عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-02-2015, 07:53 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي ملوك الراس لحمر الجزء السادس والعشرون





وقعت هذه الأحداث في عام
1979ميلادية


حكاية رائعة



ملوك الراس لحمر





الجزء السادس والعشرون


فضل البشر




قال حَمُود بَرْغَبْرّى: بكى الأنوناكي الشقر ما شاء الله

لهم أن يبكوا

بينما وقعنا نحن البشر أسرى شكٍ و حيرة وإرتباك

لا نعلم سبب ولا سر ذلك البكاء

وبعد مدّة ليست بالقصيرة سكت القوم تباعا, ولكن أي منهم لم

يرفع طرفه إلينا, بل ساد صمت رهيب بعد ذلك النشيج المحزن

فوقف أخي سليمان بن سعيد وقال: إنّكم قد أحزنتم قلوبنا

وأثرتم أشجاننا وجددتم أسانا بهذا الذي صدر منكم

ونحب يا سعادة الحاكم العام أن تفسر لنا ما حدث

لعلنا أن ننفعكم أو نفيدكم أو تجدون لدينا جوابا يسر خواطركم

ويفرح قلوبكم, فنهض الرجل متثاقلا وقال:

أمّا والله إن شئتم فبإمكانكم أن تسعدونا سعادة أبدية

وأن ترسموا على وجوهنا إبتسامات خالدة

وسوف أدع رئيسة مجلس النواب لتشرح لكم القضيّة

ثم أمر الجميع بمغادرة القاعة ما عدا تلك المرأة ومساعدوها

غير أنّ أطغآي ذو الجدائل عاد بعد قليل وهو يكاد يطير سرورا

فطلبت منا تلك المرأة الإنتقال إلى مكتبها

فوجدناهم قد زيّنوه ورتّبوه وجهّزوه بكل ما يفرح قلب الآدمي

وبعد أن أخذنا أماكننا قالت المرأة:

اعلموا أن سبب بكائنا هو الحزن على فراقكم, والأسف على

ابتعادكم, والندم على رحيلكم

فلقد شرّفنا وجودكم, وأضفى علينا طابعا من المهابة والإجلال

لدى العوالم الأخرى, فهم يحسدوننا على استضافتكم

ويتمنون أن يحظوا بشرف التعامل المباشر معكم

وفضل خدمتكم ورعايتكم ومرافقتكم

قلت : ولم كل هذا التبجيل والحفاوة بنا,ونحن مجرّد

بشر لا نملك حولا ولا قوة؟

فأغرورقت عيناها بالدموع وقالت:

إن الله سبحانه وتعالى قد فضّلكم على كثير من خلقه تفضيلا يا بني آدم

ألم تقرأوا قوله تعالى:

{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ

وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}

الإسراء 70

وقوله تعالى:{ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }

التين 4

وقوله عز قائلا عليما:

(إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ*

فإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ*

فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ )

سورة ص 71-72-73

ونحن نطمع منكم بعد هذه العشرة الطويلة, والعيش والملح

الذي تشاركنا فيه أن تناسبونا لكي تختلط دمائنا وعروقنا

ويكون لذريتنا منكم شرف بني آدم وفضلهم

مع قدراتنا ومهاراتنا العقلية والبدنية

فقال لها أخي سليمان: ولكننا أصغر حجما, وأقلّ تحمّلا منكم

قالت: نحن نعلم أن تكوينكم الجسدي أضعف من تكويننا

وقد حسبنا لهذا الأمر حسابه, فإذا وافقتم فسوف نستخدم تقنيتنا

في مدّكم بالطاقة اللازمة التي تمكّنكم من تحمّل

المشاق الجسدية المترتّبة على عملية الإقتران والإتحاد.

وطبعا سيكون زواجا شرعيا على سنة الله ورسوله

قال حَمُود بَرْغَبْرّى: فرأيت الفرحة بادية في عيون إخوتي العزاب

بينما كانت نور ترمقني مغتاظة, فلم أتمكّن من إظهار سعادتي

بالفكرة الطيّبة

ثم نهض أطغآي ذو الجدئل وقال:

تعلمون يا بني آدم أن الله سبحانه وتعالى قد فضلّكم بأمور منها:

أنه خلقكم بيده ونفخ فيكم من روحه

بل أضاف هذه الروح إلى نفسه تفضيلاً وتشريفاً

وأختار منكم خليله وكليمه وروحه وحبيبه

وأختار الصدّيقين والشهداء والأولياء والأنبياء من بنى آدم

وأنّه سبحانه وتعالى أمر ملائكته بالسجود تكريما لكم

وبعث منكم الأنبياء والرسل

وأختاركم لخلافته في لأرض

وأنه سخّر لكم ما في الأرض جميعا منه

وأنه وعد المؤمنين منكم بجنة الخلد

ولم ينل كل هذه النعم مجتمعة غيركم يا بني آدم

ولهذا ترون إصرارنا ورغبتنا في مصاهرتكم.

فأرجو أن لا تخيّبوا رجاءنا فضلا منكم وإحسانا

قال حمود برغبرى: فنهضت وقلت: حسنا أيها النائب

دعونا ننقاش الأمر بيننا, وسوف نطلعكم على ما أتفقنا عليه

خلال ثلاثة أيامٍ إن شاء الله

وفي منزل أخي سليمان بن سعيد كان أول المتحدثين هو أخي

فائل بن سعد فقال: أنا عن نفسي لا أجد مانعا يمنعني الزواج

من بنات الأنوناكي, فنحن بعيدون جدا عن عالمنا, ولا ندري

إن كنّا نعود إليه أم لا, وأحب أن أرى ذريتي قبل الموت, فلا مانع لدي

ثم توالت ردود المؤيدين الفكرة أو المعارضينها

فنهض أخي سليمان وقال: ولكن هل ترضون أن نزوّج أخواتنا

الآدميات من هولاء الأنوناكي الشقر؟ فسكت الجميع

فقال سليمان: أرى أنّكم تعارضون زواج أخواتنا من الشقر

وفي هذا إجحاف شديد بحقهم.

فما ترضاه لنفسك يجب ان ترضاه لغيرك

فنهضت إحدى الأخوات وقالت:

طالما قد أبحتم لأنفسكم الزواج من بنات الأنوناكي الشقر

فمن حقهم أيضا أن يتزوجوا من الآدميات

فساد الهرج والمرج, ذلك لأن بعض الإخوة رفض هذه الفكرة ترفعا

وقال: نحن أفضل من هولاء ولا يمكننا السماح لهم بالزواج من حرائرنا

فقال آخرون: طالما قد رضينا بالزواج من بناتهم

فالحق يختّم أن يتزوجوا من بناتنا سوى بسوى

فنشب جدال عقيم كاد أن يؤدي إلى الفتنة بيننا

فقلت لهم: ليس أمامنا غير خيارين إثنين, إما أن نزوّجهم ويزوجونا

أو نمتنع فلا نزوّجهم ولا يزوجونا, ثم إنصرفنا ولم نتخذ قرارا بعد

وفي اليوم الثاني عقدنا الإجتماع وقد إنقسمنا إلى فريقين, فريق يؤيد

التمازج والإختلاط, وفريق مصر على الترفّع والاستعلاء

وأستهلّ هذه الجلسة أخي ثاني بن النوخذة موسى فقال:

أنا عن نفسي لاأتنازل عن حسبي ونسبي, ولا يمكنني الموافقة

على تزويج أختي أم هاني من أحدكم وأنتم بشر مثلنا

فكيف بالأنوناكي الشقر؟ إن هذا لا يكون أبدا.

فأنبرى له فائل بن سعد وقال: فإنّ ما تتشدّق به وتتعالى به من

تفاخر بالأحساب والأنساب والأصل والفصل قد مجته الفطرة

السليمة وحاربته الشريعة السمحة, ولا يتشبّث به إلا المتخلِّفون

وبعد نقاش مطولٍ خرجنا بقرار يبيح لمن شاء من الذكور أو الإناث

أن يتزوج على سنة الله ورسوله بمن شاء من المسلمين بشر كانوا أم شقرا

وعندما أبلغنا الحاكم العام بقرارنا هذا ابتهج وأمر بنشر الزينات

ورفع رايات الفرحة والسرور,

ثم خطب لنفسه إحدى أخواتنا الفاضلات, فقبلت الزواج منه

وكذلك خطب بعض إخوتي الشباب بناتا من الأنوناكي الشقر

وكنت أرغب بالزواج من ابنة أطغآي ذي الجدائل إلا

أنني لم أجروء على ذكر إسمها أمام نور

وعندما شرحت الفكرة للنائب أطغآي رحّب بي وطمأنني

إلى إمكانية إخفاء الأمر عن نور حتى يحين الوقت المناسب لمفاتحتها

غير أنني لا أحب المداهنة, فدعوت نور إلى عشاء فاخر في

المطعم الطائر, ثم فاتحتها برغبتي في الزواج

من ابنة أطغآي ذي الجدائل, وتعهدت لها بحفظ حقوقها

وصون كرامتها, واحترام رغباتها, وأن لا أقطع أمرا دون مشورتها

لكنها صرخت في وجهي أمام الملاء, وسخّفت رأيي

وسفّهت عقلي, وكابرت وعاندت, فاحتملت

كل ذلك منها, تقديرا لمشاعرها, ووفاءا لحبها, ولعلمي

ويقيني بضعف المرأة مهما ادّعت القوّة, وتظاهرت بالصلابة

ثمّ إجتمعت بوالديها المبجلين وعرضت عليهما الأمر

وأخبرتهما ان ديننا الحنيف يبيح لرجل المقتدر أن يتزوج مثنى

وثلاث ورباع من النساء,وأنّ نور ستبقى مالكة قلبي وربيبة حبي الأبدي

وإنّما أرغب بالمشاركة في هذا المهرجان الإندماجي

ليكون لي شرف الرقي الجيني بالأنوناكي الشقر

ولعل الله أن يرزقني ولدا صالحا يدعو لي بعد موتي.

قال حمود: فوجدت معارضة شديدة اللهجة من عمّتي زمزم

أمّا عمي يوسف حجّة الدين فقال:

مبارك يا ولدي, ولو كانت لي قوة لتزوجت احداهنّ

فأنفجرت عمّتي زمزم غاضبة وقالت:

هكذا أنتم معشر الرجال لا أمان لكم, وخرجت غضبى

فأسرعت إلى النائب أطغآي ذي الجدائل يرافقني أخي سليمان

والأخوة ثاني بن النوخذة موسى وفائل بن سعد وعبدالله الآدمي

وعدد من الأخوات الفاضلات, ثم لحق بنا عمّي يوسف حجّة الدين

فأستقبلنا أطغآي ذو الجدائل وعدد من أفراد أسرته

وعندما خطبت منه ابنته رضوى سمعنا الزغاريد

تصدح في منزل النائب, وما لبث الجيران أن توافدوا للتهنئة

ثم أقام النائب أطغآي ذو الجدائل مأدبة عشاء فخمة

وفي اليوم التالي ذهبنا إلى قصر الحاكم العام واتفقنا معه

على إقامة عرس جماعي صبيحة عيد الفطر المبارك

وعندما خرجنا من عنده إعترض طريقنا كرداس خال فكيهة

مع مجموعة كبيرة من الرماديين والمهجنين

المتسلحين بالعصي الكهربائية, والسّياط الإلكترونية


يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس