عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-07-2015, 12:50 AM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي حكاية شعبية الأخوة الأربعة الجزء الثاني





حكاية شعبية



الأخوة الأربعة


الجزء الثاني

ولادة الأخوة الأربعة



وقبل الغروب بساعة أقبلت عليه أخته الأميرة زعفران المشعوذة، وقد سحرت ناظريه
فرآها على خِلقةِ نِمس مخيف، فالتقط حجرا رماها به، وهو لا يعلم حقيقتها فشجّ رأسها
فغضبت وهاجمته. ثمّ أخذت تتلون وتغير شكلها في ناظريه، فكان يظن أنّه فأر وأنها هرّ
أو أنّه أرنب وهي ذئب، وطفقت تعبث به وتخيفه دون أن تقتله، فكانت تعضّه وتخمش جسده
بأظافرها الطويلة. وعندما انهار من الإعياء وأثخنته الجراح
تركت له ما يسد رمقه وأنصرفت مسرورة مغتبطة.
وهكذا كانت تتردد عليه قبل الظلام فتعذبه وتفزعه لإشباع رغبتها الانتقامية دون خوف من الله
وبلا رحمة، فكانت أحقد من جمل.
بينما كان جسم الأمير ينتحل يوما بعد يوم، وعندما أشرف على الموت، أمرت خادمها برميه
في صحراء الربع الخراب، ليهلك هناك جوعا وعطشا، وفي أثناء طيران المارد
أحسّ الأمير بسكرات الموت، فقال بصوت ضعيف:

أشهد أنْ لا إله إلاّ الله وأشهد أنَّ محمدا رسول الله

فلما سمع الشيطان ذكر الله سبحانه وتعالى صعق مذعورا، والقى بالأمير من يده
فهوى من ذلك العلو السحيق، وهو لا يزال حيا، حتى إرتطم بصخور الأرض
فتمزقت أوصاله، ومات ميتة شنيعة والعياذ بالله منها، وعندما علمت الخبيثة زَعْفران
بمصرعه فرحت، وسرت سرورا عظيما، ولم يخشع لها قلب
ولم تدمع لها عين، وكأنَّ لسان حالها يقول:

بذا قضَتِ الأيّامُ ما بَينَ أهْلِهَا... مَصائِبُ قَوْمٍ عِندَ قَوْمٍ فَوَائِدُ

بل إنَّها سلّطت خادمها على الأميرة لطيفة، وأمرته بالقضاء على ما في أحشائها
من ذرّية دريقان، ولم تكن تعلم بحمل المرأة الهندية.
وعندما وصلت البغلة إلى بندر الإمارة، أطلع نوخذتها الهندي الأمير حميضة
سرا على ما حدث، فتظاهر بالحزن والغضب، وجعل يهدد ويتوعّد القراصنة
وبعد إنصراف الناس أمر عساكره بالإستيلا على حمولة البغلة، وضرب
وطرد طاقهما شر طرده، غير أنّ الوزير مصباح الدجى تمكّن من الاتصال بالنوخذة
وعرف منه قصة إختطاف الأمير دريقان، كما علم أنه قد تزوّج في الهند
وأنّ زوجته الهندية حامل أيضا، فبعث معه برسالة إلى مسعود الغفني
ينبئه بمقتل الأمير دريقان، ويحذّره من كيد الأسرة الحاكمة
ولم يشاء الوزير أن يحزن إبنته أو يخيفها، فأحتفظ بالسر في قلبه.
ثُمَّ أرسل رجالا يستطلعون أخبار الأمير المختطف
وذات ليلة وبينما كانت الأميرة لطيفة تتأهب للنوم سمعت حركة مريبة
على نافذة غرفتها, فلما نظرت شاهدت مخلوقا بشعا ذا وجه مشعر،
فظيع المرأى بغيض الهيئة, يحاول الوصول إليها، فأرتاعت، وفزعت إلى أبيها
فخرج مع بعض ابنائه المسلحين بالسيوف والرماح،
وعندما عثروا على الخبيث كامنا تحت النافذة تلا عليه الوزير آياتا من سورة البقرة
ثبّط بها عزيمته ومنعه من الفرار، ثم تلا آياتا من سورة الصافات، أوجعه
وآلمه بها أشدّ الألم, فكان يصرخ صراخا مروعا أرعب الناس
وأخذ يتوسل إلى الوزير أن يفلته، فسأله مصباح الدجى عمن سلطه على الأميرة لطيفة
فأنشد بصوته الهائدر وهو ينتحب:

انا العبد المزنيل ............ لي رأسين وأربع أريل
مأمور بخطف الأميرة ........... وذبّها في الحفيرة

فقاطعه الوزير بتلاوة آية الكرسي، وسورة الناس وسورة الفلق والإخلاص
فجعل يتلوّى من الألم، وهو ينتحب ويطلب الرحمة والوزير مصمم على إنتزاع
الاعتراف منه، وعندما أوشك المارد على كشف المؤآمرة، أصابه حجر هائل
ألقي من سطح الدار، فرضخ رأسه ومات من فوره، وأختفت جثته
فأسف الوزير، ثم حصّن إبنته بالآيات القرآنية، وترك عندها من يحرسها ليل نهار.
وبعد شهر عاد الرسل الذين بعثهم، وقد فشلوا في معرفة مصير الأمير دريقان
ثم وصل بعض البدو الرّحل إلى الإمارة، فالتقى بهم سرا، وسألهم إن كانوا
قد سمعوا أو شاهدوا أمرا غير طبيعيا، فأختلى به أحدهم، وقال:
لقد عثر بنوا عم لي على رفات رجل في صحراء الربع الخراب، فدفنوه هناك
ودفعوا إلّي هذا الخاتم، لكي أبيعه. فلمَّا لمح الوزير الخاتم عرفه
لكنه أظهر عدم الاهتمام، وقبل أن ينصرف البدوي، ناوله الخاتم وقال:
أرجوك خذه بأي ثمن، فدفع له بعض المال، وتكتّم على الأمر.
ولمّا إكتملت مدة حمل الأميرة لطيفة، ولدت ثلاثة توائم ذكور، تامّوا الخلقة
جميلوا الطلعة، أسمت أوّلهم بهاء الدين، والثاني مجيب الحق، والثالث أُنس الفؤاد
وأرادت أن ترسل إلى الأمير دريقان بالبشارة المباركة
فبلّغها والدها بوفاته منذ أشهر طويلة، فاسترجعت، ثم بكت طويلا.
وأرسلت بعد ذلك إلى الأمير حميضة والعصابة الحاكمة، من يبشرهم بولادتها
وقد ظنّت أنّهم سيفرحون بابناء أخيهم المرحوم
غير أن القوم أضمروا لها ولأطفالها الشر.

يتبع إن شاء الله



رد مع اقتباس