الموضوع: منعطفات
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-01-2016, 11:22 PM
الصورة الرمزية زهرة السوسن
زهرة السوسن زهرة السوسن غير متواجد حالياً
شاعره
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,764

اوسمتي

افتراضي منعطفات

لقد أثار شجوني موقف من الحياة، انهمرت دموعي في إثره، عندما وقف ذلك التلميذ الصغير للعقاب من الاختصاصي الاجتماعي، بعد ارتكابه سلوكا مخالفا، في المدرسة، حيث أهوى عليه بعصى غليظة، وهو من تلاميذ الصف الخامس يضربه دون رحمة، فكان التلميذ يتلمس موضع الضرب، من غير أن تسيل له دمعة واحدة، ثم بدأ الاختصاصي الاجتماعي يسأله عن أبيه، منتهرا إياه مرتين على التوالي عندها انخرط التلميذ في البكاء، أمام استغراب من الجميع، حيث إنه لم يبك مع شدة الضرب وانفجر باكيا بمجرد السؤال عن أبيه.
حاول أحد المعلمين اجتذابه إليه، ليسأله عن حقيقة الأمر، وقد نجح بالفعل، وسأله عن سبب بكائه الشديد عندما سئل عن أبيه، بينما لم تسل له دمعة واحدة وهو يتعرض للضرب العنيف، فماذا تتوقعون أن تكون الإجابة، إخواني الأعزاء؟ رد التلميذ والدموع ملء عينيه: أستاذ أنا أكره أبي ولا أحبه أبدا، ولكني عندما سئلت عن أبي تذكرت أمي، فبكيت، عندها بكى الأستاذ لبكائه لعلمه أن أم هذا المسكين قد غادرت الحياة، قبل سنتين، ثم تركه الأب مع أختين شقيتين له تصغرانه سنا، وأربع أخوات من الأم أكبر منه، يتيمات الأب.
يومها بكيت بحرقة ومرارة؛ لأنه تذكر أمه في موقف الشعور بالذلة والهوان، وانقطاع الرجاء، في موقف الشعور بالوحدة والتلاشي، فتاقت نفسه إلى من يلامس مواطن الجراح بين حناياه، لينسيه هم الدنيا، فما أروع الأم التي نشتاق إلى حضنها حية وميتة، وما أجمل تعبير هذا الصغير عن مأساة حياته، وما أشد قسوة الزمن.
رد مع اقتباس