عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 15-12-2016, 09:38 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي سبع الليل والبئر المعطلّة الجزء الأخير







حكاية شعبيّة




سبع الليل والبئر المعطلّة




الجزء الأخير



العُرس الجماعي



إنّه فايل الصغير بن مبخوت القعي, وهو أكبر عياله، وإنّما اسموه صغيرا لضآلة جسمه

فشعر الرجلان بالإحراج الشديد، وانصرفا عنه، وسمع القرويون المرعوبون الهاتف يقول:

أبي أنا ابنك رشيد، لا تخافوا يا جماعة، فإنا قد قبضنا على العصابة فانتظرونا عند ذلك العريش

فشعر الناس ببعض الطمأنينة، وتسابق الصبيان إلى المكان ولم يطل انتظارهم

فلقد خرجت الفتيات وعندما شاهدهن ذووهن كبّروا

وسارعوا لاستقبالهن، وارتفعت صيحات الفرح والسرور وزغاريد النساء. وبعد قليل خرج

اللصوص تباعا وهم مقيّدين وملثّمين، ثم خرج ابن فرضة رحى ولم يكونوا غطّوا رأسه

وقد اصفرّ لونه وانتقع وجهه، تعلوه المهانة ويكتنفه الذل؛ فركله الشيخ غانم ركلة أوجعته

وطلب من الحراس شد وثاقه، وخرج الشباب تباعا، ولم يبقى أحد في المغارة.

فسأل الشيخ غانم: وأين مبارك الفقعي؟

قال رشيد: لست أدري ألم يخرج قبلي؟

فقالوا جميعا: لا. لم يخرج بعد

فقال عبدالله: ربما أكله سبع الليل

فخاف الناس مجددا وشعروا بالرعب، وفجأة سمعوا من يصرخ: ها هو الوحش يخرج

فتوجّهت الأنظار كلها إلى البئر، فشاهدوا سبع الليل نهارا جهارا وهو يصعد من البئر

فأصيبوا بالذعر والهلع، وكادوا يموتون من الخوف عندما رأوه يرسل نارا من شدقيه

عندئذٍ كشف مبارك القلعي عن وجهه، واظهر الساقين الخشبيتين وسط ذهول ودهشة

القرويين، ثمّ أخرج مكبّر الصوت الذي كان اللصوص يستخدمونه، وتحدّث من خلاله

فتعجّب الناس، وعندما لمح خالته عويشه الدبّاغة واقفة بين النساء، ركض مسرعا

نحو العريش، وما لبث أن عاد يحمل جسما ثقيلا يخفيه في جونية فارغة، ثمّ وقف أمام

الخالة وقال لها: ها هو الاستيريو يا خالة وكشف عنه فكادت تموت هلعا، ولم تعد إليها

نفسها إلا بعد أسمعها تلاوة عطرة، فأخذت تضحك ويضحك معها الجميع.

وأمر الشيخ غانم بحرق تلك السيقان وردم النفق، ودعا الناس جميعا للضيافة في الحصن.

غير أن حال مبارك تغيّر وغدا مشغول القلب، حائرا قلقا، فهو لم يرى والده حاضرا مع الناس

فسأل عمّه زايد الذي سأل الشيخ غانم فنادى الشيخ في جموع القرويين:

هل رأى أحد منكم مبخوت القلعي؟ أحب أن ينظر بنفسه إلى سبع الليل وقد قبضنا عليه

فصاح تاجر القرية فرِحا: يا ناس إنّ مبخوت الفقعي هو كبيرنا، وهو الذي يأمرنا وينهانا

فاكشفوا عن وجوه اللصوص تجدوه بينهم، فأسرع العساكر يكشفون وجوه المجرمين

فإذا بمبخوت يكاد يموت مختنقا، وهو يترنّح ويتمايل بشكل غير طبيعي. لاحظت نزه بنت زايد

الفقعي أنّ عمّها مبخوت في حالة من الذهول والشرود، فادركت أنّه ليس على طبيعته

فنبّهت والدها والذي بدوره نبّه مباركا؛ فطلب من الشيخ غانم ومن جميع القرويين أن يلاحظوا

حالة والده الغير طبيعية، فتعجبوا من ذلك، وقال بعضهم: إن الرجل مسحور بلا ريب

فأسرع مبارك إلى البئر وملأ دلوا ماءا سكبه على رأس والده؛ فانتبه مبخوت الفقعي

وأنتفض وثاب إلى رشده، ثُمَّ قال: أشهد أنْ لا إله إلاّ اللهُ وأشهَدُ أنَ مُحمَّدا رسولُ اللهِ

وأخذ يجول ببصره في وجوه الناس مستغربا مندهشا، فلمّا رآهم مجتمعين قال: ماذا حدث؟

لم أنتم مجتمعون هاهنا؟ وأين ولدي مبارك؟ وأخذ يتصفح الوجوه مجددا، وحينما رأى تاجر

القرية مغلولا تذكَّر ما حدث له وأراد أن يهاجمه فمنعه الحراس، وسأله الشيخ غانم عن أمره

فقال: كنت قد اقتنعت بكلام ابني مبارك، وقرّرت التوقّف عن ذلك الإرهاب، ونويت أن أتوب

إلى الله وأن أعيد للناس حقوقهم، وعندما صارحت شريكي ابن فرضة رحى بذلك أظهر الفرحة

والموافقة، وطلب منّي أن أمرّ عليه بعد صلاة المغرب لننسق بيننا. عندما خرجت من المسجد

وأتيته وجدته واقفا مع رجلين لم اعرفهما، وسمعته يقول: ستكون هذه آخر عملية نقوم بها

فقلت له: لن أسمح لك بترويع الناس أكثر مما قد فعلنا. فطلب مني الذهاب معه إلى منزله

وهناك بدأ يكلّمني كلاما لا أفهمه ويؤمي إليَّ بإشارات غامضة، شعرت بعدها بفقدان عقلي

وبضعف شديد في بدني، أرى وأسمع ولا أعي، ومن ثم حضر أولئك الرجال الذين لا أعرفهم

وأدخلوني معهم في النفق وانا لا أقوى على شيء ولست أدري ما الذي يحدث.

فأشرق وجه مبارك وقال: أيها الناس إنّ ابن فرضة رحى قد سحر والدي، وأوقع به

وأراد أن يورِّطه معه في جريمته، ولكن الحق ظهر فكبّر الشيخ غانم وكبّر القرويون لتكبيره

ثم اطلقوا صراح مبخوت الذي شرع يعتذر إلى ابنه ورفاقه وإلى الناس جميعا واعدا بالانصاف

منه شخصيا، وأقتاد العساكر المجرمين إلى الحبس. وفي الليل ذهب مبارك الفقعي وزملاؤه

ومعهم مجموعة كبيرة من القرويين رجال ونساء إلى البئر، فأستقوا دون خوف

وفي الصباح إستدعى الشيخ غانم أعيان القرية ووجهاءها لمحاكمة اللصوص، فلمّا حضروا

أمر عساكره بجلب تاجر القرية، فلمّا حضر سأله الشيخ: لماذا فعلت هذه الافاعيل بأهلك وناسك؟

فقال في كبر وغرور: إنّ هذه القرية وما فيها من خير هي ملك لأجدادي وقد جئتم أنتم فنافستونا

ونازعتونا على الأخضر واليابس. فتعجب الناس من عنصريته وأنانيته وحقده الدفين ولؤمه.

ثم استدعى الشيخ تلك المرأة الجريئة وسألها فقالت: لقد وعدني ابن فرضة رحى بالزواج من ابنه

عندما نجمع مبلغا ضخما من المال، ثم نهجر القرية إلى المدينة.

وفيما هم كذلك أقبلت سيارات الوفد الحكومي، ومن خلفها مجموعة من شباب القرية البُلهاء

ذكورا وإناثا وهم يركضون دون تعب، فتضاعفت بهم فرحة القرويون، وأشار مبارك على شيخ

القرية بترحيل اللصوص مع الجنود العائدين إلى المدينة ليسجنوا ويحاكموا هناك، وأبدى استعداده

وزملائه لمرافقتهم وشرح القضية أمام القضاء في المدينة، فوافق الشيخ غانم

ثم وقف الشاب المتعلّم أمام القرويين خطيبا وقال: آمل أن تكونوا قد تعلّمتم درسا

وأنْ لا تصدِّقوا الشائعات بدون دليل لقد وهبكم مولاكم عقولا، فيجب أن تستخدموها.

غير انّ القرويين لم يفهموا شيئا من كلامه، بل كانونا يصفّقون له كلّما توقف عن الكلام.

وبعد أسبوعا أقيم حفل زفاف جماعي، فقد تزوّج محمّد بن سِعِدْ إرْ مَغْلِلْ على منى بنت لبخيت

بعد أن اقتنعت أنّ الناس جميعا لآدم وأن آدم من تراب، وأن المسلمين عدل لبعض.

و تزوّج مبارك الفقعي ليلى بنت خميسان، ورشيد بن الشيخ غانم تزوّج زكيّة بنت عاشور بن

جمعان بيت لَبْزْ، وعوض قحمُمْ تزوّج نزه بنت زايد الفقعي وبدر بن مبخوت تزوّج جم عت

بنت الشيخ غانم بن محمود، أمّا عبد الله بن النعمان عي جَم

فقد تزوّج طُفُلْ بنت مبخوت الفقعي.

إنتهت




رد مع اقتباس