عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-04-2015, 10:54 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي رياح التغيير الجزء الأوّل






قصة طـــــــويلة




رياح التغيير




الجزء الأوّل


اللقاء العاصف




في اللحظة التي التقيا فيها
كانت أشجار تلك الغابة الإستوائية
العملاقة المتشابكة الأغصان تقذف أوراقها الذابلة بجنونٍ وعنف
وقد أصيبت الرياح بالإضطراب فهي تعصف في غضب مشتعل
بينما ظهرت كتل السحاب كسلاسل جبال من الفحم
تتخللها شهبٌ وصواعقُ محرقة تزيد من عذاب الغابة وأنينها
وقد إختنقت بالزهومة والغازات المنبعثة من أحشائها
والسماء المكفهّرة فاغرة فاهها تصب الماء الآسن بلا إنقطاع
مهيّجة التربة التي رفضت إبتلاع ذلك الدرن فتحول إلى مستنقعاتٍ عفنة
وليس ثمة أثر لكائن حي من سكّان الغابات سوى الحشرات الطائرة
ذلك وفق الطنين والأزيز, فالوحوش متحصّنة بعرائنها
والطيور أغلقت عليها أعشاشها
وما لا يملك جحرا أو وكرا فقد هجر الغابة
وثوى إلى أسوار المدينة وخرائبها يحتمي بجدرانها
فإنّ قطقطة المطر ودردرتها, وزِّيزاء الجن و نقيق الضفادع
وصرير الجنادب وهزيم الرعد لم تدع لسامعها ذرة شجاعة
فكان البشر جميعا هاجعون رغبة ورهبة ما عدا هذين العاشقين
اللذين لم يكن لقاؤهما مصادفة, بل قد له خططا منذ سنوات
وشأت الأقدار أن يجتمعا على هذا النحو الذي لم يكن غريب عليهما
فأحداث حياة كل منهما أكثر صخبا وأشد قسوة من العاصفة الممطرة
أمّا هي فقد ذاقت علقم الظلم وشمّت رائحة النحس منذ عهد الصبا
وعرفت معنى التعسّف والتسلّط على أيدي الأقربين مبكّرا
وعايشت أصنافا من الكيد والبغي وضع لمساتها بعض الحاسدين
وهولا يقلّ عنها شقاءا , فلقد محت ملامح شخصيّته عجلة الحقد
وداست على أحلامه ثيران الغيرة, وقطعت علاقته بالغد خناجر الغدر
وسبحان عالم الغيب والشهادة الذي لا ينسى أحدا
فقد قيّض سبحانه وتعالى لهما فرصة التلاقي
فتشاكيا وتناجيا, وتعاتبا وتجاملا, وتخاصما وتصالحا
وتغازلا وتمازحا, وتنافرا وتوافقا
وأبتسما وتجهّما, وبكيا وضحكا, وفرحا وحزنا معاً
متجاهلان العواصف والرعود, متناسيان غير الله كل ما في الوجود
لم ترهبهما الظلمة, ولم تزعجهما العزلة, ولم تخضعهما السطوة
ولم يأبها ولم يلتفتا إلى القلاقل والمنغّصات
كانا كروحٍ واحدة في جسدين إثنين
ينطق بما على لسانها, وتقول ما همّ بقوله
وكلّما أمعنت الأعاصير في غيّها إقتربا من بعضهما أكثر
حتى باتا قوب قوس أو أدنى من الإنصهار في بوتقة بدنية واحدة
وعند هذه المرحلة من التوافق والإنسجام يصعب الفراق أو يستحيل
لقد وجد فيها فضائلا تكاد تنسخ من على كوكب الأرض
الصدق الطهر البراءة الحياء اللطف الكرم الرحمة الإيثار
قيم مجتمعة في قلبها النقي الخفّاق بحب الخير

يتبع إن شاء الله



رد مع اقتباس