عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 20-05-2013, 10:24 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي حكاية شعبية



أبو البنات السبع


الجزء السادس عشر

ففرحوا وأستبشروا
وبعد طولِ إنتظارٍ غدت تِلكَم السفينة على مقربة منهم
فعجَّوا بالصراخ, ولوّحوا بأيديهم
وضجَّوا بالبكاء ,وطلبوا من البنات مدّهم بالماْءّ والقوت والغذاء
فقالت لهم سُعدى : الماءُ والزاد مُقابل بِضاعتِكم
فوافقوها على الفور
وأرسلوا قواربهم وقد حملوها بالسّمن البلدي وباللُبان والبُخور وغيرها
وبعد أن أفرغوها في سفينة البنات
ملئوها بقرب الماء وأكياس الرز والعدس واللحم المقدد
ثمَّ قرروا العودة إلى أرض الوطن
وأعلم سعدي بنات عمه بالوجهة الصحيحة فأدرن الدفة
إلى الشرق
ولما وصلت سفينة سعدي إلى بندر مرباط
أستقبلهم أبو ساعِدة بالتوبيخ والإنتهار و الإحتقار
بينما أمضى ساعِدة ثلاثة أيام في ذلك الخليج
منتظِرا قدوم سفن إخوته, فلما لم تظهر
أمر النوخذةُ بحارته بنشر الأشرعةَ ورفع المِرساة والإنطلاق إلى وِجهتهم
ولكن ساعِدة إعترض, ومنعهم قائلا :
سوف نحتفل أولا بنجاتنا من الهلكة, ثُّمَّ يمكننا أن نلحق بسفن إخوتي المُتقدِمة
فأرخى البحارة حبل المرساة, وطووا جميع الأشرعة
وذبحوا الذبائح وأقاموا الموائد
وكأنهم في قصر أبي ساعِدة, وليسوا في عرض البحر
وأمضوا نهارهم في أكلٍ و شُربٍ و رقص وغناء ولهو وطرب
وبينما هم في غفلتهم تلك و لَعِبهم ذلك, وقد أوشكت الشمس على المغيب
شاهد بعضهم سفينة البنات السبعِ, أمام سفينتهم
تتهادى و تجري ببطء شديد فعرفوها, وأعلموا ساعِدة بذلك
فجن جنونه, وأمر برفع الأنجر(المرساة)
ونشر الأشرِعة كلها, والإنطلاق لكي لا تسبقهم سفينة البنات
فقال له النوخذة : لا يُمكننا الإبحار الآن, وقد غابت الشمس وحلَّ الظلامُ
وليس بمقدوري تحديد مسار السفينة ليلا, ما لم أكن قد أبحرت قبل الغروب
فغضِب غضبا شديدا, وأرغى وأزبد, وتهدد وتوَّعّد لكن البحارة عاندوه
ولم يكد ينبلج فجر اليوم التالي, حتى خرج من قمرة النوخذة, وأخذ
يصيح بالبحارة : أرفعوا المرساة ... أنشروا الأشرعة ... جدِّفوا بقوة
يجب أن نسبق سفينة البنات السبع, التعيسات البائسات, هيا يا رجال
وبعد ساعة من الوقت شاهدت البنات سفينة تلاحقهن, ففِرحنَ كثيرا
وقد حسبنها سفينة سعدي عادت لمرافقتهنَّ
وما هو إلا قليل, حتى كانت سفينة ساعِدة تقترب من سفينتهن
فأبطين السرعة
ووقفت سُعدى على مقدم السفينة وصاحت بأعلى صوتها :
يا أبن العم ... أخرج إليَّ أكلمُك ...
فخرج ساعِدة رافعا راية الغرور, وقد أرتدى ملابس أنيقة
و تمضَّخ بالعود والغالية ووقف أمامها مُعتدا بنفسه
ثم أشار إليها بيده إشارات إستعلاء و إستخفاف أن انصرفي
فسألته سعدى : أتحتاج إلى عونٍ منا أو مساعدة, يا أبن العم ؟
فغضِب غضبا عاصِفا, وأخذته عِزَّة زائفة, وقال :
أمِثلي يحتاج إلى مِثُلكِ أنتِ ؟
أُغرُبي عن وجهي, قبل أن أنالك بالعُقوبة ...
فقالت له : سوف تحتاج إلىَّ يوما, يا إبن العم, ولن أرُدك
ففتح ساعِدة بوابة شتائمه على مصراعيها, لا يردعه عقل ولا ضمير
أما سُعدى فقد أمرت أخواتها برفع الشراع الجديد, ومواصلة الإبحار, وفي
قلبها حُزن وأسى على ما تشربته نفوس أبناء العم, من حقد وكراهية
فبكت شفقة عليهم, ورحمة بِهم, فهم ضحايا الحسد والغيرة العمياء
ولم تغرُب شمس ذلك اليوم حتى كانت سفينة ساعِدة قد تركت سفينتهن ورائها
فأنتشى ساعِدة وطرِب, وأراد أن يقيم مأدبة فاخِرة كعادته, فقال له الطهاة :
لا يوجد ماء كافيا, ولا لحما ولا أرزا... فبهِت, و تباغت وحار
ثم توجه الى النوخذة, وشكى اليه الطباخين, فقال له :
إنها سفينتك, وانت حر فيما تفعل, فسكت نادِما على ما بدر منه
ثم إنَّ النوخذة أعلمه بان الماء والطعام لن يتوفرا لأكثر من يومين, بسبب الإسراف
فقال ساعِدة : وما العمل ؟
قال النوخذة : ليس أمامنا سوى انتظار سفينة البنات السبع, وأن تطلب منهن مددا
فغضب ساعِدة وقال : فإني أُفضِّل الموت جوعا, على أن أستغيث بهنَّ
لكنَّ الطعام والماء نفذا من السفينة, ولم يتحمّل رفاقه الجوع والعطش طويلا
فضج المهرجون, وتماوت المغنون, ولاموه, و عاتبوه على الكبر والعناد
فأسقِط في يده, وتوجّه إلى النوخذة, وطلب منه التوقف, و الإستنجاد بالبنات
وحين إقتربت سفينة البنات السبع من سفينة ساعِدة, ضج بحارته ورفقاؤه
و أستغاثوا بهن, وشكوا إليهن قلة الماء والقوت على سفينتهم, وتوسلوا إليهن
طالبين الرحمة والغوث من الله ثم منهن
فقالت لهم سُعدى : إن سفينتنا مليئة بالماء والزاد, فإذا طلب عمارة ذلك منا
وهبنا لكم ماشئتم
فأقبل ساعِدة مطأطأء رأسه, ثم قال بصوت متحشرِج :
رفقا يا أبنة العم, فإني سأبتاع منك ماء و زادا
فقالت : لك ما تريد, فأرسل إليَّ قاربا مملوء بالحلوى العمانية
واللؤلؤ البحريني, و سأعيده إليكم مملوء بالماء العذب والطعام
فرح رفاقُ ساعِدة بالماء والطعام, وأخذوا يسرفون في الأكل والشرب
حتى نفذ ما لديهم في وقتٍ قصير, فأنتظرواسفينة البنات للمرة الثانية
فقلنّ لهم :
لم يبقيَ لدينا من الطعام والشراب الا القليل, ولا يمكننا بيعه, أو إعطائه لكم
فبكى ساعِدة و رِجاله, وخافوا الموت جوعا وعطشا, وهم في عرض البحر
فشرعوا يتوسلون إلى البنات, واحدة تلي الأخرى حتى أشفقن عليهم, ورحمنهم
فقالت سُعدى:

يتبع

إن شاء الله


رد مع اقتباس