عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 26-04-2013, 01:30 AM
د. أحمد نعمة د. أحمد نعمة غير متواجد حالياً
كاتب جديد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 11
افتراضي

نقلا عن جريدة الزمان – طبعة العراق – الخميس 25/4/2013
رؤية باحث عراقي لتصحيح مسيرة الإعلام العربي

رؤية باحث عراقي لتصحيح مسيرة الإعلام العربي
الثقافة الإعلامية رسالة حداثوية
د. أحمد نعمة
تتعدد الآراء والاجتهادات في تحديد الموقف من الإعلام العربي رسميّه وغير رسميّه، ما بين ناقد ونافر ومن يزكيه ويثني عليه، ولكنّ القليل من تلك الآراء والاجتهادات والمواقف ما تضمن توضيحا موضوعيا علميا لما هو كائن برؤية مستقبلية مأمولة.
ولقد شارك الباحث العراقي الدكتور هادي حسن حمودي في هذا الموضوع فاستهلّ العام 2013 بإصدار كتاب جديد بعنوان الإعلام العربي.. التنمية اللغوية والموضوعية عن الدار العربية للعلوم، ناشرون، بيروت. يدور حول محور حدده المؤلف في المقدمة ثم انتقاه إلى الغلاف الخلفي للكتاب، وهو قوله
إذا كان للآخرين أن يبثّوا آراءهم ورؤاهم، فعلينا أن يكون لنا، نحن أيضا، أن نبثّ آراءنا ورؤانا في إعلامنا المرتجَى والمؤمَّل، وأن نتملّك الواعي الكافي للحركة لا الجمود، للتقدّم نحو العالم بقيمنا وأصالتنا، لا الانكفاء على ذواتنا نندب حظّنا العاثر، فما نستطيع إن نقيل عثرة حظّنا إن كان ثمة حظّ عاثر فعلا إلا بتملّك القوة في بثّ رسائلنا الإعلامية، لمجتمعاتنا كلّها، أولا، وللعالم أجمع، ثانيا.
وإذا كان هناك مَن يستكثر على العرب أن يكون لهم إعلامٌ خاصٌّ بهم فإنّ علينا أن نثبت عكسَ ذلك، اليوم أو غدا أو بعد غد. وذلك أن يكون إعلامنا عربيا بأساليبه وأهدافه. هذا إذا شئنا أن ننتقل من هوامش التاريخ القاصية والقصية إلى متونه المعرفية والحضارية .
ومن أجل وصول الإعلام العربي الحالي إلى المأمول منه يرى السيد المؤلف ضرورة توفر أمور عديدة ومجابهة مشكلات كثيرة، وإذا كانت هناك ضغوط هائلة على الإعلام الملتزم بقضايا التطور، فإنه ليس من المستحيل من وجهة نظر الدكتور هادي الانتصار على تلك الضغوط.
وهو ينطلق في رؤيته التفاؤلية من حقيقتين يثبتهما في السطور الأولى من المقدمة، وهما
1ــ الإعلام ليس آلة. والعمل الإعلامي ليس نزهة.
2ــ إنّ أيّ حديث عن الإعلام العربيّ لا بدّ أن يأخذنا إلى الحديث عن المرتجَى والمؤمَّل. المرتجَى له والمؤمَّل منه.
ومن أجل أن يتبيّن السيد المؤلف المرتجَى للإعلام العربي والمؤّمل منه نظّم كتابه في مقدمة، وتوضيحات أوليّة، وثمانية فصول، وخاتمة، وفهرس المصادر والمراجع العربية والأجنبية، ثم فهرس الكتاب برمّته.
ــ قدم في التوضيحات الأولية إجابات أسئلة عن الحداثة العربية منذ أن كانت، وعلاقة الإعلام بها. وهل ثمة إعلام عربي؟ ردا على مَن زعم أنْ لا وجود لإعلام عربي بحجة عدم وجود فكر عربيّ ينطلق منه الإعلام. ثم تحدث عن هذا الإعلام وكيفية تعامله مع البث الفضائي المتجاوز للحدود، سواء كانت حدود الجغرافية أم حدود القِيَم.
ــ وجاء الفصل الأول، بعنوان مفاهيم إعلامية. بحث فيه الدكتور هادي تلك المفاهيم بمعانيها وحدودها وتطوراتها بحسب وجهتَي النظر العربية التراثية والغربية المعاصرة. ودرس انتقالات الإعلام من مفاهيمه التقليدية إلى معنَى جديد، ووظائف جديدة ووسائل لم يكن للناس عهد بها. ولذلك احتلّ الإعلام مكانة متميزة في عالم اليوم. حتّى صار شاملا لشتّى حقول النشاط الإنساني، ولذا دخل في تفاصيل حياة كثير من البشر، محاولاً أن يخضعهم لرسائله الناجمة عن قناعات الباثّ نفسه. فصار هدف هذا النوع من الإعلام الانتظام في إطار المجتمع المدني، بمعنَى أنّ هذا العصر الذي نعيش فيه هو عصر شيوع الظاهرة الإعلامية التفاعلية بأوسع معانيها.
واستنتج من ذلك أنّ الإعلام الجدير بصفته يجب أن يكون نتيجة تفاعل خمسة عناصر يذكرها تفصيلا. ثم يقرر ضرورة أن يبتعد الإعلام العربي المرتجى عن ردود الأفعال المتشنجة نظرا لأن الإعلام قد أصبح علما موضوعيا.
ــ في الفصل الثاني تناول الكتاب دور الإعلام في تطور الدولة والمجتمع، تصويرا وتجسيدا ومشاركة. وأمعن النظر فيما يجب أن تتوفّر في الإعلام المرتجَى والمؤمّل من صفات رئيسية ثلاث الصفاء والنقاء والصدق. ووصل به البحث إلى أنّ هذه الصفات الثلاث هي التي يجب أن تظل قانون ذلك الإعلام، لأنه إعلام بنائي حسب تعبير السيد المؤلف يهدف إلى الخدمة العامة والنفع العام، حتى بعد دخوله عصر البثّ الفضائي، والبريد الالكتروني، والانترنيت، وحتى بعد أن أصبحت بعض الصحف العربية والمجلات العربية والمطبوعات الأخرى تجوب أركان العالم شرقا وغربا، وتجد لها في جميع أركان المعمورة طلابا ومريدين وحريصين على الوصول إليها، والتعرّف منها على أحوال الدول التي تصدرها وتطوّراتها، وإن بنسب متفاوتة.
ــ في الفصل الثالث درس الباحث حقيقة أن وسائل الإعلام في العالم كلّه، ليست تسلية ولا لهوا، بل هي، جميعا، وبلا استثناء، لديها رسائل تهدف إلى توصيلها للآخرين للتأثير عليهم باتّجاه معيّن. ويزداد هذا التأثير حين لا يجد ردعا ذاتيا، أي حين لا يُبنَى المواطن بناء فكريّا وروحيّا متماسكا.
ــ أما في الفصل الرابع البحوث والدراسات الإعلامية فقد قسّمه الدكتور إلى عدد من الموضوعات المتفرعة منه، وهي المناهج.. مفاهيم ودلالات وتكلم فيه على المشاعر الشخصية والممارسة الإعلامية ثم تناول بالحديث البحث الإعلامي اللغة والأسلوب والمنهج ثم مصادر النّصّ الإعلامي ومَراجعه معتبرا أنّ نشر البحوث والدراسات الإعلامية هو النشاط الرديف المساند للأداء الإعلامي التقليدي في الصحف والإذاعات والتلفزيون والشبكة البينية الانترنيت .
ومن الواضح أنه، هنا، لا يتحدث عن الخبر وتحريره والتعليق عليه، ولا عن نشاط إعلامي مذاع أو متلفز، بل يتحدث عن الإعلام بمفهومه الشاسع الذي يشمل الدراسات والبحوث والتقارير التي تكوّن إطار الممارسة الإعلامية برمتها.
ــ وجاء الفصل الخامس بعنوان الشخصية الإعلامية من حيث التواضع المهني وإرادة التغير. لأنّ النّص الإعلامي المرتجى لن يستجيب للباحث فيه إذا لم يكن الإعلامي متملكا لإرادة التغير نحو الأفضل والأحسن والأجمل، متخذا منهجا للكتابة والبحث متلائما مع تلك الإرادة.
ومن المعلوم أنّ ذلك المنهج لن يفتح مغاليقه بإرادته الذاتية إذ لا إرادة له، بل بإرادة الباحث، ولن يستطيع المشتغل في هذا الإعلام أن يفعل ذلك ما لم يطور ذاته ويؤمن بضرورة التغيّر نحو الأفضل والأجمل.
ــ في الفصل السادس لغة النصوص الإعلامية حلّل موضوع اللغة ودورها في الممارسة الإعلامية. منطلقا من حقيقة أنّ اللغة روح الإعلام ووسائله، وروح البحث الإعلامي وأخباره وتحقيقاته وسائر رسائله، فهي شكل الإعلام ومادّته ومضمونه. وبغير اللغة لا يكون هناك مقال ولا كتاب ولا بحث ولا حوار. فاللغة والحياة الإنسانية عموما توأمان لا يفترقان.
ورد بالرفض على التساؤل عن نفع النحو واللغة والإملاء الصحيح إذا كان جمهور المتلقّين، قراءً ومستمعين ومشاهدين، لا يعرفون القواعد اللغويّة، ولا يفرّقون بين ما حقّه الرفع وما حقّه النّصب واعتبر هذا التساؤل غير ذي موضوع لِما بيّنه من أدلة وأسباب.
ــ وأثبت في الفصل السابع حقيقة على الإعلام المرتجَى والمؤمّل أن يُدركها وهي أنّ ممارسات ذلك الإعلام مرتبطة بهدفه المرحلي أو الاستراتيجي. من غير انشغال بالتافه من الردود أو التشنّج في مواجهة الإعلام الآخر.
ويعلل الباحث الجليل لهذه الرؤية بقوله لأنّ من العلمي أن يتناول هذا الإعلامُ قيمَ المجتمع المحلي، وعلاقاته بالعالم الخارجي، وسائر جوانب الحياة، بفكر واعٍ متفتح تكسبه التجربة مزيدا من التفاعل الإيجابي المستمر. فيؤدي ذلك الإعلامُ موقفه التاريخي الحاضر بأفضل صورة محترمة ولها موقعها في الانتقالات الحضارية .
وتأكيدا لهذه الرؤية استجلى الدكتور التأثيرات السياسية للإعلام، بشكل خاص. أمّا التأثيرات في الميادين الأخرى فسيبحثها في الفصل الثامن.
ــ ولذا جاء الفصل الثّامن متحدثا عن الإعلام والتفاعل الحضاري، إذ تناول فيه إيجابيات في التربية والتعليم و إيجابيات في التكامل العلمي بين دول العالم كافة ودور وسائل الإعلام في ذلك.
وأخيرا الخاتمة التي لخص مجمل الكتاب الذي ألحق به المصادر والمراجع العربية ثم المراجع الأجنبية .
وثمة ملاحظة يجب بيانها هنا تتعلق بمصادر الكتاب ومراجعه، حيث لاحظنا أنّ عدد المراجع الأجنبية التي عاد إليها السيد المؤلف سبعة وثلاثين مرجعا، وهي أكثر من المصادر والمراجع العربية ثلاثة وثلاثون مرجعا بما فيها الصحف والمجلات . ويبدو أن سبب ذلك يعود إلى أنّ علم الإعلام حديث النشأة جديد الميلاد، وقد طرأ على عالمنا العربي منذ عقود قليلة من الزمن. فكانت المؤلفات الأجنبية هي المراجع الأصيلة له. ولا يمكن إنكار أن بعض الكتابات العربية في الإعلام تستفيء إلى ظلّ تلك البحوث والكتب الأجنبية. فمن الصحيح، إذن، أن يعود الباحث إلى المنابع لا إلى ما تفرّع منها.
على أن ثمة إشارة ناقدة بحذاقة للأوضاع الثقافية العربية عموما تتجلى في قول الدكتور هادي حسن حمودي كما نودّ الإشارة إلى أننا حين نضطرّ إلى أن ننقد رأيا أو رؤية لباحث عربي فإننا نلتزم بعدم ذكر اسمه وعنوان بحثه أو كتابه لئلاّ يُساء فهم ما نريده، خاصّة أنّ الصدور قد تضيق عن تقبل النقد وتتخيله تجريحا شخصيا. واكتفينا بإثبات عناوين المؤلفات وأسماء مؤلفيها بضمن فهرس المصادر والمراجع حيث يستطيع القارئ معرفة مورد الرأي المنقود. أما إذا نقدنا رأيا لكاتب أو باحث أجنبيّ أو أفدنا من نصّ عربيّ أو أجنبيّ فقد ذكرنا اسم المؤلف وعنوان الكتاب أو البحث على ما تقتضيه الأمانة العلميّة .
وأنا أدرك أن هذا العرض لا يغني عن قراءة أطروحات الكتاب والحوار معه. وأشهد بأني قد أفدت منه إفادات جمة
رد مع اقتباس