عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 07-10-2016, 10:21 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي سبع الليل والبئر المعطّلة الشريكان المحتالان





قصّة طــــــويلة




سبعُ الليلٍ والبئرُ المعطّلةُ




الشريكان




لم تقتنع منى بحرف واحد مما سمعت، وأصرّت على رفض محمّد بن سَعِد فلم يعاود أحد مفاوضتها بعد ذلك
وفي اجتماعٍ لفريق النجباء اقترحت جَمْ عَتْ بنت الشيخ غانم أن يجمعوا معلومات دقيقة عن أشدّ الناس تعصّبا للوحش
وهم مبخوت الفقعي، ابن فرضة رحى وآخرين، فبمعرفة الجوانب الخفيّة من سيرهم وميولهم واهتماماتهم ستنكشف
أسرار تشبّثهم بالخرافة. وبالبحث والتنقيب اكتشفوا أن ابن فرضة رحى رجل ثري ويمتلك في منزله الكثير
من الأجهزة الحديثة، وعرف فريق النجباء أن مبخوت الفقعي يجيد الكتابة والقراءة بل ويتحدّث اللغة الإنجليزية
كما يفعل بن فرضة رحى، وأنّ الرجلين تعلّما في الخارج، وعملا ردحا من الزمن في شركة خاصة هناك
ثم عادا معا واستقرّا في القرية وهما نسيبان، واتّضح أنّهما شريكان في سلسلة من المحلاّت التجاريّة في المدينة
أمّا الشيخ غانم فلا يعرف شيئا عن نشاط الرجلين وهو ممّن صدّق خرافة سبع الليل منذ نعومة أظفاره
ولم يتطرّق الشك إلى قلبه مطلقا حتى ظهر مبارك بن مبخوت القلعي
وعرف النجباء أن بعض الشيوخ مديونون بمبالغ ضخمة لابن فرضة رحى وشريكه، وهما يتحكّمان بالسنتهم
وآراءهم فلا يخرجون عن طوعهما مقدار بنان. أمّا عوض قحمُمْ ومجموعة الغوغاء فكانوا ضحيّة الدعاية الجارفة
التي تعوّدوا على سماعها بخصوص وحش البئر.
وبتشديد الرقابة على الرجلين أكتشف الفريق أن ابن فرضة رحى يعقد جلسات أنس وسمر
في داره يحضرها لفيف من شيوخ القرية وشبابها، ويتناولون ما يسمّى بالقات المخدّرة
بل اتضح أن تاجر القرية يعاقر الخمرة مع بعض أتباعه، وقد أدلى بكل هذه المعلومات أحد أقارب رشيد
بعد أن شعر بدنو أجله، ولم يتمكّن الفريق من الحصول على المزيد من المعلومات لوفاة الرجل.
ولم يقدم على اتّخاذ ايّ موقف قبل التأكد من صدق المعلومات، واقترحت ليلى بنت خميسان
أن يقوموا بخطوة تصعيدية تخرج سبع الليل المحتجب عن طوره فيهاجم القرية كما كان يفعل
على أن يحاصره ويلقوا عليه القبض، ويشكفون شخصيته الحقيقيّة.
وفوجئ عوض قحمُم بزيارة عويشة الدبّاغة وابنتها منى عصرا ولم يجد بدّا من الجلوس والاستماع إليها
فهي عمّته شقيقة والده، ثمّ إنّها عمياء فمن المروّة أن يلبّي طلبها وأن يقضي حاجتها، غير أن المرأة
لم تكن لها مطالب خاصة، وإنّما جاءت لتعظ ابن أخيها وتلفت نظره إلى خطائه في إتباع بن فرضة رحى
دون وعي، وقالت معاتبة: ايرضيك أن يحرق اللصوص داري وأن يسرقوا مالي ولا تحرّك ساكنا وانا عمّتك؟
الا تخجل من ترويع أهلك وأرحامك؟ فشعر الرجل بالمهانة لسكوته على ظلم عمّته وغيرها من أهل قريته
وعندما لاحظت أخته زكيّة بنت عاشور ما اعتراه من خجل وندم قالت له:
لا اعرف كيف انخدعت بكذبة الوحش وأنت أخي الذكي النجيب انسيت ما فعله الغوغاء بأبي؟
الم تصدّقه عندما قال إن الأصوات الصاعدة من البئر صادرة عن جهاز تسجيل؟
فإن احببت أن ترى ذلك الجهاز فاذهب مع ابن الفقعي إلى المدينة وستراه بعينيك وستسمع صوته
إنّهم يسمّونه استيرو، وحينما سمعت عويشة الدباغة كلمة استيريو كادت أن يغمى عليها من فرط الهلع
فنهض عوض قحمُمْ متأثرا وأسندها، وعندما حكت له منى عن فزعها من كلمة استيريو ضحك حتى بكى.
كان مبارك الفقعي في حالة يرثى له من الخجل والأسف على ما عرف عن والده من ظلم ومجون وفجر
إلاّ أنّه لا يملك أن يعاتب اباه أو يفاتحه في سيرة حياته على ضوء معلومات غير مؤكّدة، وبقى متشبثا بأمل
أن تكون المعلومات الخاصة بأبيه خاطئة أمّا زايد الفقعي فقد انتابته سورة غضب على أخيه واقسم على
عدم زيارته أو مخاطبته قبل أن يتوب عن الإجرام، إلاّ أن ابنته نزه طالبته بالتريّث حتى تتضح الحقيقة.
وعندما لاحظ عبد الله بن النعمان عي جَمورشيد ما يعانيه مبارك الفقعي من صراع نفسي
عرضا عليه السفر إلى المدينة وقضاء عدّة أيّام هناك، فلقي ذلك الاقتراح القبول والرضى.
ولم تخفى أنشطة الفريق على الزعامات طويلا ، غير أنّ ثقتهم المطلقة في ولاء الاتباع وجهل الرعاع
حال بينهم وبين الحزم واستباق الأحداث بتغييرات استراتيجية تضمن استمرار تلاعبهم بالقرويين
أو على الأقلّ الخروج بسلامة من القضيّة قبل أن تفضح الاعيبهم وتكشف تدابيرهم،
فظلّوا على ولائهم لسيّد البئر، وواصل الرجلان بن فرضة رحى ومبخوت الفقعي
وشركاءهم النصب والاحتيال والخداع، غير أنّهم منعوا سبع الليل من الظهور آملين
أن يهدأ مبارك الفقعي وفريقه وأن يقبلوا بالواقع التعيس الذ تعيشه القرية
فكان التدبيران متناقضان، الزعماء راكدون والنجباء نشطون.
وفعلا رافق عوض قحمُمْ مباركا ورفاقه في سفرهم إلى المدينة، وكم كانت دهشته عظيمة
حينما سمع هدير الاستيريو! وكاد أن يتلف من الرعب حينما سمع المتحدّث ولم يرى وجهه.
وقرّر مبارك أن يشتري الجهاز ليستخدمه كدليل مرئي مسموع وملموس
وكان قبل أن يسافر قد عهد إلى رشيد ابن الشيخ غانم وعبد الله بن النعمان والفريق الأنثوي
بالاستمرار في جمع المعلومات ومراقبة المشكوك فيهم.
كان حراس البئر لا يستطيعون البقاء هناك بعد المغيب، وهو الآمر الذي منح فريق النجباء فرصا
للتّسلل ليلا ومراقبة المكان وما حوله.
وإنتشر خبر سفر مبارك الفقعي في القرية مثل إنتشار النار في الحطيم وأمسى القرويون في رعب
إذ غاب عنهم قاهر الوحش فأوقدوا مصابيح كثيرة، وتجمعوا في منازل آمنة
وأدخلوا صبيانهم قبل حلول الظلام، ثم جلسوا يترقبّون في خوف ورعب، إلاّ أنّ الوحش لم يظهر
وطال سفر مبارك هذه المرّة الأمر الذي شجّع المجرمين، فأخرجوا سبع الليل ليمارس إرهابه القديم
فبعد مغيب شمس ذلك اليوم شاهد الناس المصابيح التي أوقدوها في الازقّة المظلمة تنطفئ بيد مجهولة
فأيقنوا أن الوحش هو الفاعل، فأرجفوا وزلزلوا زلزالا شديدا، وخافوا إنتقامه الرهيب بعد أن فارقهم الذي يردعه.
وما أن خرج المصلون العشاء الآخرة من المساجد حتى فوجئوا بصيحات الاستغاثة الهلعة، فهرعوا إلى منازلهم
يسبقهم الرعب، وخرج بعض الشبان مع رشيد وعبد الله بن النعمان وانضم إليهم بن فرضة رحى
مظهرا الرغبة في معاونتهم، وطاردوا الوحش وهم حاملين الفوانيس والهراوات الغليظة وقد إكتسبوا بعض الجرأة
فلمّا رآهم القرويون تشجعوا، وتبعوهم من حي إلى حي يبحثون عن سبع الليل ، وفجأة صاح كبير التجار مذعورا:
ها هو الوحش القاتل ها هو خاطف الأرواح إهربوا إنه قادم إلينا سيهاجمنا ويلتهمنا، أنجوا بأنفسكم يا ويلي، ثم هرب.
فلمّا سمع القرويون كلامه وشاهدوه يجري، لم يجري الدم في عروقهم، بل تجمدت قلوبهم، وهلعت أفئدتهم
وأرتعشت أطرافهم وزاغت أبصارهم، ففروا زرافات ووحدانا، ولم يصمد غير الشابّين رشيد وعبد الله
يحدوهما الأمل في ظهور من يساندهما ويدعمهما قبل أن يفزع أحدهما فيُعدي الآخَر، ولم يخب رجاءهم
فما أسرع ما سمعما من يناديهما: تعاليا تعاليا ... انا هنا!
فلمّا التفتا رأيا أحدهم يلاحق سبع الليل ويطارده
فأسرعا إليه وانضمّت إليهم ليلى بن خميسان وبعض البنات فتشجعا أكثر واكثر
وأخذ الفريق يطارد الوحش الذي كانت سرعته تخف تدريجيا

يتبع إن شاء الله





رد مع اقتباس