الموضوع: نهاية أحلام....!!
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 12-07-2010, 05:32 AM
الصورة الرمزية نبيلة مهدي
نبيلة مهدي نبيلة مهدي غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: هناك..؟
المشاركات: 4,581

اوسمتي

Exclamation ]2 [ جسد بلا روح....!!

] 2[

جسد بلا روح..


بعد أن انطفأت تلك الشمعة التي كانت تضيء حياة صالح. بعد أن فارقت سارة الحياة في ذلك اليوم الكئيب، لم يعد صالح كما كان فقد أصبح شارد الذهن، قليل الكلام، شاحباً و كأنه جسد بلا روح..
أما أحلام فبعد وفاة والدتها أخذتها جدتها أم أحمد لتربيتها لأنه لم يكن أحد يستطيع أن يعتني بها سواها..
فزوجة أحمد هدى قاسية بعض الشيء، و كما أنها حامل و لديها أولاد مما يجعلها تكتفي بتربية أولادها... فلم يكن هناك من يعتني بأحلام سوى أم أحمد و عمتها ريم التي تقوم بمساعدة والدتها في تربية أحلام..
ريم في العشرين من عمرها لطيفة و طيبة و أيضا جميلة. كانت تحب زوجة أخيها صالح لأنها كنت طيبة و لقد حزنت كثيرا لوفاة سارة و أصيبت بالكآبة، لكن استطاعت تخطيها و ذلك من أجل ابنة أخيها أحلام التي أحبتها فقد كانت تذكرها بسارة، مما جعلها تكثر من الاعتناء بها و كانت تقضي معظم الوقت معها تطعمها و تحملها، حتى تعلقت بها كثيرا و أصبحت كالأم لأحلام التي باتت يتيمة بلا أم.
أما صالح فلم يكن يهتم و كان حاله متغير كثيرا بسبب وجود أحلام، لم يكن يفكر برؤيتها حتى. و عندما يراها بصدفها يشيح وجهه عنها و يكمل طريقة و كأنه لم يراء شيئاً حتى أنه عندما يسمعها تبكي يضع أصابعه في أذنيه و يخرج من المكان التي تتواجد فيه. ذات يوم حضر من العمل للمنزل و عندما فتح الباب كان يتمتم بضجر و عندما دخل و سمع صوت بكاء أحلام لم يأبه بذلك أغلق الباب بقوة، و أسرع نحو غرفته، نادته أخته ريم: صالح.. صالح.. إن أبنتك حرارتها مرتفعه هل ذهبت بها إلى المستشفى...؟
وكأنه لم يسمع ما قيل، بل أكمل سيره دخل غرفته و أغلق الباب بعصبية، ألقى بجسده المتعب على السرير، يحاول تمالك نفسه يتلوى وكأنه يتألم. فذكريات سارة لازالت ترتسم أمامه يسمع صوتها الدافئ عندما يدخل الغرفة..
-هل وصلت يا صالح.. ؟
تسرع نحوه تنزع سترته و تأخذ حقيبته ترسم قبلة على خذه و هو يحاول ممازحتها
-سارة لماذا أنتِ هكذا..؟ ألا تملين...؟
يحاول العودة إلى الواقع يصرخ في أعماقه.. سارة كم أشتاق لكِ ... قد كانت هي كل شيء بالنسبة له تعاوده الذكريات يعود إلى ذلك اليوم عندما رجع من العمل و دخل غرفته. رأى سارة سعيدة و تكاد أن تطير من السعادة ...
-صالح.. صالح.. لدي مفاجئة لك أحزر ما هي...؟
يحاول لكن لم يتوصل لشيء..
-ماذا هناك هل علامتكِ في المدرسة عالية..؟
-لا.. لا.. يا صالح أنا دائما أحصل على علامات ممتازة بل شيء اكبر من هذا..؟
-هل أختي ريم ستتزوج و أنا لا أعلم...؟
-كلا يا صالح.. بل شيء يخصنا نحن الاثنين..
ماذا كيف ذلك هي أخبريني فأنا متشوق لمعرفة ما لديكِ من مفاجئات...
-حسنا يا صالح .. بصوتها المرح الممزوج بالخجل .. أنا..أنا ..أنـــــــــ أقصد أنتَ.. أنــــتَ سوف تصبح أب بعد ثمانية أشهر...
-ماذا تقولي هل هذا صحيح...؟
رغم فرحته لكنه حزين كان يعلم بأن صحت سارة لا تسمح لها لأن على الأقل بالحمل.
-لماذا يا سارة..؟ فصحتكِ لا تسمح بذلك..
كأنه ألقى على سارة صاعقة محت تلك الابتسامة تجمعت في عينيها الدموع تكاد أن تبكي..
-ماذا تقول يا صالح أنها إرادة الله تعالى.. لست سعيد لحملي..؟ وهل تعترض على إرادة الله..؟
قالت هذا و هي تحاول أتماسك لكنها لم تستطع أن تتمالك بكت وهي تخفي وجهها بيديها.. أقترب صالح منها و ضمها بحنان أحس بأنه أخطأ..
-يا عزيزتي لم أقصد ذلك لم أقصد أن أحزنكِ فأنا سعيد بهذا الخبر سعيد جدا لكن قلقي على صحتكِ فقط أعذريني..
و مسح دموعها التي تساقطت على وجنتيها و طبع قبلة على جبينها
-هيا ابتسمي.. هيا.. لا أريد أن أركِ هكذا فأنتِ ستصبحين أماً هيا ابتسمي..
رسمت سارة ابتسامة على شفتيها و احتضنت صالح... عاد صالح إلى الواقع من جديد فقد قطع تلك الذكريات صوت طرق الباب..
-صالح.. صالح.. ماذا بك يا بني..؟
-تفضلي يا أمي..
دخلت أم أحمد لترى أبنها و علامات الحزن تبدو عليه..
-يا ولدي العزيز ماذا بك تجلس هكذا أنهض و أغتسل و بدل ملابسك و توضئ و صلي ركعتان لله تعالى عله يهديك يا ولدي .. و أنزل للعشاء فالعشاء جاهز..
و على طاولة الطعام جلس صالح كعادته صامت شارد الدهن..
-ماذا بك يا ولدي ..؟
قطع تفكيره صوت والده الذي يحزنه ما يحدث لولده.
-لا شيء يا أبي ...
يمسك صالح الملعقة و يأخذ من الطعام الذي أمامه و يضعه في ذلك الصحن المخصص له.. لم يلاحظ حتى غياب أخته ريم.. تناول طعامه القليل و نهض قاصد غرفته.. لم تكن أحواله تعجب والديه..
-يا أبا أحمد أن ولدك لم يعد كما كان دائما يفكر، حتى أنه لم يلاحظ غياب أخته.. ولا...
سكتت أم أحمد و هي تبتلع غصتها..
-اصبري يا أم أحمد الله يهديه إن شاء الله فهو يحتاج أن نقف بجانه.. لا تنسي بأنه كان يحبها كثيرا.. و لا يحتمل بعدها.. لكنه سيستعد هذا كله إن شاء الله تعالى.. اطلبي له بالهداية و الصلاح يا أم أحمد..
غياب ريم عن طاولة الطعام هو مرض أحلام.. بعد أن أخبرت صالح بذلك و لم تلي منه الاهتمام اتصلت بأخيها أحمد ليأخذها إلى الطبيب، حتى تطمئن على صحة أحلام. بعد أن فحص الطبيب أحلام و طمئن ريم و كتب لها الأدوية طلب منها مراقبة حرارة أحلام، فإذا ازدادت تحضرها على الفور للمستشفى.. و في طريق العودة قالت ريم لأخيها أحمد تشتكي حال صالح..
-يا أخي تحدث معه لعله يعود لرشده، فهذا لن يعيد سارة له..و أن أبنته بحاجة له، أرجوك يا أحمد تحدث معه.. فما حدث اليوم لا يحتمل فأنه لم يهتم بمرض أبنته..
-سوف اكلمه و أنتِ أهتمي بأحلام و إذا أرتدي شيء أخبريني ..
وصلا للمنزل.. أحلام كانت تنام بهدوء بعد أن تعبت من البكاء. تلقتهم والدتهم..
-هل أحلام بخير.ز ماذا بها..؟
-لا تخافين يا أمي أحلام بخير فقط حرارتها مرتفعة قليلا
قال هذا أحمد ولكنها تعاود السؤال
-هل هذا صحيح يا ريم هل أحلام بخير..؟
نعم يا أمي كما قال لكِ أحمد فلتطمئني.. ذهبت ريم لتضع أحلام في سريرها و عادت لتجلس مع والديها و أخيها أحمد في الصالة..
قالت ريم لوالدها :
-يا أبي جد حل لولدك صالح يا أبي..
نهض أحمد و قال:
-أنا سأذهب و أكلمه أين هو الآن...؟
-في غرفته لم يخرج منها..
قالت هذا أم أحمد و هي تغص بالعبرات..
-يعيش في ذكرياته لا أدري ماذا حدث له. كلمه يا ولدي عله يصحو مما هو فيه..
ذهب أحمد لأخيه صالح و هو يحمل بين طياته الحزن على حال أخيه.. طرق الباب و دخل ليجد صالحا جالسا على السرير و كأنه يبكي..
-كيف حالك يا صالح ماذا بك..؟ هل أنت بخير..؟
-نعم.. نعم.. أنا بخير يا أحمد..
أعتدل في جلسته. وتقدم أحمد منه و جلس بقربه. و وضع يده على كتفه، و بصوت الأخ الحنون قال له:
-يا صالح لا يعجبني بل لا يعجب الجميع حالك، فأمك تعاني تتألم و هي تراك هكذا تذبل أمامها. هل نظرت لنفسك في المرآة..؟ هل رأيت ملامحك، و ذلك الشحوب..؟ يا أخي الذي حصل كان قضاء الله و قدره، ولا تستطيع أن تغير ذلك، و قد مضى على ذلك شهرين تقريبا، و أنت على هذا الحال، توكل على الله و أنفض عنك هذا اليأس و تذكر بان هناك أشخاصاً بحاجة لك. يجب أن تكون قوياً أن والديك قلقان عليك كثيرا..و كذلك أختك، و أنا أيضا، ونريد صالحا الذي كان في السابق، توكل على الله و استغفره يا أخي، و أستعذ من الشيطان فطفلتك أحلام بحاجة لك.. بعد أن فقدت أمها فلا..
قاطعه صالح صارخاً
-لا تذكرها أمامي أني لا أحب أن أسمع أسمها أنها.. أنها..
قال هذا و هو في حالة غضب و توتر قد ظهر على ملامحه، لاحظ أحمد ذلك أمسك أخاه من ذراعيه :
-أتقي الله يا أخي .. لا تقل مثل هذا الكلام، أحلام لا ذنب لها.. عاد صالح لرشده قليلا و بصوت الممزوج بحشرجة :
-أستغفر الله.. أستغفر الله..
محاولا التماسك لكنه لم يستطع وصار يبكي. عانقه أحمد
-أبكي يا أخي فالبكاء قد يريحك و يزيل من على كاهلك بعض الثقل..
بكى صالح كالطفل الذي فقد شيئا غاليا ظل أحمد محتضنه بحنان.
-يساعدك الله و يهديك يا أخي، الدنيا هكذا، الذي ذهب لا يعود.. فأرم بالماضي وراء ظهرك ولا تدع اليأس و الحزن يتسلل في أعماقك فيقتلك فما حدث كان قضاء الله و قدره ولا اعتراض على قضاء الله و قدره. فكر الآن في الأيام القادمة و اترك عنك الماضي نحن معك جميعا حتى تستطيع أن تستعيد قواك..
في تلك اللحظات أحس صالح ببعض من الراحة. أستطاع أحمد أن يزيح من على كاهل صالح اليأس . تماسك صالح و مسح دموعه
-شكرا يا أحمد فقد أخمدت لهيب تلك النار المتأججة داخلي، سأحاول أن أتماسك و أستعيد نفسي لكن لا أستطيع أن أنساها أبدا أبدا..
قال هذا و سكت ظل الأخوين صامتين.. قطع ذلك الصمت صوت طرق الباب دخل أبو أحمد و نظر لصالح بعينيه الحنونة و قال له:
-كيف حالك اليوم يا صالح، هل أنت بخير..؟
-نعم يا أبي أنا بخير..
و قد ارتسمت معالم الارتياح على وجه الشاحب. لاحظ الأب ذلك و أقترب من ولديه..
-يا أبني فوض أمرك لله وتوكل عليه فالله رءوف بعباده فهذا قضاء الله و قدره، هيا أنهض لتستعد فورائك عمل كثيرا و المستقبل أمامك..
ألقى صالح نفسه في أحضان والده. ضمه الأب إليه بقوة. كادت أن تفلت من عينيهما الدموع كان أحمد ينظر إليهما و هو يشعر بالسعادة فقد لاحظ بعض معالم التغير في أخيه. حمد لله في أعماقه و مسح دموعه الهاربة وقال مازحاً :
-هذا يكفي يا أبي و أنت يا صالح هل ستظلان هكذا طويلا..
تبسم الأب و مسح دموعه التي حاولت الإفلات. رسمت على شفتي صالح ابتسامة خافته معلنة بداية جديدة..




يتبع>>>>>>>>>>
__________________
... الصمت هو عنواني ....
رد مع اقتباس