عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-06-2015, 02:11 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي رياح التغيير الجزء الخامس




رياح التغيير




الجزء الخامس

الجريمة


قلت: كلا والله، ما أروم سوى العيش مع من أحب قلبي.
وكثر الجدال، وطال المقال. فلمّا يئسوا من إستجابتي تبرأوا منـي، وتخلوا عني
وطردوني من المنزل، فعشت مع جدتي لأمي، وأنتظرت إقدام حبيب الروح على
طلب يدي لكنه لم يفعل، بل واضب على إقناعي بأنّه يحبّني، وأستمرّ في خداعي
والتلاعب بمشاعري، وإيهامي بالحب، حتى تمكّن من نيل وطره الخبيث، بعد أن
فقدت الرقيب، والحارس والمرشد، فجدتي لا تستطيع مراقبتي ليل نهار
فلبيت دعوته الشيطانية لثقتي فيه، ولأني متأكدة من حبّه ووفائه لي
ولم أتخيّل أو أتوقّع مطلقا أن يغدر بي وينكث العهود والمواثيق.
وبعد أن نال بغيته، ولوّث شرفي أخذ يتباعد عنّي تدريجيا، ويظهر الجانب القبيح
من شخصيته، وشرع في إفتعال المشاكل والمنغصات ليجد مبررا لهجري
وكنت متشبّثة به، فلقد منحته كتفي حتى أوغل في إستغلالي، ورجوته أن يسترني
لكنه لم يلن ولم يرحم ولم يرق له قلب، فبكيت أمامه، وتوسّلت
إليه أن يصوّب خطاءه، وأن لا يرميني في التهلكة والعار والفضيحة
فلم يخشع له قلب، ولم تدمع له عين، بل رفسني رفس البغال
وعلا صوته وهو يهدني بالفضيحة ما لم أبتعد عنه، ثم أعلن صراحة
تخليه عني، وقال لي بالحرف الواحد:
لست أتزوج من باعت أهلها لأجل نزوة عابرة
فوقع كلامه عليّ وقوع الصاعقة على تل من زجاج
وتعلم أنه لا يخفى سوى الذي لم يحدث، فما أسرع ما علم
والدي وإخوتي بما فعلت!
فما كان منهم سوى معاقبتي بالجلد والسب واللعن
أمّا الذئب الذي افترسني فلم يتعرّضوا له بسوء، وهذا من أعجب
الأمور، إذ كان ينبغي أن يحاسبوه ويعاقبوه على التغرير بي، فلم يفعلوا.
ولم أسلم من أذى وإحتقار وإمتهان الناس، فكنت غرضا لكل من يرغب
في التطاول والسخرية، وماتت جدّتي حزنا وعارا، وبقيت وحيدة، عندئذ
أطبقت علي المتاعب من كل جانب، وبات الذين لا يجرأون على الدنو من الدار
يطرقون الباب عشية وضحاها. لا لشيء غير إرهابي وإذلالي وتخويفي
وتشجّع السفهاء على التعرّض لي في الطرقات، وإسماعي بذي القول وأرذله
بل إنّهم يحصبوني كلّما مررت بهم، بينما كانت النساء والفتيات
يلعنني ويشمتن فيّ، ويقذفنني بالرذيلة، والله يعلم أن بينهن الأسواء مني
فأنا إنّما لدغت من حيث أمِنت، ولم أسعى إلى الرذيلة بإرادتي
ولم تتكرر غلطتي مطلقا. غير أن الناس إنّما تتجرأ على من لا قوّة له
كما قال الشاعر:
تعدو الذئابُ على من لا كلابَ له ::: وتتقي مربضَ المستنفرِ الحامي
وتمادى الجميع في إيذائي بعد أن رأوا خذلان أسرتي وإمتناعهم
عن إيوائي وجمايتي، فكانت أيّامي ولياليي عذابا وذلا ومهانة
فتطايرت أحلامي، وتبعثرت آلامي، ولم يعد قلبي يعرف الألم من شدّة ما لاقيت
وتجمّدت عواطفي فكنت أقسى من الحجر الأصم، وطفقت أفكّر بالإنتقام
لشرفي الذي أضعت، ولإخلاصي الذي بذّرت، فهداني العدو المبين
إلى مكيدة نفّذتها بنجاحٍ تام، فأمسى الذئب مقبورا، وكان قد أفشى
الأسرار إلى بعضهم، فوقعت في قبضة العدالة، ولم يقف إلى جانبي غير
هذا الرجل الذي يقف أمامك، فقد علم بما فعله بي الخبيث وأدرك أنني مظلومة
فأستمات في الدفاع عني وحمايتي ورعايتي، وتصدّى للسفهاء والأنذال والحقيرات
ولا زلت حتى اللحظة أجهل دوافعه إلى نجدتي وإغاثتي وإنقاذي ...
بل إنّه عاهدني على التلاقي في الغابة لكي نبدأ حياة جديدة معا، وهذا ما تم،
عقب تبريره جريمتي أمام القضاء، الذي حكم علي بدفع الدية إلى ولي المقتول.
غير أن دوام الحال من المحال.
فقال صاحب الوجه الصبوح: إنّا لله وإنّا إليه راجعون
فإنّ قصتك هي قصّة الآلاف من الفتيات اللائي عبدن عواطفهن
ولم يحكّمن عقولهن، وأنجرفن خلف رغباتهن والأوهام، وأنسقن إلى
الضلال بفعل الكلمات المعسولة، والوعود الزائفة. والعروض المغرية
فتدخل العاشق قائلا: ليس الحب بجريمة، ولا العشق معصية
ولكن ينبغي التثبّت من نيّة الحبيب، والتأكد من سلامة طويّته
ويتحتّم الحرص الشديد على تفويت الفرص أمام نزغات الشيطان

يتبع إن شاء الله


رد مع اقتباس