عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 08-12-2016, 08:42 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي قصّة طـويلة سبعُ الليلٍ والبئرُ المعطّلةُ الأسرى




حكاية شعبيّة





سبع الليل والبئر المعطّلة




الأسرى



فوصل أول لصين من إلى المغارة وهما يلهثان، وقال أحدهما:
كفى هذه آخر مرة نخرج فيها، ابن الفقعي وعصابته لن يدعونا نعيش بسلام. فهجم عليهما الشبان وكتّفوهما
وقامت الفتيات بتقييدهما وتكميم فاهيهما ثم أخفوهما، واختبأوا منتظرين القادم التالي. وجعلوا يفعلون ذلك مع
من يدخل المغارة من اللصوص حتى قبضوا على معظمهم، وفجأة سمعوا سبع الليل ينادي ويستغيث من على الشبكة:
أسرعوا وارفعوني قبل أن يصل الملاعين. فخرج إليه محمد وعبدالله وشابان آخران، فلمّا سمع خطواتهم توهّم أنَّهم
رفاقه فقال هامسا: اسرعوا وارفعوني، إنّهم قادمون، هيّا اسرعوا فأنزلوا إليه حبلا وسحبوه حتى أخرجوه من البئر
فما أشدّ هلعه عندما أكتشف أنّ الذين رفعوه هم مطاردوه!
وما أشد ذهول الشباب عندما اكتشفوا أنّ سبع الليل امرأة!
فأدخلوها المغارة وقيدت البنات يديها ورجليها وكمّمن فاها ثم كمنوا في تلك المغارة وقد نال منهم التعب والإرهاقّ
وبقي ثلاثة منهم على الحراسة، بينما أسرع زايد الفقعي إلى الشيخ غانم بن محمود وطلب منه إرسال بعض الرجال لمعاونة
الشباب، لكّن العساكر الجبناء رفضوا تنفيذ الأمر خوفا وفرقا. وعند منتصف الليل سمع الحراس وقع خطوات ثقيلة كثيرة
تقترب منهم، فاستعدّوا لاستقبال الضيوف؛ فدخل أحدهم وهو يقول وقد وجد رائحة الطعام الذي أعّده الشيخ غانم كالمعتاد:
آمل أن يكون القبولي قليل الملح، فإنا كثرتها تضرّني، فضحك زميله الذي شرع بالاعتذار قبل أن يصل، وقال:
آسفين يا جماعة لقد تأخرنا قليلا، ولكنّ الحذر واجب؛ فإنّ أولئك الملاعين لا يؤمن جانِ ...
وقبل أن يكمل جملته الأخيرة قفز عليه عوض قحمُمْ وطرحه أرضا، بينما ثبّت رشيد ومحمّد الرجل الثاني
الذي كان يصرخ مرعوبا وكاد أن يفقد روحه هلعا وخزيا، فأستيقظ الغافون، ورأوا المعمعة؛ فتدخّل مبارك
الفقعي وضرب قفى الرجل الأوّل بهراوة افقدته وعيه، فصمت الرجل الثاني مذهولا فاغرا فاه وعيناه تكادان
تلتهمان الشاب المتعلّم.
قال الراوي :
بعد رحيل الوحش افتقد بعض القرويين أبناءهم وبناتهم الذين انضموا إلى فريق النجباء وهم لا يعلمون
فلم يجرؤا على الخروج ليلا للبحث عنهم، وباتوا يفترسهم القلق والخوف والخشية، وما إن اشرقت شمس
الصباح حتّى خرجوا يبحثون ويسألون عند جيرانهم وذويهم، وقد غلب عليهم القلق،وإذ لم يعثروا عليهم
ولم يسمعوا خبرا عنهم؛ خرجوا إلى النواحي القريبة وأخذوا ينادون بأسمائهم، فقال قائل منهم:
ربّما فتك بهم سبع الليل. فازداد هلع الناس وخوفهم وخشيتهم على المفقودين، وناحت الأمّهات
ثمّ توجّهوا إلى منزل الشيخ غانم حائرين، فخرج عليهم وطمأنهم قائلا:
فإنّ ولدي رشيد قد خرج مع مجموعة من خيرة ابناء وبنات هذه القرية، وانا واثق من أنّهم
قد قبضوا على سبع الليل وعِصابته، ولن يفلتوا من أيديهم هذه المرّة بإذن الله...
فصعق الأهالي عندما سمعوا كلامه، وأصيبوا بالذعر والرُّعب، وكادوا ييأسوا من نجاة أبنائهم
وبناتهم؛ فارتفعت أصواتهم المنددة بالشيخ غانم ومبارك وأعوانهما، غير انّ الشيخ قال في حزم
وثقة عجيبة: من يرغب منكم في الاحتفال بالانتصار على عصابة سبع الليل المجرمة فليتبعني
فتردد القرويون المساكين، وتسمّروا في أماكنهم انتظارا لقائدٍ يقودهم، وعندما تحرّك الشيخ
تبعه بعض الرجال ثم تزايدت أعدادهم وانضمّت إليهم بعض النساء والأطفال وفي الطريق
سأل الشيخ غانم: هل رأى أحد منك ابن فرضة رحى أو مبخوتا الفقعي؟ فلم يجبه أحد
فقال: هكذا أفضل، لو كانا موجودين لأفسدا أمرنا
وعندما اقتربوا من البئر تراجع معظم الناس، ووقفوا بعيدا في حيرة وقلقٍ ورعب، وتقدّم الباقون
على خوف إلى أن وصلوا إلى الحوض، وفجأة سمعوا سبع الليل يقول بصوتٍ جهوري منكر:
يا شيخ غانم، مر رجالك بذبح ثلاث بقرات سمان من أبقار مبخوت الفقعي ومثلهنّ من ابقار
بن فرضة رحىوليُعدّ عساكرك مأدبة فخمة للقرويين جميعا، فإني أودِّعكم إلى الأبد
ثم أذهبوا إلى ذلك العريش وانتظروني هناك.كانت بعض القرويات قد فقدن وعيهن، بينما بُللت الكثير
من السراويل الرجالية، واصيب بعض العساكر بالخرف وكاد الشيخ أن يفقد رشده من الحيرة
وأرتبك ارتباكا فظيعا، ثمّ تماسك وأرسل بعض العساكر وأمرهم بتنفيذ أوامر سبع الليل
وقبل أن يذهب إلى العريش، سمع الهاتف مرة أخرى يقول له: انتظر يا شيخ غانم
فوقف الشيخ مرتجفا
فسأله سبع الليل :
أما عرفتني يا شيخ؟
فقال الشيخ بعد أن بلع ريقه مرّاتٍ كثيرة:
بلى أنت سبع الليل أبو الفرس والخيل
فسمع الناس ضحكاتٍ مدوّية، واستمرّ الهاتف يعبث بالقرويين ويضحك ضحكا هيستيريا بلغ بقلوبهم الحناجر هلعا وذعرا.
عندما استيقظ نزلاء البئر شدّوا وثاق الأسرى، وانتظروا الإشارة للخروج والظهور أمام القرويين.
كانت مشاعر الفرح والسرور طاغية على فريق النجباء، إلى درجة جعلت محمّد إرْ سعّد إر مَغلِل يصيح منتشيا
وهو المتأتئ: وي يُه وي يُه ويييي يُه الله أكبر الحمد لله الحمد لله
فردّت عليه البنات بزغاريد متتالية، غير أنّ منى بنت لبخيت لم تتوقّف عن الزغردة، فقام محمّد
بأداء رقصة الرقيد مبتهجا، ففهم مبارك الرسالة، ووجدها فرصة للتعبير عن مشاعره تجاه من يحب
فقام بدوره يباري محمّد في الرقيد، ففهمت المحبوبة رسالته وقامت تزغرد وتعلق بلغتها الشحرية:
حآي ذك شّوف حظذر ني حّود هئ فِدّاكم هئ فِدّاكم
فدخل الحرّاس تدفعهم النشوة والحماسة، بينما كان عوض قحمّم يضحك في سعادة وهو المعروف بتجهّمه
وفجأة أخذ أحد الأسرى يرفس ويركض برجليه ركضا عنيفا، فأسرع زايد الفقعي وفتح الكيس وفك الكمامة
عن فمه؛ فأخذ الرجل يتنفس وعيناه زائغتان، فقام الشباب بتحرير افواه الأسرى جميع، فما أشد دهشة
مبارك وزايد الفقعي عندما وقعت عيناهما على الأسير الأخير ...

يتبع إن شاء الله




رد مع اقتباس