عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-04-2014, 11:24 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي الغريب المريب الجزء السادس





الغريب المريب

الجزء السادس



فكدنا نهلك من الجهد والجوع منذ خمسة أيام لم نذق فيها غير الماء

ولكن الإنسان لا يموت إلا بأجل قد علمه الله وحده

ولقد هيأ سبحانه وتعالى لنا ما يحفظ أرواحنا من التلف

فبعد أن هدأت العاصفة

وبدأت الرؤية تتضح شيئا فشيئا وذلك في اليوم السابع , لمح أحد البحارة صندوقا

خشبيا كبيرا يطفو بالجوار , فرمى عليه الربان مرساة صغيرة ثم جذبناه ورفعناه

إلى ظهر السفينة , ولما فتحناه وجدناه مملوء بطعام جاهز يسمونه (بسكوت)

فتنفست الفيتات الصعداء

قال الغريب : فأمرنا الربان أن نأكل منه باقتصاد لأنه لا يعرف أين نحن من بحر الله الواسع؟

قالت الفتيات : الحمد لله على السلامة

فقال : وانتن سالمات

وأستطرد قائلا : مضت أياما وليال كثيرة قبل أن نرى اليابسة

وذات ليلة هادئة كئيبة وقد يأس بعضنا من النجاة سمعت البحار المكلف بالحراسة

يصيح : يا ربان يا ربان .. البر البر

فخرج من كان في قمرة الربان ثم اخذوا يصيحون : هناك هنا هناك

ولما نظرت إلى حيث يشيرون شاهدت انوارا و أضوء ساطعة فحمدت الله

وصليت ركعتي شكر لله تعالى , إذ كنت المسلم الوحيد بينهم

ولم تشرق شمس اليوم الثاني إلا ونحن في مبنى مرتفع الجدران , وله أبواب حديدية

ثم أتانا رجال يلبسون سراويلا كسراويل النساء, وأخذوا يرطنون بكلام لا أعرفه

وكان الربان وبحارته يخرجون دفاترا صغيرة من جيوبهم , فينظر فيها أولئك الرجال

ثم يخرجونهم على التوالي من المبنى الحصين

ثم إن أحدهم تقدم مني وقال لي : باسبو ...

فقلت له : با سبو .ورحمة الله وبركاته , فغضب مني , وقبض علي بعنفٍ

ثم أدخلني مخدعا له باب حديديا , وفيه سرير والحفة , و أغلق علي الباب

فصعقت إحدى الفتيات وسألت :

أ لأنك رددت عليه التحية يعاقبك؟يا له من أحمق

قال الرجل : فسمعت الربان يكلمهم ويقول : آراب. ثم أقبل علي حزينا وهز كتفيه معتذرا

فبقيت وحيدا في ذلك المكان المحروس , وكانوا يأتوني بطعام مرتين في اليوم ويكلمونني

وأنا لا أفهم ما يقولون , ولكنني حمدت الله كثيرا فلقد أنجاني من الغرق

ولقد سمنت من قلة الحركة وطول مكوثي في ذلك المكان الذي يسمونه : بريزنت

وأسموني برزنر أيضا , وبعد حوالى شهرين من وجودي في البرزنت أتى رجل

بطين بدين حليق اللحية وله شارب كثيف أصفر الشعر , ونظر إلي مليّا ثم غادر

ثم ما لبث وأن عاد ترافقه امرأة وضيئة كان وجهها فلقة قمر , إلا أن عينيها

كانتا بزرقة السماء , فخفتها على نفسي إذ ظننتها ساحرة

فنظرت إلي مليا ثم قالت للرجل: ياس , فأخرجوني

و أمرني ذلك الضخم بمرافقتهما, فركبنا مركبا حديديا يصدر صوتا هادرا من مقدِّمته

ودخان كثيفا من مؤخرتها , يدعونها موتر , فإذا توقّفت سقوها شرابا منتنا يصبونه في جوفها

وكنت قد سئمت البقاء في ذلك الحبس الذي لا أرى أحدا فيه سوى الحراس , ولا أسمع

غير نباح الكلاب أو مزاميرا صاخبة تصدر عن علبة يسمونها رادو ففرحت بالحرية

وأيقنت بقرب الفرج

وعندما وصلنا إلى دار ذلك الرجل أدخلني غرفة صغيرة و أراني مرافقها ثم أطعمتني

المرأة طعاما , وبعد أن أكلت وحمدت الله تعالى وصليت أقبل الضخم حاملا

كيسا فيه ملابس مثل ملابسه وأمرني بإرتدائها, ثم اصطحبني إلى متجر له

وعلمني كيف أُغلف البضائع و أقدمها للمتسوقين , وبعد العشاء بقليل عدنا

إلى المنزل , فوجدتهم قد أسرجوا مصابيحا بيضاء طويلة معلّقة في السقف

وكنت قد رأيت مثلها في البرزنت

وكنت لم أسمع أذانا وأنا في الحبس , فعلمت أنهم كفار وليسوا بمسلمين

وعندما وصلنا إلى الدار قلت لصاحبي : أريد أن أصلي ,فأبتسم في وجهي و أنصرف

فدخلت بيت الماء العجيب , وتوضأت ثم صليت المغرب والعشاء جمعا وقصر

وفيما كنت في الركعة الأخيرة

يتبع إن شاء الله





رد مع اقتباس