عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30-03-2015, 10:08 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي مغامرات مُزعج ذاته الإمام والناقة





مغامرات مزعج ذاته



الإمام والناقة





إعتاد مزعج ذاته على أداء الصلاة في المسجد القريب
إلاّ أنّ تكرار المشاجرات بين الروّاد المحتجّين على توقيت الأذان
والإقامة, وطول وقِصر السور وما إلى ذلك من أذكار وخلافها
جعله يصلي في مسجد بعيد لم يلبث أن وجد فيه نفس المشاكل، بل إنهم
هنا وعلى قلّتهم يتعاركون بالأيدي في بيت الله, وذلك بسبب التنافس الشديد
بين المؤذن الذي عيّنته الحكومة والإمام الذي ورث المقام عن آبائه وأجداده
وفي الحقيقة فإنّ أي منهما لا يمتلك المؤهلات المناسبة للإمامة
وإنّما كان بقاؤهما في منصبيهما تيسيرا ولطفا ورفقا من الدولة
وقد ساندتهما بإمامٍ أزهري ليقوم بالواجب وليحمل عنهما المسؤولية
وما عليهما سوى أداء فرائضهما بسلام وراتبيهما تجري مكانها
لكنّهما أصرا على التنازع والتخاصم كيدا لبعضهما البعض

وعندما سأل مزعج ذاته أحدهما عن سبب الخصومة
أجابه بأن المبلغ الذي يتقاضاه أقل من الممنوح لمنافسه
وبالإستفسار عن المبلغ المصروف إذا به رقم فلكي أسال لعابه، فقرر
أن يعمل مؤذنا وإماما في نفس الوقت, ولكن مساجد القرية لا تحتاج إليه
فربّى لحيته وجعل يرش عليها عطرا حارا كل يوم حتى أبيّض جزء منها
وقصّر لباسه وحلق شاربه, ثمّ هاجر إلى قرية نائية يعلم أن جميع سكانها أميّون
بالكاد يحسنون نطق الشهادتين, وهناك أظهر من الورع والتقوى ما أقنع به شيخ القرية
ليتخذ منه مؤذنا وإماما ومستشارا دينيا

وبعد تمكّنه من إقناع القرويين بعلمه وزهده أشار على الشيخ بتزكيته لدى الوزارة
ليعيّن إماما رسميا, وكان له ما أراد بعد حين، فتغوّل مزعج ذاته مستغلا تعيينه بعقد رسمي
وظهرت عليه نزعات التسلّط لما حظي به من توقير وإحترام ودبّ إلى نفسه الغرور والجشع
وأستغلّ سذاجة القرويين وبراءتهم وأخذ يوجههم إلى خدمته، وسطى على صدقاتهم
واستحوذ عليها بدلا من أن يوزّعها على فقرائهم, وتمادى في غيّه عندما وضع يده
في يد عصابة مجرمة من أبناء القرية كانت تتلاعب بأموال وعقول المساكين
ووجدوا فيه مشرِّعا يسهّل عليهم السيطرة والتحكّم فكانوا يلجئون إليه لتحليل ما حرّم الله
وتحريم ما أحل حتى وصل بهم وبه الأمر إلى حدِّ تطليق النساء الجميلات من أزواجهن
ليتزوجها من أحب من أفراد العصابة, فتأذى الناس وشعروا بأن الإمام قد إنحرف
لكنّهم لا يملكون أو لا يعرفون كيف يدينونه, خاصة وأن شيخهم على رأس العصابة

فأجتمع بعض النابهين سرا، وأرسلوا من يعرض مشكلتهم على رجلٍ صالح في المدينة
وفعلا أرسل ذلك الرجل الصالح فتىً متعلِّما ليجمع المعلومات ويستكشف الاعيب الإمام
فتألّم المبعوث مما يرى من دجلٍ وكذبٍ على الله تمارسه العصابة
ولم يصبر على ما يرى ووقف خطيبا بعد صلاة ظهر ذلك اليوم وقال:
يا معشر القرويين، إن هذا الرجل الذي يؤمّكم لا يعرف شيئا من دين الله
فإنّ ما رأيت وسمعت منه يتناقض تماما مع شريعة الإسلام

فأنزوى مزعج ذاته كسيرا، وأنخرط في بكاء شديد
ثم قال: جزاك الله خيرا يا بُني، أبعد هذا العمر تتهمني بالجهل
ونهض الشيخ غاضبا فقال: ومن أنت حتى تتهم إمامنا بالجهل؟
وتتابعت معارضات أفراد العصابة، بينما سكت القرويين حيرة

عندئذٍ قام مزعج ذاته متصنعا السكينة وقال:
لا بأس يا إخوتي المؤمنين، فإنّي سأكشف جهل هذا الدعي
أمام سمعكم وبصركم، فهل يوافق على إمتحاني؟
فقال المبعوث الواثق من علمه: نعم. سل عمّ شئت
فقال مزعج ذاته: لست أطلب منك سوى كتابة كلمة واحدة على وجه الأرض
ليشهد الناس بأعينهم إن كنت كاتبا أم كاذبا
فقال المبعوث مستهينا: فليكن

فخرج مزعج ذاته من المسجد وطلب من القرويين الحضور وتشكيل دائرة
ثم صاح بأعلى صوته: يا إخوتي المؤمنون، فلتشهدوا ولتنظروا بأعينكم إلى كتابة هذا
وإلى كتابتي، فأيّنا رأيتم قد أصاب فلا تأخذكم في الله لومة لائم وقولوا كلمة الحق
ثم صاح بالقرويين السُذّج:
أتعرفون الناقة؟
قالوا: نعم
قال: عليك يا بُني أن تكتب كلمة ناقة التي يعرفها إخوتنا المؤمنون بخطِ كبير
وإن رأيت أنك لا تستطيع فإني أعفوعنك وأسامحك على هفوتك فأرحل قبل الندم

فتقدّم المبعوث بكل ثقة, ثم كتب بالخط المحقٌق كلمة ناقة
فنظر إليها القرويّون الجهلة في تشكك وبلبلة
فوثب مزعج ذاته وشيخ القرية وعصابتهما وأخذوا يضحكون
في إستهزاء وسخرية, ثم قال مزعج ذاته: أرأيت يا بُني عاقبة الكذب والإفتراء؟
أهكذا تُكتب كلمة ناقة يا جاهل؟

ثم صاح بالقرويين: أنظروا إلى ما كتب هذا الأحمق
فأخذ القرويون ينظرون إلى الكلمة المكتوبة بعين الجهل
فقال لهم المزعج: والآن أنظروا إلى ما سأكتب أنا, ثم رسم مستطيلا
بدأه بما يشبه الرأسِ ووسّطه بحدبة كأنها سِنام وأنهاه بذيل متدلٍ
وفي ذات الوقت كان شيخ القرية وأتباعه من العيّارين يبالغون
في تزكية مزعج ذاته ويكبرّون الله قائلين: ناقة ناقة ناقة
يسمعون القرويين
ثم قال المزعج في ثقة وإعتداد:
أنظروا أيها الكرام بأعينكم ملياً أنظروا, فنظروا, فقال:
بالله عليكم أيهما ناقة أما كتبه هذا أم ما كتبته أنا؟
فصاح القرويين جميعا: بل ما كتبته أنت هو الناقة
فهجم أفراد العصابة على المبعوث وطردوه شر طرده
ووقف مزعج ذاته يضحك ويقول:

{من ركب العجلة أدركه الزلل}


للقصّة بقيّة تتبع إن شاء الله






التعديل الأخير تم بواسطة ناجى جوهر ; 31-03-2015 الساعة 12:08 AM سبب آخر: إملاء
رد مع اقتباس