عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-04-2014, 11:22 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي الغريب المريب الجزء الثالث




الغريب المريب

الجزء الثالث



ارتبك ارتباكا شنيعا وخجل خجلا

مريعا فطأطأ رأسه , وجلس محتبيا ثم سألهن : هل إمتلأت العين؟

فقلن له : سوف ننظر , ثم إنصرفن وقد شعرنا بالإحراج وتبادلنا اللوم والعتاب

ثم جلسن يراقبن تصرفاته العجيبة , أما الغريب فقد إضطجع مرة أخرى

فما لبث أن عاوده الشرود والسرحان غير أنّه أفاق سريعا فاستعاذ بالله من

الشطان الرجيم وجلس متململا , فأدركت الفتيات أنه يعاني من حالة

عصبية مرضيّة شديدة

فتقدمن منه , ثم جلسن بالقرب منه , وشرعن في سؤاله الأسئلة التقليدية

وهو يجيب في خجل

فتأكدن انه إنسان موتور أصابته سهام القدر بمصاب جللٍ أفقده صوابه

وأورثه أرقا وذهولا و هلعا ورعبا , فأخذن يلاطفنه ويخففن من حدَّة

حياءه و إحراجه

وأبدين لـه تعاطفا ورحمة في محاولة لإخراجه مما هو فيه من يأس وإحباط

وهذا مما حض عليه الإسلام

فعادت إليه بعض الثقة بالنفس عندما لاحظ مسحة الحزن التي تعلو وجوههن

وخاطبهن متوسلا بصوت مخنوق :

أرجوكن أخواتي أريد سماع خطبة الجمعة

فلو سمحتن لي بالاغتسال والتوجه إلى الجامع , فسأكون ممنون لكن

قالت إحداهن : لكن الماء قليل , و نحن هنا منذ الفجر ولم نملأ قربنا بعد

فقاطعتها صديقتها قائلة : انا سأعطيه الماء الذي جمعته

فشكرها الرجل وأخذ منها قربة الماء و إستتر خلف الصخرة وهناك

نزع القميص الذي كان يرتديه فبانت على ظهره وعنقه آثار حروق وجراح غائرة

تشبه آثار الكي , فشهقت إحدى البنات لما رأت ذلك وكادت تفقد وعيها

بينما وقفت الأخريات مشلولات , وقد عقدت الدهشة السنهن

و أخيرا قررن أن يسألنه , لكن الحياء كان يمنعهن والخجل يحبسهن

فلما الحَّ عليهن فضولهن وغلب عليهن حب الإستطلاع إقتربن منه على إستحياء

تتقدمن خطوة وتتراجعن خطوات , ولكنهن توقفن فجأة عندما لاحظن سرحانه

وتوقفه عن الإغتسال مرّة أخرى وقد إفترش الأرض , واضعا رأسه بين رجليه

وهو يجهش بالبكاء, فتنحنحت إحداهن مؤذنة بوجودهن , لكنه لم يكترث لها

فأعادت التنحنح بنبرة أقوى حينها مسح الرجل دموعه ولملم شعث هيئته

وغالب دموعه المنهمرة وأراد الإنصراف

غير أنّ الفتيات أسرعن إليه قبل أن يرحل , ثُمَّ خاطبته أكبرهن سنا قائلة:

تمهل قليلا يا أخي

فتوقف الرجل مرتبكا صامتا وقد ملَّتْ الأرضُ من نظراته المركّزة

فتشجعنَ على التحدث إليه لما رأين من أدبه الرفيع وحسن أخلاقه

وقالت الفتاة الثانية : لا يزال الوقت مبكرا جدا على خطبة الجمعة

أما الثالثة فقد أسرعت وجلبت فنجان شاهي وقدمته للرجل الذي يكاد

وجهه يلتصق بالأرض من فرط الحياء

فلبس قميصه وجلس , و إستقبلهن بوجه تعلوه مسحة حزن عميق

ثّم تنهد تنهيدة تفلق الحجر , وقبل أن ينبس ببنت شفة بادرته البنت الصغرى بقولها:

أرجوك يا أخي إشرب الشاهي الذي صنعته وأجبر بخاطري

حينها تناول الرجل فنجان الشاهي وأخذ يرتشف منه بيد مرتجفة ونظراته

لم تطلِّق وجه الأديم

بينما كانت الفتاة الكبرى تخاطبه قائلة :

أعلم يا أخي أن ما أصابك ما كان ليخطئك

وما اخطأك ما كان ليصيبك , وما البلاء والمحن إلا اختبارا من الله لك

فلقد قال سبحانه وتعالى :

(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ...)

تبارك ـ ٢

فقالت أخرى :

سامحنا يا أخي على هذا الفضول ولكنك قد ملأت قلوبنا حزنا وأسى

فمن حقنا عليك أن تفسر كل ما لاحظناه من تصرفات غريبة بدرت منك

وقالت الثالثة : اعتبرنا أخوات لك فنحن إنما نود مساعدتك والتخفيف من حملك

فانبسطت أساريره عندما سمع العبارات الأخيرة و إرتسمت على محياه بسمة أمل

فأعتدل في جلسته , و إستجمع بعض شجاعته , وشرع في الحديث بعد

أن تأكد من حسن نواياهن فقال : كنت ثالث إخوتي السبعة

ويتبع إن شاء الله




رد مع اقتباس