الموضوع: صرخة الرفض
عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 27-03-2013, 01:54 AM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

[
color
="darkred"]إنتصف الليل وسقطت أقنعة النهار وتحركت النزوات والشهوات، واختلى كل واحد بحقيقته، ونزلت زوجة العم كأنها ضيف شرف في سهرة رومانسية، أدخلها الفيلسوف إلى غرفته، طلبت منه كأس ماء بارد، فتركها وأسرع إلى المطبخ ولما عاد كانت هي قد نصبت الفخ، جلس بجانبها على السرير وناولها الكوب، شربت، وسألته:
- ماذا تريد مني؟ أظنك متيقن أنني زوجة عمك!
سؤال لم يكن يتوقعه، إلا أن مخزون الكلام كان أوفر
- يا سيدتي إن الحب لا يؤمن بهذه الخرافات، إنه مثل الطوفان يجرف كل الطابوهات، الحب يا سيدتي هو ذلك الوحش النائم في عمق الإنسان، فإذا استيقظ يكسر كل القيود والسلاسل والحواجز لبلوغ مستقره ومستودعه، الحب يا سيدتي هو ذلك الإحتراق الذي
يتحدى بمعجزاته العقل والنقل، ولهذا أنا أؤمن به، ولا أؤمن بغيره، هي المشاعر الوحيدة التي أقدسها، لأنها تنبعث من عمقي ولا يمليها علي أحد خارج ذاتي، بعيدا عن قناعتي.
- كدت تقول شعرا، ما ظننت أنك رومانسي إلى هذا الحد، مر الكثير من هنا، وأشارت إلى صدرها، لكنهم يختلفون عنك في كل شيء، وأظن أنك ستكون أشد علي من وطأ زمن الجنون... صدّق سأكون معك مختلفة جدا، لأننا نعيش ما وراء المنطق العادي، منطق الجنون، فما أعظم البلاء وما أفظع نوامسه عندما نمارس الأشياء خارج المعقول، سأفشي لك بسر لا يعرفه سواك، أنا لم أكن زوجة عمك وحده أبدا، وهذا سر نجاحه، ولهذا لن أكون لك وحدك أبدا مادام عمك على قيد الحياة، وأضمن لك النجاح الذي تسعى إليه.
- أنا لا أؤمن بالخطيئة لأنه نهي خارج الذات
- أنت أفضل من الذي يؤمن بها مثلي ويمارسها
- وما أرغمك على هذا؟!
- تريد الحقيقة؟ ستؤلمك، وتورطك في آن واحد
- الحقيقة دواء مر، لكنه ضروري للتواصل في الحياة
- عمك هو الذي يدفعني
- غير ممكن، لا أصدق، أعرفه أشد المحافظين
- هذه هي الحقيقة
- هل أنت هنا بعلمه؟
- لأول مرة، لا يعلم، كنت دائما الطعم الذي يصطاد به
- ابتعدي عنه
- مستحيل، لأنه يحتفظ بكل التسجيلات، إستعنت به غصبا لاستعادة أول شريط، فاحتفظ به، تزوجني ولا يزال يستعملني للإيقاع بجميع من تسول له نفسه المساس بمصالحه، صدق أو لا تصدق، أنا مهددة في كل لحظة بالتصفية، حياتي مرهونة بحياته، أنا متورطة مع شخصيات نافذة جدا... أنت أول وستكون آخر من يعلم، هل تستطيع أن تحميني؟!
- عمي يفعل هذا؟ والأولاد
- هم باسمه... فماذا أنت فاعل بي الآن؟ أما أنا فلن أتراجع، لأنك عرفت عني الآن كل شيء.
لم يصدق وظن أن مفعول كأس الريكار الذي تناوله قبل أن تأتي زوجة عمه بدأ مفعوله، إنتابه شيء من الخوف، وأحس أنه ذلك الجبان الذي كانت أمه تصفه، يبحث كيف ينتهج مسلكا للتراجع وهو بين مخالبها، وأخيرا يكتشف أنه مجرد رجل تافه لا قيمة له، عمه أجرأ منه.
وكانت ليلة عرس المذلة، لعبد مجرد من كل المشاعر النبيلة، صنعتها مشروبات روح الإستلاب والمهانة، وقبل الفجر خرج ليقضي حاجته، فاغتنمت الفرصة ودست الكاميرا التي سجلت تلك الليلة بكل تفاصيلها، وضعتها في صفطها، وعادت إلى بيتها بغنيمة ما كانت تحلم بها أبدا، شيّعها وعاد هو إلى غرفته وقد زال سكره يستعيد حديثها كلمة كلمة، كأنه قرأ رواية لكاتب إنجليزي يعرف كيف يحبك عقد السر وفواجع العلانية.
كنت معهما في تلك الليلة، وبدى لي أن كل شيء عادي، وماذا يفعل رجل لا يقيده ضرع ولا شرع بأي امرأة إذا اختلى بها؟ الذي حيّرني هو الحديث الذي جرى بينهما، حديث اجتمعت فيه الكثير من الأشياء التي لا تعكس ما وصلا إليه، وعرفت أن فلسفة الكلام الذي كان يتبجح به، ما هو إلا قناع يخفي قناعات باطلة يعجز أن يبررها السلوك.
ونحن هكذا حتى رن هاتفه...
- نعم.. كيف؟!... لا، ليس صحيحا... لن أغفرها لك... هل يمكن أن أرى الشريط؟.. لماذا؟ لعوب أنت... لا، قلت لعبة دنيئة... لا، لا، أرجوك لا تفعلي، سنتكلم فيما بعد، لست الآن على بعضي... وقطع المكالمة.
وبدأ يصرخ.. لعينة، لعينة، لعينة..
فطرقت أخته على الباب، ثم طرقت، ففتح.
- ماذا بك؟ صحوت فسمعتك تصرخ، هل أنت بخير؟
- لا أبدا، أظنه كابوس نوم
كان عند رأسه منديل امرأة، وقارورة خمر فوق سريره المبعثر، فابتسمت وقالت:
أظنه ناقوس يقظة.
أغلقت الباب وانصرفت وعاد السكون...
انصرفت أنا كذلك وتركته غارقا في وحله حتى العنق.
...يتبع...[/color]
رد مع اقتباس