[ناجى جوهر]

حكاية شعبية




أى قمراوت النطله




السيطرة التامة



وظهرت أى قمراوت بجمال يسحر العين ويسلب العقل، ونسى الجماعا الزواج والوزاره وما عاد شلّو [1] عيونهم من وجه الزين
لي مكحّل عيونه ومحنّي كفوفه، وهو حسن مزيّف ما هو حقيقي، فخافت الوصيفه لا يصرون بها [2]، وصفّقت بيدينها وزعّقت:
أيه وراكم هيكذا حايرين؟ كل مرّه يتكلّم واحد منكم باللي معو، خلّو مولاتي تسمعكم وتتحنقل [3] العريس والوزراء من بيناتكم [4]
فقال شيبه ملقوف [5]: أيش نقول يا بنتي؟ في حيّاتي ما ريت حُسن كما حُسن مولاتي تبارك الخلاّق، فتبسّمت النطله
وتجننّو الجماعا من سحر بسمتها ومن حلاوت ضحكتها، وما عاد حد حجى [6] عقل واستقام الغفل [7] وقام شيبه ثاني زغيوي [8]
فيه مزاح وخفّة دمّ وقد هو مرّه فقد السيطرا على عمرو، وبرك وسط المجلس على يدينو ورجولو وحطّ شالو[9] على ظهرو وقال:
آني فعور [10] مولاتي السلطانه، وقام يدور وسط المجلس وهو بيقلّد صوت الفعور ويمشي مشيتو، والحضور فطسو [11] من الضحك، واشترحو [12]
من جمال المكان وحسن السلطانه قمراوت وجواريها، ويوم سكتو قالت لهم: أول حاجه تفوّلو [13] أنتو ضيوفنا، بعدين با تقع سهاله [14]
فأكلو وهم في غاية السعاده، وكانت الهنديات تسقينهم من ماي الزير البارد المحلّى بالسكّر نبات الممزوج بريحة ماء الورد، فمزرو [15] منّو مندُن [16] حزر [17]
لين بغت بطونهم تشتفر [18] وما عاد لاقو وسع منشان الغداء، ويوم خلّصو من الفوالة كانت الساعة الرمليّة قد تمّت فنزّلت الوصيفه الستاره بالصدفه [19]
وأختفت أى قمراوت والبنات، فوكدو [20] وتحسّفو [21] وثرثرو ولقلقو، فقالت لهم: التيم [22] خلّص، و مولاتي وراها شغل واجد، تعالو بكره لا بغيتو تهارجونها
فاغتاشو [23] وبغو يتجنّنون وتعكّرو، وخرج بعضهم وبعضهم جلسو قازحين [24] حاجرين سواد الوجه، وما بغو يخرجون بالحشمه
فدخلو عليهم أربعه مدري خمسه حُرّاس غلاظ غلاظ في يد كل واحد منهم خيزران، ويوم شافوهم انتقبت قلوبهم من الفزع وعينك ما تشوف الاّ النور، خرجو يبتدرون [25]
السدّه وهم با يموتون من الحسره، لأنّهم أنشغلو بالقوت عن السلطانه، وردّو لا بيوتهم مندُن عقل وما جابو السامان اللي متعوّدين يجيبون كل يوم من خسار وخضار وراشن وغيرها
ووقعت مشادات مع الزوجات والأمهات، وعزم كل واحد منهم أنو يتحسّف [26] اكثر، لاكان أي قمراوت كانت عيّاره كفايه منشان تخدعهم
وكل يوم تلهيهم بحيله، وهم بيحلمون حد بالزواج وحد بالوزاره، واستمرّو على هذي الحاله لين انتبه البعض منهم، لاكان بعدما خسرو هزبات [27] من ثرواتهم وأموالهم
وكثير منهم طلّقو حريمهم، على أمل أنّو يتزوّج أي قمرات، وتأسفو على الخساره، وهمّوا بالشكيّه، لاكان عند من با يشكون؟ فسكتو وهم با يموتون قهر
وداوم عدد قليل من الشبّان على المجلس، وما سمعو نصيحة حد، واللي منهم يفلّس ويفتقر تسلّط عليه خدّامها فيمنعونو من الدخول
وأستوت مشاكل وخصومات وعداوات بين الأهالي، وهي وجواريها وعساكرها يتمتّعون بأموال الناس، وأشترت معظم دكاكينهم وغوارفهم [28]
بأموالهم اللي أخذتها منهم بالحيله، وقامت تنتقم من البنات اللي رفضينها وتمسخرن عليها من زمان.وسأل الجنّي لي متلبّس بنت السلطان المنفيّه عن الشروط
فقالّو الرجّال الحرفوش [29]: أوّل شرط تتعهّد بأنك ما توذي هذي الصغيرة أبدا قال: تمّ، قالّو: ثاني شرط تفعل اللي آمرك بو في أي وقت طلبتك، قال: تمّ
وخرج من رجل الصغيرا لي داخت من التعب، ويوم انتهبت خبّرتها العجوز باللي استوى فبكت وحمدت الله
وبعد مدّه اشتاقت وحبّت ترجع لا بلادها، وما عاد اكلت قوت من المحنه [30] والرجّال يوعدها يودّيها في الوقت المناسب.
وتفلّعت [31] أى قمراوت على الناس، فكانت تجيب والد الصغيره وتحنقلو [32] يا يزوّج بنتو واحد من خدّامها يا يطرد من البلد، ووقع الناس في محنه عظيمه
لأنو لا خادم من الخدم تزوّج تومرو يجيب زوجتو منشان تخدمها، ولا غلبت المره وتمنّعت تومر زوجها يضربها وينذّل بها قدّام الناس، واللي غلب ينفّذ أوامرها تحبسو وتعذّبو
وفلّ كثير من الناس باعمارهم وعيالهم، أما الذي استسلمو لأي قمروت الظالمه فقامت تلعب عليهم وتحرّش [33] بيناتهم، تقرّب الأب وتبعّد الأبن، تحسن إلى الأخ وتظلم أخوه
منشان تزيد الفرقه بين الناس، وأمتنعو الرجال اللي كانو يزورونها، وما بقى حدّ يجالسها غير شاب صغير في السِّن وهو ابن الطبيب الهجّاج لي ترك لو ابوه أموال ومزارع ودكاكين
لاكان الوليد طايش وغفيق [34] وطيره [35] وما طاع يسمع شور امو اللي حذّراتو من كيد النساء وعيارتهن، وظلّ يصرف أموالو على العيّاره وجواريها
وهي سوّت لو عصر [36] كذب، ولا جا يستقبلينو الهنديات بضحكاتهن اللي تذيب القلب، والسلطانه تسوّي نفسها مستحيه منّو، وهو جعنها [37] تستعصرو [38]
واستمرّ هكذا يجيب الهدايا خواتم وبناجر ذهب، وفصوص الماس منشان العصابه، لين باع الدكاكين والمزارع والصوغه، وافلس وافتقر
ويوم جا هذاك اليوم خالي حافي رمى بو الخدم لا خارج القصر بعدما غدّوه شتايم وسباب، وسمع أى قمراوت بتنهد [39] عليه:
لا جيت لاهنا خالي با تشوف عارك يا برذول [40] واحد، سير لا عند أمك يا الغثر [41]هذيك الساعه بسّ الوليد انتبه، وعرف أنو وقع ضحية نصب
فجلس يبكي ويبكي لين اشتحج [42] حلقو، لاكان ما حد غضن [43] منو ولا حد جا لو يتضامن معو لأنّو ما حد لزّم عليه يضيع مالو وحالو على السوالف الناشزه
ويوم سمعت بو أمّو راحت لو، ورجّعاتو البيت وهو قُدُه مثل الشطرور [44] الدويل [45] من المحنه والعاور [46] والقهر والبكى والشكى، واستمرض
لاكان العجوز ما فسحت [47] بو، وقالت لو: شوف يا بني ما حد با يرجّع لك حقّك غير يدّاتك، وأنتا لا جلست تبكي وتشكي ما شي با يتغيّر ولا با يتبدّل
قال: وكيف ساوي آنا يا يُمّه كيف ساوي؟ قالت لو: سير كل يوم واجلس تحت المشرفيه، وخلّيها تشوفك وتمتحق [48] لين ترجّع عليك حقّك، ولا خرجو عليك الحرس عدي [49]
بعمرك، هم ما يستانسون يتبعونك لا داخل الحلّه [50] لأن الناس كلّهم يبغضونهم، وحاجرين منشان يستوفون [51] منهم هم والعياره أى قمراوت النطله
ونهار ثاني خرج الوليد في نفس التِّيم لي تجلس فيها السلطانه وشلّتها، وجلس على الدكّه [52] يغنّي بصوت عالي، ويوم سمعاتو صتت [53] فشافتو وعرفاتو
وعلى طول سكّرت الخلفه، وهو جلس حاجر يغنّي والعساكر ما قالو لو شي، وجلس وجلس لاكان الخلفه ما انفتحت، ويوم حرقاتو الشمس رجع البيت
وعشيّه سوّى نفس الحركه، لاكان هذي المرّه ما فال لأنها سوّت لو مكيده، يوم غنّى فتحت الخلفه وجلست تمشط شعرها وتضحك لو
فأغتفق لأنو قتّها اغتضفت فأستامن وغفل وما حسّ إلا والسياط قدها بتتبرّع على ظهرو
وما وقع لو يشرد بعمرو، لأنو الحرس سدّو عليه الطريق ...

يتبع إن شاء الله







المفردات:

[1] ـ حرّكوا [2] ـ تصيبها عبن حاسد [3] ـ تختار [4] ـ من بينكم

[5] ـ مشاغب [6] ـ احتوى [7] ـ السلى [8] ـ ارعن

[9] ـ وشاح طويل وعريض من الصوف [10] ـ ثور

[11] ـ شبعوا [12] ـ انبسطوا [13] ـ كلوا طعام الضيافة

[14] ـ تيسير [15] ـ نهلوا [16] ـ بدون [17] ـ قياس

[18] ـ تنبجع [19] ـ فجأة [20] ـ تفاجأوا [21] ـ اسفوا

[22] ـ الوقت [23] ـ تضايقوا [24] ـ متربّعين [25] ـ يتسابقون

[26] ـ ينتبه [27] ـ كميّة كبيرة [28] ـ حقول [29] ـ سريع

[30] ـ الحزن [31] ـ تجبّرت [32] ـ تخيّره [33] ـ تفتن

[34] ـ غرير [35] ـ احمق [36] ـ مجبّة [37] ـ اعتقد أنّها

[38] ـ تحبّه [39] ـ تزجره [40] ـ تافه [41] ـ رخيص

[42] ـ جفّ [43] ـ أشفق عليه [44] ـ قطعة قماش [45] ـ البالي

[46] ـ الشعور بالخجل [47] ـ تركت [48] ـ تتضايق

[49] ـ اركض [50] ـ الكدينة [51] ـ ينتقمون

[52] ـ البنقلة [53] ـ القت نظرة