ؟!
وَحْدِي هُنَا ...
وَحْدِي كَحَرْبٍ بَارِدَهْ
يَغْتَالُ حُلْمِيَ تمْتمَاتُ حَقِيقَتِي
وَتُبِيحُ مَوْتِيَ غُرْبَتِي
إذْ امْتَطِي حُمَّى الخَلايَا الشَارِدَهْ ...
نَضِجَتْ جُرُوحِيَ كَالصَّنَوْبَرِ يائساً
وَنَسَجْتُ مِنْ خَيْطِ المَسَافَةِ بَرْزَخاً
لأُخَبِّئَ المَوْتَ المُعَتَّقَ فِي وَجِيبِ خَطِيئَتِي
كَيْ لَا يُمَزِّقُنِي الصَّدَى
كَيْمَا يَدُ المَجْهُولِ يَخْضبُها الأَمَلْ
كَالظَّلِّ يَقْبُرنِي الدُّجَى
فَأَفِرُ مِنْ لَيْلٍ إِلَى فَجْرٍ خُرَافِيٍّ وَيَرْكُلُنِي المَدَى
* * * * * * * *
مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُنِي ؟!
وَحَتْفِي هَاهُنَا
وَهُنَاكَ فِي السَّفَرِ الأَخِيرِ بِدَايَتِي
تَنْثَالُ حَوْلِيَ فِي دَوَائِرَ قَاحِلَهْ
كَسَنَابِلِ العُمْرِ البَرِيئَةِ يَسْتَبِيحُ ضِيَائَهَا فَصْلُ الشَتَاتِ...
عَلَى ضِفَافِ الغَيْبِ رُوحُ خَلاصِهَا مُتَرَهِلَهْ
عَلَّ السَّحَابَ يَسُوقهُ قَدَرُ الرُّؤَى
صَلَّتْ بَنَاتُ قَصِيدَتي
والخُلدُ يَحْمِلُ نعشَها...
جِلْجَامِشُ المَغْمَورُغَازَلَ عُشْبَةً





كَلَقَالِقِ الأَحْلامِ، أَثَّثَ عُشَّها وَهْمٌ تَوضَأَت السِّنُونُ بِمَائِهِ
وَجْهِي كَنَرْجِسَةٍ تَخَطَّفَهَا الجَوَى
مَاضٍ وَتَنْفِثُنِي الدُّرُوبُ المُسْتَحِيلَةُ بَيْنَ طِينِ الأَسْئِلهْ
* * * * * * * *
يَا أَنْتِ، يَا ذَاتاً يُفَلْسِفُهَا التَشَظِّي الزِّئْبَقِيُّ
كَسِنْدِيَانَةِ مَارِقٍ
جَاءَتْ عَلى خَجلٍ، يُلمْلِمُها السَّرَابُ
تَسُوقُهَا عُكَّازَةُ الأَوْجَاعِ
تَنْبُشُ فِي غَوَايَتِهَا خَيَالاتِ التَفَاؤُلِ
وَالغِيَابُ هوَ الغِيَابُ...
جُهَيْنَةُ الآَمَالِ لَمْ تَجْلُبْ فَرَاشَاتِ السَّنَا
مَنْ ذَا وَشَى للرِّيحِ تَنْحَتُ حُلْمَ قَصَّاصِ الأثَرْ ؟
مَنْ حَرَّضَ الصَحْرَاءَ تَعْتَنِقُ البَرَاءَةَ وَالنَّدَى ؟
جَاسَتْ خِلالَ الطُّهْرِ أَشْبَاحُ السَفَرْ
تَتَناسَلُ النَّايَاتُ فِي رَحْمِ الفَراغِ السَّرْمَدِيِّ
تُلَمْلِم ُالضَّوْءَ المُبَعْثَرَ كَالدُّمَى
لَكِنَّ شَهْوَةَ مَوْتِهَا لا تَنْطَفِئْ
* * * * * * * *

وَأنَا الذِي انْسَلخَتْ دُموعُ حَقِيقَتِي مِنْ سَوْأَتِي
مِنْ سَوْسَنَاتِي / أُغْنِيَاتِي / أُمْنِيَاتِي /
رِحْلَتِي البِكْرِ التِي حَمَلتْ سِفَاحاً لَسْتُ أُدْرِكُ مَهْدَهَا
حُبْلَى بِميلادِ العَدَمْ
ثَكْلَى يُرَاوِدُهَا الرَّدَى
تَبْكِي تَرَاتِيلاً، وَأَطْلالاً، وَتابُوتًا، وَدَمْ...






خُدِشَتْ مَلامِحُ عُنْفَوانِ اللازَورْدِ
يَقُودُهَا الكُهَّانُ فِي مَنْفَى الزَّمَانِ كَمُومِيَاءَ
تَفُوحُ رَائِحَةُ الوَهَنْ
وَتأَرْجَحتْ مِثْلُ الشَّرَانِقِ بَيْنَ أَنْيَابِ العَرَاءِ
تَهِيمُ فِي أَرْضٍ تُكَنَّى لا وَطَنْ
تَنْدَاحُ ذِكْرَاهَا فَيَنْسَلُّ الأَلَمْ
حَتَّى تُوَزِّعُنِّي الخَدِيعَةُ فَوْقَ خَارِطَةِ الكَفَنْ...
مُتُمَرِّدٌ نَرْدِي يُلَطِّخُهُ الكرَى
وَنُبوءَتِي الحَمْقَاءُ تَخْنُقُنِي يَدَاهَا لِلأَبَدْ
مَاذا عَسَانِي أَنْ اُدَّثِرَ مِنْ يَبَاسِ الأَمْنِيَاتِ ؟
مُعَلِّقاً تَعْوِيذَةَ الغُفْرانِ فِي عُنُقِ السُّرَى
* * * * * * * *
سُحْقاً لأَعْجَازِ السِّنينِ الخَاوِيَهْ
قَدْ جَرَّعَتْنِي الوَقْتَ ذَنْبَاً مِنْ حَوَانِيتِ الدُّنَى
حَتَّى كَأنِّيَ أَعْصِرُ البَلْوَى فتَهْطِلُ كَالسَّدِيمِ
وَسَافَرتْ قِيثَارَتِي مَوبوءةً
تجْترُّ غفوَتها
تُكابِدُ صَفْعَةَ الأَمَلِ العَقِيمِ
تَصِيدُ حَبَّاتَ النَّوَى المُتَنَاثِرَهْ...
تَتوَسَلُ النَّخْلاتُ غَيْمَةَ عَاشِقٍ
لَكِنَّ شَيْطَانَ الخَطِيئَةِ لا يُهَدْهِدهُ الشَبَقْ
هوَ بَوْحِيَ القُرْبَانُ يَصْلِبُهُ العَنَا
عَبَثاً سَمَاوَاتِي تُوَارِي رَعْشَتِي
فَطَفقْتُ أنْثِرُ فَوْقَهَا مِلْحَ المُنَى
لُغَتِي يُبَعْثِرُهَا مَخَاضُ اليَاسَمِينِ
عَلى رَصِيفٍ مِنْ غَسَقْ ....
المَوتُ العَارِي


للمَوتِ العَاري روحٌ
تَخْشَى أنْ تَعشَق زَنبقَةً سَمْراء
تَذوبُ عَلى مَهلٍ فِي الجَسدِ الأوّلِ، والجَسدِ الآخرِ، والرّعشَةِ بَينَهُما..


للمَوتِ العَاري حَبّةُ قَمحٍ تَائِهةٌ تَحمِلُ كُلّ جِراحِ الأَرضِ
وتَحمِلُ نَهْراً يَجْرِي مُنذُ الأزلِ
وتَحمِلُ بَحْراً يَنسَى فِيهِ النَهرُ المَجْرَى
تَحْمِلُ ما يِفضحُ سِرَّهُمَا

للمَوتِ العَارِي وَجّهٌ
يَتَكَسّرُ فِي مِرآةِ قَصَائدِنا
تَتَشظّى أسْئلَةُ الأَسْلافِ
ويَبْقَى لَمَعَانُ الحِيرةِ فينَا ..

سَأمِدّ الرِيحَ
أَمِدُّ شِتائي للرُوحِ
وأغْزِلُ صُوفاً للمَوتِ العَارِي..


يا مَوتاً مُمْتداً
بَعْثِرْنِي فِي الثَلجِ
وشَرّدنِي كَي يَلِد الليلُ البَاردُ مَوتاً آخرَ
يَغْري الغَيمَ
يَدسّ الشَمسَ عَن الفَوضَى
يا خَمْري
يَكْفِيك هُدوءً شَرْقِيا
أغْرِقْنِي فِي صَحْراءِ الحُبّ..


الحُبُّ هُو المَنفَى
الحُبُّ هو الوَطَن العَبثي
الحُبُّ سَرابٌ حِين يَمدّ الغَيب يدَيهِ
لأجْلِ المَوتِ الغائِبِ والمَوتِ المَولودِ


فيا خمري أَغْرِقْني
لأَغِيبَ
فإنِي مُتعبَةٌ جِداً
أغْرِقْنِي !
رد مع اقتباس