عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 29-04-2013, 11:49 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي حكاية شعبية




أبو البنات السبع

الجزء الثالث عشر

فصاحت سُعدى : فليذهب رجال إلى الشاطىء الصخري
وليرافقهم عمي أبو ساعِدة فإن وجدوا البلح في البحر
كان طعام بحري, وإن وجدوه في البر, كان طعام بري
وإن وجدوه بينهما, فهو ليس من البر, و ليس من البحر
فقال القاضي : بل أذهبُ أنا بنفسي و هولاء الناس جميعا
فلمّا وصلوا إلى ساحل البحر, وجدوها جزرا, و بلح البحر
قد يبِس على الصخور, فصاح القاضي :
الله أكبر ... ظهر الحق, وبطُل الباطِل
فأراد أبو ساعدة أن يحتجّ , ولكنه سمع ثناء
الناس ومديحهم لبنات أخيه, فسكت مقهورا
ثم عادوا أدراجهم إلى دار القضاء حيث حكم
القاضي لأبي البنات السبع بالفوز, وربح الرهان
فأعاد العقد للفتاة الخرساء, فلّما قبضته
ألقته في وجه أم ساعدة التي إرتبكت وخافت الفضيحة
أراد أبو ساعِدة أن ينسحِبَ بهدوء, خاصة بعد أن أهانته أم ساعِدة على رؤوس الملاء
فقال له أبو البنات السبع :
مهلا, و إعلم يا أخي, أنني لا أحبُ أن أراك في هذا الهوان والذُل
ولكنكَ لم تترُك لي خيارا, ولتعلم جيدا إن بناتي أذكى وأمهر من بنيك
الذين أهملت تربيتهم و تهذيبَهم
وبناتي تُراهِنُ أبنائك على السفر إلى البلاد البعيدة متاجِرين
وبعد شهرين يعودون جميعا, ويكونُ الشرف والمجد لمن ربِح أكثر وكسِبَ أعظم
فماذا تقول ؟
برِقت عينا أبي ساعِدة سرورا عندما سمع مقالة أخيه
وقال في نفسِهِ :
وبماذا ستتاجِر بناتُه, وليس لديهن مال, ولامتاع ؟
ولا يملِك أبوهن من السُفنِ سوى تلك الغنجة (من أسماء السفن) المتهالِكة
أما أنا فسأرسِل سبع سُفنٍ فائقة السرعة, قوية متينة, محملة بالبضاعة
لكل واحدٍ من أبنائي سفينته وبِضاعتَهُ الخاصة, وجملةُ من الخدم
فلمّا سأله القاضي عن ردِّه. قال :
نعم أوفِقَ على هذا الِرهان, وستنطلِقُ السُفن بعد خمسة أيام
قال أبو البنات السبع : لكن هناك شرطٌ جزائي
قال أبو ساعِدة : وما هو ؟
قال أبو البنات السبع : يشهد الشُهود على أنّ من ربح الِرهان
يكون من حقِهِ أن يفعل ما يشاء بِغرُمائه
كان أبو ساعِدة واِثقا من فوز أبنائه ,لأنّ لديهم مالا وفيرا
وحينئذٍ, يُمكنهم أن يجلدوا بنات عمِهم, أو أن يبيعوهن كجواري
فقال متلهِفا : قبلت كل هذه الشُروطَ, وليشهد الشُهود
فأنفضّت الجلسةُ وقد حار الكثير من الناس في أمر الصياد
عاد أبو ساعِدة وبنوه إلى قصرهم يملأهم الفخر والزهو
والشُعور بالتفوُقِ, وقد ظنوا و أعتقدوا بأنَّ الغلبة ستكون لهم
بينما عاد أبو البنات السبع إلى كُوخِهِ, واضِعا يده على رأسِهِ
وهولا يفهم لماذا أصرّت إبنته سعدى على هذا التحدى الصعب
عندما أتى الليلُ لم يتمكّن أبو البنات السبع من النوم, وغَرِق في الهم
وفي صباح اليوم التالي خرج من غُرفتُه, فوجد
ثلاثة من بناته يجهِّزن عدة و أدوات الصيد, كما يفعلن كل يوم
فأستغرب من ذلك, وسألهن : وماذا عن السفر ؟
فقلن له : إن سُعدى هي من أمرنا بالخروج للصيد
فناداها : سُعدى ... يا سُعدى ..., ولكنها لم تُجِبه
وعندما توجُهَ إلى غِرفتِها, وجدها تصلي, فأنتظرها
وبعد التسيلم, سألها بلهفةٍ وحُيرة :
ماذا عن السفر يا بُنيتي ؟ وبِماذا ستتاجِرن ؟
ولم أركِ جلبتي شيئا مما يتاجر به الناس
وماذ ستفعلن في البِلاد الغريبة, وأنتن بنات ؟
وأنى لي أن أطمئِن عليكن, و هي أول مرة تسافرن, ولوحدِكُنَّ ؟
ثم كيف لي أن أصبِر على بُعدكن و فراقكن ؟
أظنُّكِ يا أبني أخطأتِ هذه المرّة, ثم جلس يبكي وينتحِب
فتقَدّمت منه سُعدى ,وقبّلَت يده, وأخذت تُشجِّعه, وتشرحً
لهُ خُطَتَها, حتى إنشرح صدرُه, وإبتسمَ, ثم خرج, وهو يقول :
أيتها الماكُرة, رُفقا ببني عمِّكِ, فإنّهم ضحايا, لا ذنب لهم
عندما وصل أبو البنات السبع إلى الساحِل شاهد
أخاهُ مُمسِكا بعصا غليظة, يضرِبُ بها الخدم, وهو يحثهم على العمل
والسرعة في شحنُ السُفنِ السبع, فقال في نفسه :
أسألُ الله أن يهديكَ, وأن يمحو من قلبك البغضاء
وقف الناس يتفرِّجون على سُفنِ أبي ساعِدة , وقد شُحِنت بمُختلفِ
أنواع البضاعة, وهم يتعجبون لشأنِ البنات السبعِ وأبيهن
فهم لم يضعوا كيسا واحدا في سفينتهم, وقد إقترب موعد الإنطلاق
ولم يعد لديهم من الوقت هذه الليلة ...
فكانت الناس تشعر بالحُزنِ والرِثاء لهولاء المساكين
وعند منتصف الليل, وحين غفتِ العُيونُ, خرجت سعدى وأخواتها
وباشرنا تحميل سفينتهنّ ببضاعتهنّ, ثم عدنا إلى دارهنّ دون أن ينتبه أحد لهن
وفي ضُحى اليوم الموعود, خرج الناس كافة, ليشهِدوا إنطلاق السُفن
في رِحلة التحدى الكُبرى, فأقبل أبو ساعِدة وهو باسم الثغر مبتهجا
يتوسّط بنيه, يحف بِهم أخوالُهم, وأصدِقاؤهم, وخدَمُهم, والكثير من المنتفعين
بينما كان المُنشِدون, والمُغنون والراقِصون من ورائهم, وقد إرتفعت
أصوات الطبول والمزامير والأبواق, ورددوا الاهازيج وكأنهم في مهرجان
مشى أبو ساعِدة الخيلاء أمام الناس, منتشيا متعجرفا حتى وصل إلى البندر( مرفاء)

يتبع

إن شاء الله


رد مع اقتباس