الموضوع: جواهر
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-07-2011, 08:13 PM
بيت حميد بيت حميد غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 114

اوسمتي

افتراضي

كنت أحس بارهاق شديد ، جلست في الخارج أترقب سماع صوتها عندما تخرج من الحمام لأدخل وأنام، دخلت بعد أن سمعتها تأوهاتها وهي خارجة ، دخلت وفرشت فراشي المطوي في زاوية الغرفة وألقيت بنفسي عليه وأغمضت عيني دون أن ألتفت إليها........ أحسست أنها مازالت واقفة وتنظر إلي، فتحت عيني والتفت إليها .....سألتني- هل ستنام؟


-نعم سأنام....لقد قضيت ليلة صعبة بفضلك.....أستحق بعض النوم وبعد ذلك سأوصلك إلى أي مكان تريدين.


-وهل تعتقد أن ليلتي أنا كانت مريحة، كأنك لا ترى ساقي المكسورة.......بل أنا كنت ميتة....أليس عندك فراش غير هذا؟


-لا ...ليس عندي غير هذا المطرح وهذه الوسادة وهذه البطانية وأنا مستعد للتخلي عنها لك إن أنت تركتني أرتاح، يمكنك النوم في المكان الذي كنت أعتزم وضع الثلاجة فيه.


-أي ثلاجة؟


-الثلاجة التي كنت أنوي أن أضع جثتك فيها.........دعينا من هذا الآن، هذا الفراش لك وأنا سأتوسد صرة ثياب الغسيل.


نمت على صوتها وهي تتذمر من صوت اهتزاز الإطار الخشبي للمكيف......بعد حوالي ساعة صحوت على آهاتها المتلاحقة بسبب آلام رجلها.....حولت وجهي للجانب الآخر لكن دون فائدة......نظرت إليها فإذا هي تبكي من الألم.


سألتها- لماذا لم توقظيني؟


-لا حاجة لذلك......كأنك لا تعرف أن رجلي مكسورة! وكأنك لا تعمل في المستشفى لتعلم أني بحاجة لمسكن للألم......!!!!


-لا داعي لهذا الأسلوب الإستفزازي.....سآتيك بمسكن من الصيدلية القريبة.


-لا تقلق سأدفع لك كل شيء.


جملتها الأخيرة استفزتني وأطارت ما تبقى لي من رغبة في النوم....بدل الرد عليها قدرت أنها في حالة صعبة بسبب الألم والخوف من والديها ......


خرجت ففوجئت بعدم وجود سيارتي في الخارج ثم تذكرت أني تركتها في المستشفى وجئت في عربة الإسعاف مع ما كان يفترض أنها جثة......لم تكن الصيدلية تبعد سوى خمس دقائق....مشيت إليها واشتريت مسكناً للألم .


عندما عدت فاجأتني جواهر بمزاجها المعتدل وابتسامتها المشرقة البريئة، بقصة شعرها القصيرة وتصرفاتها العفوية بدت لي حينها كالطفلة عندما تلبي أمها طلبها.......


لم أستطع مغالبة ضحكي عندما اقتربت منها، وجدتها تجلس على الكرسي الذي ثقبته لها لتستخدمه كمرحاض.


سألتني- مالذي يضحكك....إنه الكرسي، أليس كذلك؟!؟!......هل تعلم أني بمجرد أن جلست عليه زال الألم!!.....يبدو أن الألم كان سببه وضع رجلي الممدد.


-زوال الألم شيء جيد............أظنك جائعة، فلا أنا ولا أنتِ أكلنا شيئاً منذ البارحة، سأحضر الإفطار وبعد أن نأكل سأذهب لأحضر السيارة وأوصلك لبيت أهلك أو أي مكان آخر تودين الذهاب إليه.


بعد أن أفطرنا تركتها وخرجت أبحث عن سيارة أجرة تقلني للمستشفى........بدأت أشك أن جواهر عمانية، لهجتها ليست دليلاً قاطعاً......ثم أني لم أرى أي وثيقة تثبت أنها عمانية.....حاولت أن لا أشغل تفكيري بهذا ، المهم أن ينتهي هذا الأمر على خير.


أخذت سيارتي من المستشفى وعدت، وجدت باب الغرفة مقفلاً من الداخل.....ناديتها فلم تجب، انتظرت بضع دقائق، عاودت طرق الباب ..... كلمتني من وراء الباب .....وهي تبكي ، قالت – لا أريد أن أذهب إلى البيت، إن رآني أبي على هذه الحالة قد يقتلني....أنت لا تعرفه.

-اسمعي....أنا حتى لا أعرف من أنت حقاً....ربما أنت حتى لست عمانية.


عندها فتحت الباب وأخرجت محفظتها واستخرجت بطاقتها الشخصية ....عرضتها علي وهي تغطي اسمها بإبهامها، تأكدت حينها أنها عمانية، لكن هذا زاد الأمر غموضاً.
سألتها- كيف تخافين أن يعرف أباك أنك تقودين دراجة ولا تخافين من غيابك عن البيت وأنت مع شخص غريب؟


تراجعت للوراء لتصل إلى الكرسي المثقوب وجلست، قالت وهي تجفف أثر الدموع من عينيها-لن يلاحظ أحد غيابي، المفترض أني في معسكر تدريبي لكرة المضرب.....سأتصل بهم ليطمأنوا أني مازلت بالمعسكر....أرجوك أبقني عندك ولن أسبب لك أي مشكلة.

رضخت مرة أخرى وغلبتني عيناها اللتان زادهما احمرار البكاء بريقاً وروعة.......ما كدت أجلس حتى قامت وقالت –ما رأيك لو خرجنا بالسيارة قليلاً؟

-ماذا؟!...هل تمزحين يا جواهر؟......لقد كسرت رجلك البارحة فقط واليوم تريدين الخروج!!!!......ثم إني لا أستطيع أن أخرج معك وأنت بهذا اللباس مع احترامي الشديد لك، أنا لا أنتقدك لكني......


لم تمهلني حتى أكمل وأخرجت من جيبها مالاً طالبة مني أن أشتري لها عباءة أو أي شيء يرضيني......تصرفها هذا صدمني....كنت أتوقع أن لباسها من قناعاتها ويصعب التنازل عنه لكنها كانت مستعدة للتنازل بكل سهولة.


توجهت لروي واشتريت لها عباءة.......بالطبع لم أراعي أي ذوق لأني بطبيعة الحال أفتقر لأي معرفة عن العباءات، ثم اشتريت معه حجاباً، في طريق عودتي مررت بالمستشفى واستعرت كرسياً متحركاً لجواهر، وبما أن وقت الغداء قد حان فكان لابد أن أشتري الغداء أيضاً.

فيها الكثير من البراءة مشوباً بشيء من الجنون، هذا ما فكرت فيه وأنا أراها تجلس في الخارج على الكرسي المثقوب.
-لماذا تجلسين في الخارج....هل تحسبين أنك أمام حديقة بيتكم؟!....هذه هي المنطقة الصناعية.....فيها أنواع من البشر لا يمكن أن تتوقعين كيف يفكرون، لقد جئتك بعباءة وحجاب، تفضلي........... هل تريدين تناول الغداء هنا أو في مكان آخر؟


فا جأتني فرحتها........ قالت وهي تنحني أنحناءة طفولية "ريام...ريام...حديقة ريام" ، كانت الساعة قد قاربت الثالثة والنصف عصراً، لبست جواهر العباءة.....كانت تنظر لنفسها وتضحك....ثم لفت الحجاب على رأسها....ساعدتها في ركوب السيارة، وأنا أستدير لأركب السيارة نظرت لها من الزجاج الأمامي للسيارة فكانت تبدو لي اكثر قرباً وألفة من ذي قبل.......انطلقنا ..... عند أول مطب انفك حجابها وعاودت تثبيته، التفتت إلي وقال "حكم القوي على الضعيف"


في حوالي الرابعة والنصف كنت أدفعها في الكرسي وهي تحمل غدائنا، أصرّت أن نجلس في مكان مطل بشكل واسع على البحر.......جلسنا والغداء أمامنا....لكننا لم نأكل....كانت جواهر هائمة بالمنظر، بالرغم من أني جئت هنا عدة مرات لكني لم أشعر بهذا الجمال قبل اللآن...على الأقل لم أشعر به بهذا الشكل....كان لوجودها تأثير ولاشك في إحساسي بالمكان وتذوق جمالياته....إنه تأثير الأنثى الرائع على الرجل.

للقصة بقية...
رد مع اقتباس