عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-09-2015, 08:11 PM
فيصل مفتاح الحداد فيصل مفتاح الحداد غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 206

اوسمتي

افتراضي كرمتا بيت المعافى

كرمتا بيت المعافى
في شتاء عام 1989م ، خرجت من بنغازي للتدريس الجامعي بمصراتة ،
وودَّعت أهلي بخير ، وعزمت إذ ذاك على السير، ومازلت أجد السفر
في حافلات ، وأقطع من البر مسافات ، حتى ألقيت فيها عصا التسيار ،
وقد ودع النهار ، وأذنت الشمس بالانحدار، وبحثت عن مأوى أسكن إليه
، أو موضع أحط فيه ، حتى اهتديت إلى بيت به كرمتان ، كأنهما نخلتان،
ولم أكن أعرف أحداً قرب هذا السكن ، فقعدت وحيداً لا أنيس ولا رفيق ،
ولا خليل ولا صديق ، ولم يكن معي إنسان أحاكيه أو حيوان أشيح بوجهي
إليه ، فما كان مني إلا أن تألفت الكرمتين ، واتخذتهما صديقتين ، أجالس
جدعيهما ، وأداعب فرعيهما ، ولما حان وقت الفراق ، وتكاثرت فيَّ الأشواق
كتبت هذه القصيدة لهما ، ووضعتها جنبهما :
يَا كَرْمَـتَيْ بَـيْتِ المعَافَى عِشْتُمَا.... وَسَقَـاكُمَا غَـيْثٌ تَدُومُ سـَوَاكِبُهْ
مِنْ كُـلِّ مُـزْنٍ قَدْ تَحَدَّرَ قَطْرُهُ...........قَدْ غُـيِّـبَتْ عَـنْدَ النُّزُولِ نَـوَائِبُهْ
هَلْ تَذْكُـرَانِ وَقَدْ سَقَيْتُ ثَرَاكُمَا .........كَمْ قُـبْـلَـةٍ فَـوقَ الغُصَيْنِ تُرَطِّبُهْ
أَرْسَلْتَهَـا مِنْ خَاطِـرِي وَكَأَنَّنِي ..........غُصْنٌ أَلِـيـفٌ لِلْغُـصَيْـنِ يُلاعِبُهْ
أَبْقَى إذَا غَـابَ الـرِّفَاقُ بِقُـرْبِهِ .........وَأَبُثُّهُ حَـتَّى تَـلِـيـنَ مَـنَـاكِبُهْ
طَورَاً أَدَاعِبُ في الغُصُـونِ وَتَارَةً...........أَرْنُو إلى جِذْعِ الغُـصُونِ أُعَاتِـبُـهْ
وَلَـقَـدْ بَقِينَا بُـرْهَـةً وَكَأَنَّـنَا.......... أَخَوَانِ في بَـيْـتٍ تـَمَـنَّعَ جَانِبُهْ
يَهْمِي عَـلَـيْهِ القَطْرُ كُلَّ عَشِيَّـةٍ......... وَنَسِيمُ أَمْـوَاجِ البِحَارِ يُدَاعِـبُـهْ
وَحَمَاكُـمَا بَـيْـتُ المعَافَى حِقْبَةً .........وَكَـفَاكُمَا أَطْـيَـارُهُ وَمَلاعِـبُهْ
فَعَـلَيْكُمَا مِنِّي السَّلامُ وَدُمْـتُـمَا............ وَرَوَاكُـمَـا فَـيْضٌ غَزِيرٌ صَـائِبُهْ
__________________
فيصل الحداد
رد مع اقتباس