عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-11-2014, 01:24 AM
نبيل محمد نبيل محمد غير متواجد حالياً
مشرف سابق
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
الدولة: مقيم في ارض ألآصالة
المشاركات: 796

اوسمتي

إرسال رسالة عبر Yahoo إلى نبيل محمد
افتراضي حبيبــــتي ..... الغاليــــة


حبيبــــتي ..... الغاليــــة

شجرة وارفة الظلال، في روضة غنّاء، وطفولة بريئة،
كنا نلهو معا، أدور حولها، أتسلق أغصانها الشامخة، وأقطف من ثمارها اللذيذة، وحينما أشعر بالتعب،
تأخذني قيلولة في ظل أحضانها مسترخيا، أنعم بالأمان
أحببتها، وكانت تبادلني الشعور ذاته، كان صوتها يجذبني أثناء نومي وأنا أنعم بظلها، وشعور بالراحة
يجعلني أطير من الفرح ..
وتمر الأيام، وتكبر معها الأحلام، لم أعد ذلك الطفل، فقد ازدادت حاجتي لأبحث عما أمارس به هواياتي،
كما أنني لم أعد أرغب في اللعب حولها.
عدت اليها، حينما اصبحت يافعا، لمحتها من بعيد والحزن يعلو هامتها
هل هزّك الشوق إلي يا ولدي؟
لمَ لمْ تعد تلعب وتلهو هنا؟ هلم إلي يا ولدي، فقد هزني الشوق إليك كما هزك أنت ..
خاطبتها، لقد كبرت، ولم تعد طفولتي تسمح لي أن أبقى هنا ..
لديّ الآن ألعاب إليكترونية {بلاي ستيشن} وأحتاج بعض السيديهات فقط ،، لكنني لا أملك النقود ..
ــ حسنا: لا عليك يا ولدي، يمكنك أن تأخذ كل ما أملك من ثمار تبيعها، فتحصل على ما تحتاج إليه من
المال.
ــ يا لفرحتي! أحقا ما تقولين؟
بدأت أتسلق الشجرة مسرعا أقطف الثمار، وأجمعها في سلة من "القصب " أنا في السوق الآن، أبيع
الثمار، وأجني المال ...
وتمر السنوات وأنا بعيد عن شجرتي الحنونة ...
رجعت ذات يوم، ولم أكن ذلك الصبي، فقد أصبحت رجلا
كانت في منتهى السعادة حينما رأتني
وتناديني بصوتها الشجي:
هيا فقد اشتقت لك يا ولدي ..
ــ لقد أصبحت رجلا، ولدي عائلة كبيرة
تحتاج إلى الكثير مني، فليس لي منزل، يؤويني أنا والعائلة، فمن يساعدني؟
ـ تنهدت، وأشفقت على وكأن صوتها يقول:
ليس لدي ما يمكن أن اساعدك به، فخذ من فروعي لتبني مسكنك الجديد ...
ــ أحقا ما تقولين؟
ـ ولم لا يا ولدي؟
وبدأت أقطع الفروع، غادرتها وأنا في غاية من السعادة
وكانت السعادة ترتسم على وجهها أيضا .. لتبدو سعيدة أكثر مما أشعر به من سرور وسعادة، فقد كانت
الأغصان تنحني لتقترب مني أكثر وأكثر ...
مرت أعوام، وفي يوم شديد الحرارة
عدت اليها، فاستقبلتني بمنتهى الفرح والسرور
لتأتيني في كل مرة بسؤالها العفوي، فقلبها الحنون لا يتسع للمكر
ـ أنا في غاية التعب، وقد بلغت من الكبر ما يمنعني من اللعب، أريد أن أسافر لأي مكان في العالم؛
لأستريح من عناء التعب
ـ وما حيلتي يا ولدي؟ لم يعد لدي ما يمكن أن اساعدك به!
ـ أنا أعشق البحر، ولكن ليس لي قارب، فكيف لي أن أبحر؟
وبحنانها المعتاد تقول لي: لا أملك شيئا، ولكن يمكنك أن تقطع الساق لتصنع قاربك فتبحر به كما تشاء،
ولكن لا تغب عني، فقد أخذ مني الكبر مأخذه، ولم أعد كما كنت ..
ــ أنا سعيد جدا كعادتي، وها أندا اقطع منها الساق، وأصنع قاربي ..

أبحرت إلى عالم بعيد
جلست في غربتي أتذكر ايام الطفولة والشقاء، وذلك اللهو، لأتذكر البؤس والشقاء، والبراءة، وكل ما
أتمنى يتحقق، آآآه يا شجرتي الحبيبة ..
لقد اشتقت إليك، ولم أعد ذلك الرجل الذي يحتمل الغربة والتعب ويقوى على الغياب ..
ـ شجرتي الحبيبة، شجرتي الحبيبة ..
ـ أنا آسف يا ولدي، لم يبق لدي ما أقدمه لك
فلم يعد لدي ثمار كالسابق، ولا جذوع، ولا أغصان
، لم أفكر بسؤالها السابق كل مرة ، بل ولم تطرحه علي !
لقد شاهدتْ أثر الشيخوخة، وعلمت بقلبها أنني لم أعد ذلك الطفل ببراءته، وعشقه للعب !!
ـ شجرتي الحبيبة: لم يعد لي أسنان اقضم بها
ـ وأنا أيضا يا ولدي، لم يعد لدي جذوع تتسلقها
لم تعد لدي فروع تجلس عليها
- نعم يا شجرتي الغالية، لقد أصبحتُ، ولم يعد باستطاعتي فعل شيء .... ولم يعد لي مكان ألجأ إليه

سواك ..
ـ أنا حزينة جدا لأجلك يا ولدي، فكل ما تبقى لدي هو تلك الجذور.
تقولها، وقد أجهشت بالبكاء ..
ــ لا، لا لم أعد بحاجة إلى شيء، فكل ما أحتاج إليه مكان أستريح بظله
ـ يا ولدي: تلك جذوري العتيقة، فهي أنسب مكان يمكن أن تشعر به بالراحة ..
هيا، واجلس بقربي، في حضني: مكانك الذي آنس أنا، وتأنس أنت به
أقبلتُ، والسعادة تغمرني، فلم يبق في هذه الدنيا غيرها.
وجلست، وإذا بقطرات ماء تنساب علي ..أأنا في فصل الشتاء ، أم أن سحابة غزيرة تهطل بغزارة ؟ !

أصابني الذهول، عندما استرقت النظر، لأرى أنها كانت تهمل الدموع من عينيها بغزارة ..
آه يا أمي الحبيبة !!
لم تبخلي علي ذات مرة، حينما كنت صغيرا، وحينما كنت رجلا، وحينما أصبحت عجوزا ..
ـ أمي الحبيبة، غاليتي
علمت أن الجنة تحت قدميك، لكنني، لم أعرف قيمتك إلا حينما أصبحت عجوزا ..
وتحت قدميك تطيب لي الحياة ..
__________________
عذوبـــــــــــة الــهمس فواصــ،،،،ـــل

التعديل الأخير تم بواسطة نبيل محمد ; 22-11-2014 الساعة 07:09 PM
رد مع اقتباس