الموضوع: صرخة الرفض
عرض مشاركة واحدة
  #51  
قديم 30-04-2013, 04:10 PM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

و عادت بها الجدة إلى بيت أبيها، في تلك اليلة أشتد عليه المرض، و سمعه الفيلسوف يئن و يسعل ، فدخل عليه ، وجده قد سقط من فوق سريره، يحاول عبثا أن أن يعود إليه، فأعاده و ناوله دواءه، و جلس عند رأسه ينتظر، و لما رآه استقرقليلا، سأله على ما ينوي، و قد اقترب أجل الإخلاء، و بلغه أنهم جميعا في حيرة كبيرة، فثارت ثائرته، و قبح فعلته هذه، لأنها كما قال إستعجال لموته.
_ لا تستعجلوا موتي، واتركوني أموت هونا، و سأجمعكم في آخر الأسبوع لأطلعكم على أنوي فعله، حتى ينشغل كل بنفسه ، و تتركوني أموت بهدوء.
و فهم الجميع أن الأب سيجمعهم من أجل الوصية،فتنفسوا الصعداء، و حل الحلم و الأمل مكان الخوف و اليأس و القنوط، تفاءل الجميع خيرا، و بدأت رحلة التفكيرفي مستقبل كله طموح،كل يعزف على الوثر الذي يطربه، و كثرت الدندنات، واتفق القيلسوف مع عمه على العيش عنده، و إنشاء شريكة يديرها و يترك التعليم، فعجلت زوجته باقتراح مشروع جريدة تنطق باسمه، واستقدمته للإقامة معهم، فحمل أمتعته واستقر عند عمه نهائيا، في غرفة جميلة،مجهزة بأحدث الآثاث، بجانب غرفتها في مسكنهم الجديد. و طابت نفسه لما وجده من أنس في قربها، و عوضته عن ما بدر منها تلك الليلة من سوء تصرفها معه، وأقنعت زوجها بضرورة وجوده معهم بمشروع أو بدونه لأسباب تراها كثيرة و متعددة، منها سفره الكثير في مهمات مختلفة ، و للنساء كما يول المثل كيد العارفين بالشيطان ، كما للصالحين فراسة العارفين بالله. لم تكن تتوقع أن نهاية هذا المسلسل يجمع لها فيها القدرخمسة عشر مليون دينار و أرنبين في كيس واحد،لنها فرصة العمر الذي ضاع منها، تنظر إلى الحياة تبتسم لحظ لا يزال كل يوم يتزين من جديد، الحلقة الوحيدة التي لا تزال مفقودة لإستكمال المشهد هي الأشرطة، و تبقى اللعبة، لعبة شطرنج مفتوحة كل الوقت، و الأدهى هو الذي يكسب الرهان في الأخير...
خرجت الأم من غيبوبتها، وأتوا بها إلى البيت، مشلولة كما قال الطبيب، على كرسي متحرك،مهزومة عشش فيها اليأس و القنوط، تدفعه الأرملة في صمت المختنق من الغيظ، ساعدتها على الصعود فوق السرير، مدت رجليها، و فاض دمع المذلة لأول مرة على خدها غزيرا، و ماذا يفعل مثلها لما تخونه كل الحيل ، و يدبر زمن العز الغموس تاركا للهوان سلطانه و صولجانه.
أخبرتها بكل ما جرى في غيابها، و أنها اتفقت مع أختها الصغرى لفتح مرقص أو نلهى ليلي، و أن الصغرى قد اكتسبت مهارات في الرقص رهيبة جدا، وخاصة رقصة الأمازونيات ، رقصة جديدة لا يعرفها سواها / مع ما لها من جسد مغر و ساحر، ستخلب عقول الجميع، و سيذري عليهم هذا العمل أموالا باهضة، لتحقيق كل الأحلام...فباركت الأم المشروع ، و بدأ ترسم على جدارية هذا الحلم أزهار الأمل من جديد...
تتدهور صحة الأب حتى يشرف على الموت ، ثم يستعيد عافيته، و مر الأسبوع و هو غير مبال بهم، وبيومين قبل الإخلاء، اجتمعوا و ذهبوا إليه، وحده كان يعاني ، في حالة يرثى لها، وظهر على وجه الممرضة اليأس، تنظر إليهم كأنهم وحوش مجردة من الرحمة،هي وحدها التي تعرف كما يعرف هو أنه يعيش آخر اللحظات، تأثرت، فاسأذنت و خرجت. و عرف مقاصدهم، عرف أنهم بنوا قصور الطمع بالأحلام الواهية، فهز كتفه و قال لهم بأضعف نبرة و أوهن جرأة:
_ لقد حولت كل أموالي و ممتلكاتي إلى جمعية خيرية، واستودعتهم مصاريف جنازتي ، ليس لكم عندي شيء، هيا تفرقوا كل واحد إلى شأنه، أما أنا فقد استأجرت حجرة في نزل أنتظر فيها نهايتي .
نزلت هذه الكلمات كالصاعقة على الجميع ، و فقدوا التحكم في أعصابهم، سبوه..عيره..و هو يبتسم ، فتقدمت إبنته و هي تحمل إبنها على ساعدها ، فمد يده ليقبله، فأبعدته ، و بزقت في وجهه، فبكى ...و فاضت روحه

.....يتبع...
رد مع اقتباس