الموضوع: جواهر
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 03-07-2011, 08:23 PM
بيت حميد بيت حميد غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 114

اوسمتي

افتراضي

شاهدنا التلفزيون ، ليس بالضبط، إنما كانت جواهر ممسكة بالريموت وتقلب القنوات بمعدل قناة كل خمس ثواني أو أقل، كنت متكأَ على الجدار واضعاً يدي خلف رأسي، كدت أغفو......ذكرتني جواهر بمشكلة انقطاع المياه......لم يكن قد بقي لدينا سوى زجاجة ماء واحدة، اتصلت بصاحب الورشة التي في البناية والمشرف على تأجير الغرفة، كان الإنقطاع مؤقتاً بسبب بعض التصليحات في التمديدات......كانت تلك أخبار جيدة مهدت لي لسحب فراشي والتمدد.........كنت أحس بها تنظر إلي، كانت تنتظر مني أن أفرش لها فراشها وأنا كنت منتظراً أن تطلب ذلك بنفسها.


تجاهلتني بعد قليل، تظاهرت بمشاهدة التلفزيون.......كأننا كنا في مسابقة عض، من يصرخ أولاً؟!.......عنادها تفوق عليها وتفوق علي أنا أيضاً، قامت وهي تتكئ على الكرسي محاولةً أن تفرش فراشها بنفسها ..... بالطبع لم يكن أمامي سوى أن أقوم وأنا مهزوم لأفرش الفراش، بعد أن انتهيت التفت اليها فإذا ابتسامة عريضة على شفتيها، ابتسامة النصر ......قابلتها بابتسامة.....حاولت تغيير الموضوع فسألتها إن كانت قد اتصلت بذويها، لم تتكلم ولكن أخرجت هاتفها وقالت "أسهل من الإتصال الرسائل....."


بعثت عدة رسائل واستقبلت أخرى.....كانت تفعل كل ذلك بهدوء وبرود شديدين، أقفلت الهاتف ثم رفعت رأسها وقالت وهي تبتسم "نعم....لقد اتصلت بأمي وأبي.....وهما بخير"


قلت لها "هكذا بكل بساطة؟!"


قالت "نعم....وهل هناك حاجة للتعقيد....أنا أحب البساطة، ثم إن أمي وأبي مشغولان بشدة وليس لديهما وقت للمكالمات"


لم أسترسل معها في المناقشة، لاحظت أنها قالت الجملة الأخيرة وقد سادت لمحة حزن على وجهها الجميل.


مرة أخرى حاولت تغيير الموضوع، سألتها إن كانت ستنام وتطفئ التلفزيون، قالت "نم أنت أولاً وأنا سأشاهد التلفزيون حتى تنام ثم سأنام"


أدرت وجهي بعيداً لأنام وأنا متحير من اصرارها على أن أنام أنا أولاً.....لكني لم ألبث كثيراً حتى اكتشفت السر، صحوت على صوت شخيرها العالي.....كان منظرها وهي تشخر مثير للضحك، عرفت أنها لا بد أن تكون تعاني من لحمية في الأنف......بالفعل لقد أرقني شخيرها لمدة طويلة وأما هي فقد كانت تغط في نوم عميق.......كانت تنام مستلقية على ظهرها ولشدة انزعاجي من شخيرها نويت أن أقلبها لتنام على جانبها لكن مع وجود رجل مكسورة قدرت أن ذلك سيكون صعباً ومؤلماً.


عندما صحوت في الصباح كانت لا تزال نائمة.......فرصة ثمينة لي لأستخدم دورة المياه، أدخلت الكرسي معي لأسند به باب دورة المياه من الداخل.......بدأت أحس بألفة شديدة تجاهها حتى أني كنت سعيداً وأنا ذاهب للمطعم لأملأ البراد بالشاي لي ولها.......قدرت أنها ستستطيب الخبز مع الشاي، عندما عدت كانت قد خرجت لتوها من الحمام......أخبرتني أنها استولت على كل أدواتي....فرشاة الأسنان ، الصابون، المنشفة......فتحنا باب الغرفة ليدخل هواء الصباح.......وضعت أمامها طاولة صغيرة وجلست أنا مقابلها ..... صببت لها الشاي وقدمت لها الخبز......كانت سعيدة للغاية ، كانت تعلق على المفارقة التي اضطررنا لها....هي تلبس العباءة وأنا ألبس الجينز.......بعد أحد تعليقاتها ضَحِكَت فتجشأت دون قصد منها بصوت مضحك للغاية....كأني كنت أراقب عصفورة جميلة سعيدة تستقبل أسعد صباح بعينين بريقهما يشع سعادة ودفئاً.



فكرت أن أعترف لها أني عرفت من تكون....لكني خشيت أن يفقدها ذلك سعادتها وتلقائيتها......صحوت من تفكيري هذا على قولها"متى سنشرب قهوة الفحم؟!"



قلت "هيا ضعي عباءتك وحجابك لنذهب"


قالت "هل ما زلت مصراً على قميص السفن أب؟"


كان جوابي هو أني أخذت الجينز والقميص ودخلت الحمام لأرتديهما، أسندت الباب هذه المرة بدلو الماء.......لما رأتني وأنا خارج قالت مازحة "أنا بريئة منك.......سأحمل لافتة وأنت تدفعني مكتوب عليها لا أعرفه"


ركبنا السيارة متجهين إلى سوق مطرح.....كانت الساعة قد جاوزت التاسعة، الشوارع مكتظة بالسيارات، طلبت مني جواهر الاستماع لبعض الموسيقى الغربية، الخيار الوحيد كان موجة الـ اف ام.......لم أكن من هواة الموسيقى الغربية يوماً ما.....أخذت تعدد علي أسماء كثير من نجوم الغناء الغربي وأنواع الموسيقى الغربية، كانت مثقفة في هذا الجانب، ووجدت أنها متفوقة علي كثيراً فأسهبت في الحديث.


عند دخولنا من بوابة مسقط استأذنتها في إطفاء الراديو وفتح النوافذ، أنا أحب هذا المكان كثيراً، وفيه أحب أن أناظر المشاهد وأستمع للأصوات وأشم الروائح....


رائحة البحر كانت تأتينا على موجات وغرقنا فيها عند وصولنا لأول دوار على الكورنيش......حركة الأحياء هنا متناغمة إلى حد بعيد......الحياة تدب في كل شيء.....حركة مياه البحر .....حركة السفن....طيور النورس .....حركة البشر والسيارات......لوحة رائعة من الحياة.



للقصة بقية
رد مع اقتباس