عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-06-2010, 05:56 PM
علي بن خزام المعمري علي بن خزام المعمري غير متواجد حالياً
مستشار سابق
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 229
افتراضي مقالي طلة بعنوان: هكذا علمنا نوح




طلة
هكذا علمنا نوح!!
خاضت السلطنة تجربة جديدة – ندعو الله تبارك وتعالى أن تكون الأخيرة- مع الأعاصير بعد تجربة (جونو) المريرة، وخرجت بلطف الله سبحانه وتعالى بأضرار قليلة إذا ما قورنت بالإعصار الماضي، وأصبحت السلطنة بيت خبرة في مواجهة الأعاصير والعواصف المدارية، ورسم الشعب العماني لوحات التكاتف والتضامن والتعاون في مواجهة الأنواء المناخية الاستثنائية التي تعرضت لها السلطنة في الأيام القليلة الماضية، فلله الحمد والمنة على اللطف، ولشهدائنا الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والصالحين، ولذويهم الصبر والسلوان، والأجر العظيم عند الله سبحانه وتعالى.
لا شك أن الأعاصير آية من آيات الله سبحانه وتعالى، وليست من إحداثيات الطبيعة وأحداثها فقط، منشؤها علمي بحت، إذ تتكون في ظروف طقسية معينة، وتتحرك طبقا لقوانين معروفة علميا، ولكن المحرك لها والباعث هو الله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه وتعالى خالق كل شيء، ومتصرف في كل شيء، يسير الكون بحكمته، ولا يسأل عما يفعل، قد تغيب عنا بعض هذه الحكم، لكن غيابها لا يعني أن الكون يمشي عبثا، دون تقدير أو تصريف، ومن هذا المنطلق فإن ربط الظواهر الكونية بخالقها واجب شرعي، رغم إننا نعيش في عصر التقنية والتكنولوجيا، وربط الناس بالخالق أمر ضروري في كل الظروف، لاسيما في ظروف الأعاصير والكوارث الطبيعية، وتوجيه الناس إلى اللجوء إلى رحمة الله سبحانه وتعالى، والدعاء والتضرع له سبحانه من المنقذات والضرورات التي ينبغي ألا تغيب في هكذا ظروف، مع الأخذ بالأسباب والاحتياطات، والعمل بمبدأ الوقاية خير من العلاج.
في ظروف الأعاصير والكوارث الطبيعية يلجأ الإنسان إلى خالقه سبحانه وتعالى بالدعاء والصلاة والاستغفار، فالإسلام علم المسلمين كيفية التصرف في مثل هذه الظروف، وعلمهم كيفية التأدب بأدب الإسلام، وهناك شواهد عدة على ذلك منها قصة سيدنا نوح –عليه السلام- الواردة في سورة هود، إذ يبين لنا القرآن الكريم كيفية الأخذ بالأسباب وعدم التشبث بالأسباب المادية فقط، ويوضح لنا نموذجين من العقليات: الأولى: نوح - عليه السلام- فبالرغم من أنه نبي مرسل، ومن أولي العزم من الرسل، إلا أنه أخذ بالأسباب وصنع السفينة، وآمن بالله وتوكل عليه سبحانه وتعالى، وفي المقابل نجد ابنه الذي يمثل العقلية الأخرى التي فكرت في شيء واحد، وهو الأخذ بالأسباب فقط، يقول الله سبحانه وتعالى وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{41} وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ{42} قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ{43} ) وهنا أحب أن أنوه لشيء مهم جدا خوف اللبس والإبهام، والصيد في الماء العكر، وهو إن في قصة نوح عليه السلام فريقين: مؤمن وكافر، وفي قصة أعاصير السلطنة فريق واحد فقط: وهو فريق المؤمنين بالله، فالعمانيون حكومة وشعبا مسلمون، وموحدون، ولا مراهنات على ذلك، وإنما أوردنا قصة نوح عليه السلام هنا من باب الأخذ بالأسباب المادية المتمثلة فيما قامت به اللجنة الوطنية للدفاع المدني، وجميع الجهات الحكومية والأفراد، والأخذ كذلك بالأسباب المعنوية المتمثلة في اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بشتى الطرق والوسائل ومنها الدعاء{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }النمل62،وإلى لقاء مع طلة قادمة إن شاء الله تعالى.
علي بن خزام المعمري



__________________

يا الآدمي فكرك بحر والمعرفة يْخوتْ
والتجربه طوق النجاة المنقذه بحارها
ارفع شراعك وانطلق في افضل وْقوتْ
واحذر رفيقٍ صحبته تقطف غضاض اثمارها
وازرع حياتك مغفره عن يحصدك موتْ
والبس ثياب العافيه بمْصرها ووْزارها

( أبو حسان)
رد مع اقتباس