عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 16-04-2013, 02:24 AM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي حكاية شعبية



أبو البنات السبع

الجزء الحادي عشر

قال أبو البنات السبع مُدافِعا عن بناته :
تعلمُ يا سيدي القاضي أن بناتي أكرم وأطهر من ان يمددنا أيديهن إلى مالٍ حرام
خاصة ما هو للأيتام, ولا أشُّك في أن الأمر بِرمَّته من تدبير أخي وزوجته
كيدا وبهتانا
فعلت الأصوات, وثار جدال صاخب, أوقفه القاضي بقوله :
أعلَمُ يا بُني أنكَ وبناتَك من خِيرةِ الناس في مدينتنا هذه
و من أشرافهم و أفاضلهم
إنّما لا يمُكِنني إطلاق حُكمَ إلا بِناء على أدِلةٍ و براهين وشهود
وقد عدِمتم ذلك
فأرى أن تُناظر أخاك, فعسى أن يكون في الشرِ خير كثير
فكّر أبو البنات السبع ثم قال متحديا : قد قبِلتُ مُناظَرَته
قال أبو ساعِدة مُخاطِبا القاضي والشهود :
أشهُدوا باني قد أمرت أخي أن يأتي غدا صباحا إلى المحكمة
ليس مشيا على قدميه, ولا راكبا دابة, ولا محمولا على الأعناق
وأن لا يأتي في الِظلام, ولا في النور
وأن يطعمنا طعامٍ نأكل منه جميعا, ليس من طعام البر
وليس من طعام البحر
فإذا فعل ذلك فالعقد له. فماذا يقول ؟
حار أبو البنات السبع من هذه المطالب العجيبة, وأراد ان يحتجّ
فأمره القاضي بالخروج, والبحث عن جواب وحلّ ...
فخرج حزينا, شارد الذهن
بينما ظل أبو ساعِدة يضحك في سخرية و إستهزاء ...
أما أخوه, فقد هام على وجهه, يفكِّر في مغزى هذه الأحاجي
العويصة, فلم يهتدي, ثم تباحث مع بعض الأصدقاء, ولكنهم فشلوا
ولم يشاء ان يعود إلى داره حزينا كدِرا, حتى لا يُحزِن بناته
اللاتي أصابهُن القلقُ لتأخره في دار القضاء
ولم يعلمنُ بما دار بينه وبين أبي ساعِدة فأردن الخروج
للبحث عنه, وقد غربت الشمس, وبينما كنا يتأهبن
أقبل أبوهنَّ يحمِلُ كيسا مملوءة بالحلوى العمانية
ففرِحن بها ونسينا القضية
ولم يُلاحِظ ما بِهِ من همٍ وضيق سوى إبنته الصُغرى سُعدى
فلّما جَّن الظلام, وحلّ سكون الليل, وغفت العيون
إنسلّت سعدى إلى أبيها وسألته
عما يشغُلَ خاطِره, فأنكر, ولكنها أصرّت و الحّت عليه
فأخبرها بما جرى وصار
فقالت له بلهجة الواثِق بالله, ثم بقُدراتِهِ العقلية :
نم يا أبي قرير العين, ودع لي التفكير
وحين تنهض من نومُكَ ستجدني قد عثرتُ على الحل, إن شاء الله
نام أبوها, بينما ظلت سُعدى تُفكِر, وحين رُفع أذان الفجر
نـبّهها الجن الصالح
فثارت إلى أخواتها و أيقظتهن جميعا
وبعد أداء الفرض جمعتهن, وشرحت لهن المشكلة
فجلسن يبكين و يولونَ, فانتهرتهن, وقالت :
لا يبكي سوى العاجز, وأنا قد وجدثُ الحلَ, فأذهبن وأحضِرن
فُؤوسا و زنابيلا و جواني فارِغة, فسوف نذهب الآن إلى البحر
أما أنت يا سعديّة فأجلببي شبكة صيد أبي الخرِقة
وأصنعي منها قميصا فضفاضا
ثم أسُرجي على العِجل الأسود, كما تسرُجين على الحمار
وسيساعدك اخوالنا الجن
وعندما أشرقت الشمسُ, كانت سُعدى وأخواتُها قد وصلن
مع جنِ أمها الصالحين
إلى شاطى مرباط الصخري, بأيديهِنَّ الفؤوس
والزنابيل والأكياس الواسعة
وعند الضحى كنا قد أنضجنا الطعام, وأحضرنا كمياتٍ هائلةٍ منه
لأن البحر كان ولحسنِ حظّهن جزرا
فعثرنا على مطلوبهن بيسر وسهولة
فأخذَنا يحشينه في الجواني -الأكياس الكبيرة-
وكان لذيذا طازجا
وهو ليس من طعام البر و ليس من طعام البحر
ثم أقبلت سعدِّية, وقالت :
قد أسرجنا على العِجل, وصنعنا قميصا و مئزرا من الشبكة
فأمرت سُعدى أخواتها بربطِ الأكياس إلى ظهر الحِمار
ثم ذهبت إلى والِدها
وطلبت أن يستعدَّ للذهاب إلى دار القضاء
على الصِفة التي إشترطها أبوساعِدة
وبلّغته أنَّ الطعام الذي طلبه قد أُنضِج
وما عليه سوى, تقديمه لأبي ساعِدة و لكل من أحب أن يتذوقه
ثم قالت له : فإذا ظفِرت به, فقل له :
إن بناتي أذكى و أمهر من بنيك
وهُنَّ يتحدّينهم في السفر إلى البلاد البعيدة
على أن يعودون جميعا بعد شهرين
ويكونُ المجد لمن ربِح أكثروكسِبَ أعظم
فإذا وافق على ذلك, فأشهد عليه الشُهود, ثم عُد إلينا سريعا
هذا ما كان من البنات السبع وأبيهُن, أما أبو ساعِدة فإنَّهُ
و قبل ذهابه إلى دار القضاء, توجَّهِ إلى صديقه
اليهودي الذي أمدّه بتلك الأحاجي
وسأله إن كان بإمكان أبو البنات السبع أو بناته أن يهتدوا إلى حلها
فطمأنه اليهودي, وغرر بِهِ, فذهب إلى القاضي مزهوا بنفسه
مُطمئنا إلى أنه لا يُمكن لأحدٍ أن يحل أحاجيه أو أن يفكَّ لغزها
وبالتالي فسيتمكِّن من إذلالِ أخيه وبناتهِ
وسيحُطُ من مكانتهم بين الناس
وسيظهر كرجل حكيم
وقبل أن يذهب إلى دارِ القضاء
قرر أن يصطحب زوجته لِتشهد بنفسها هزيمة
أخيه أبي البنات السبع , لعلها تشفي غليلها, وترضى عنه
وحين سمِعت أمِ ساعِدة عرضه, بادرت إلى أبنائِها
وأيقظتهم جميعا
ثم خرجوا, وقد لبسوا أجمل ما يُلبس, وهم واثِقون من الفوز
يسعى الخدمُ عن أيمانهم وشمائلِهم, وقد طغى عليهِم الزهوُ والإعتداد

يتبع

إن شاء الله


رد مع اقتباس