الموضوع: سعاد
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30-07-2010, 01:14 PM
الصورة الرمزية ظل الياسمين
ظل الياسمين ظل الياسمين غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: بين حدائق الياسمين
المشاركات: 109

اوسمتي

Smile سعاد


تحت أشجار الكروم المتفرعة. وقفت سعاد تتأمل العصافير فوقها ، وتتسائل . ما الذي يجعلها تغرد لبعضها البعض ، ما الذي يشدها لحب الأشجار من المنازل الخشبية . أهي تخاف القيد والظلام .
لم تبت تساؤولات سعاد طويلاً لتجف .حتى أتى صياد وألقى رصاصة من بندقية الصيد النارية ، وباشر إقحام الرصاص الغاضب في أحشاء العصافير . كأنما هي صورة لم تعجبه فأحب كسرها .
استمر الصياد بمتعة العذاب التي يطلقها على العصافير .إلى أن وقعت بأكملها في جعبة سوداء خبيثة تهوى التهامها .

سعاد كم هي سعاد ، بكى قلبها ، قبل بكاء عينها .أشاحت بنظرها لأنها لا تستطيع تحمل رؤية العصافير بذاك الشكل الموحش .

مضت سعاد لبيتها المجاور للهضبة ، عادت منكسة الحاجبين ، صانعةً إشارة الإكتئاب في أكتفاها الحزينة . لقد شعرت بخيبة أمل لأنها لم تستطيع مساعدة العصافير . كانت غيمة الانحسار والبؤس تحوم حولها.

دخلت بسرعة وهرعت للفراش بدون أن تلقي السلام على والديها.انكببت على الفراش كما لو أنها تنكبب على الدراسة. نست في داخلها كل شيء المدرسة ، المنزل ،وتبقى لها مشهد الصياد والعصافير.
صار دماغها يدوخ كالمريض ، بات نومها عقيم ، أصبحت أقرب للفنانين في الهيئة .لا تبالي بملابسها ولا بشعرها الذهبي. فقط بصدمتها تلك .

بعد ثلاثة أيام قررت الأم اجتياح غرفتها .علها تعرف ما بها و تنزع صرخة الانعزال من عالمها . دقت الباب ودقت . لكن ليس هنالك أحدٌ يرد ، ردت مرة أخرة تدق الباب تدق حياتها تدمر صمتها . لا جدوى ، ففتحت الباب لتجد سعاد جالسة على الكرسي منكسة رأسها . تقدمت الأم تهزها .

قالت الأم لسعاد:
-ما بك يا عزيزتي؟
-أماه أحس بوجعاً هنا،لأول مرة أشعر به هنا
-لماذا يا ابنتي القلب ألا يتوجع ؟
-بلا لكنه يلوي فؤاد ، ينزف مشاعري
-لما كل هذا الكآبة ؟
-أماه لقد قتل الصياد العصافير بوحشية
-لا عليك يا ابنتي ما زلت في عمر الثامنة ، يجب أن تري الدنيا ورودا بلا أشواك .أنت طفلة
- لكن أماه أي ضمير ذاك الذي يقتل عصفور ، كيف يحمل ذاك المقدار القسوة العميقة.
- سعاد أنت تكبرين ، لذى سأقول لك الحقيقة
- أي حقيقة بأي شأن .
- الناس مختلفون باختلاف أنامل يديك ، هنالك الطيب ، هنالك القاسي , هنالك آخرون .

حينها قامت سعاد تفكر مراراً وتكراراً. فيما قالته أمها لها. تقلبها صفحات أفكارها بدون توقف .
لتشهد في النهاية مثيل مصرع الطيور .عندما اقتحم لصٌ المنزل ، وأشار بنفس البندقية نحو الجميع ...حينما أصبح قتل العصافير هوايةً مملة له .
__________________
لماذا أريد الهروب بعيداً
كطيراً أبته الطيور..
من السرب لما.. أطاع الضمير...
أراح الشعور المرير
بذكر الذنوب...
وسكب العقولْ
..بميزان حقْ..
رد مع اقتباس