عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-01-2011, 09:59 AM
الصورة الرمزية محمود النبهاني
محمود النبهاني محمود النبهاني غير متواجد حالياً
شاعر
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,262

اوسمتي

افتراضي ضياع الأجر بعد قرآن الفجر : محمود النبهاني

ضياع الأجر بعد قرآن الفجر

كنت أخرج من بيتي ذاهبا إلى مقر عملي في طريق يأخذ أكثر من ساعة من يومي , أفتح أثير الإذاعة لأسمع تلاوة أحد المقرئين وأعايش هذه الروحانية الصباحية التي لاتنطق عن الهوى.

وماأن يقول المقريء :صدق الله العظيم حتى أبدأ بالدعاء ليكون القرآن ربيع قلبي ونور بصري ,ولكن سرعان مايختلط هذا الدعاء بالإيقاع المباشر بعد نطق حرف الميم من كلمة العظيم التي يعقبها مايسمى بالـ(هِشِّك بِشَّك) ويصبح الدعاء الرباني كأنه ملحَّن بخلفية موسيقية تذهب الخشوع والانسجام مع نسمات الدعاء المنعشة لصدر المسلم
.
كفانا ياإذاعتنا هذا التهريج , فالقرآن ليس بعُرف تقليدي أو تعويذة أو موضة نبدأ بها الصباح ,ولكن هي أكبر من هذا ,حيث أن كتاب الله للتدبر وليس للتضجر, وكتاب الله للهداية وليس للغواية, وكتاب الله للنور وليس للفطور, فكما اسعدتمونا بهذه الترانيم القرآنية فاسعدونا بإشراك الأجر لنا ولكم ليكون العمل خالصا لوجه الله.
والأمر لم يقف عند هذا الحد , بل تجاوز إلى أن تترنم فيروز بـ (حبيتك في الصيف) وتبدأ كلمات الغزل تتغلغل في نفس المريض قلبه ,الذي يداوي فراغه بالهيام لـ(ليلى ولبنى) أوأن يكون من جيل نانسي وهيفاء ويعشق البوح لـ (نيرمين و شيريهان) وماأشجاه من قول حيث تبدأ العضلات المأمورة بالإنقباض عند السجود والتراخي عند القيام والثبات أثناء رفع الأيدي إلى السماء ,تبدأ بالميل يمينا ويسارا وتلتقي اليدان مصفقة لهذا الشجن الذي يشعر بعودة الشباب والرجوع إلى أيام عمرو ذياب وإيهاب توفيق والذي تم تحسينه بمرام وأريام وأروى وغيرهم من دعاة الـ(هِشِّك بِشَّك) , فأصبحت الروحانية قرقعانية وأصبح الخشوع للقرآن خضوعا للفنان, وأصبح القمر مصدر التشبيه بالغانية المائلة بعد أن كان لحساب الأشهر المتوالية.
وتواصل إذاعتنا عرض تجارتها الكاسدة من أصوات مغرية تدعو للـ(دن دان) وليته كان (دن دان) زمان ,ولكنه (دن دان) الهز والدز ,فكم سمعت عن المطرب فلان وعلان مايمكن أن يكون محبوبا من المستمعين ,فكما كان يقول أحمد شوقي : كاد المعلم أن يكون رسولا ,تقول المذيعة : كاد حسين الجسمي أم يكون ملاكا.
نعم هذا هو الحال عندما طفقت مذيعتنا تمتدح الجسمي –نسأل الله لنا وله الهداية- في نحو خمس دقائق حملت له كل كلمات الود والمحبة والثناء بطبيته وتواضعه ولو قيل لها : مارأيك بالزواج منه , لما ترددت في القبول , ولكن ماذا ستفعل بجسمه؟
الجواب لديها,,,,,,,,,,.

يامسؤولي إذاعتنا الموقرة ,ارحموا عقولنا , فكيف نخلط الخبيث بالطيب ,والحق بالباطل ,والآيات الباسطة بالأبيات الساقطة والأقوال الفارطة.
إذا كان هذا القرآن لايعنيكم فهو يعنينا ,ولو حاول منكم عرض مقدمة موسيقية قبل استضافة أحد مشايخنا –حفظهم الله- في برنامج ديني لما وجد المجال لذلك لأنه يعلم ردة فعل المستمع فمابالك بردة فعل الشيخ المستضاف.

يامسؤولي إذاعتنا الموقرة ,إن كان القرآن يوضع في نفس مساق الموسيقى أو كان ندا له في المنافسة على سويعات العرض لديكم ,فاعلموا أنكم قد انتصرتم بموسيقاكم وهرجكم على مجالس القرآن والذكر ,ولما بدأ الشيخ ابراهيم الكندي مع مضيفَيْه في برنامجه (كيف نعبد الله) بالذكر والدعوة للخير.

فماهذا التناقض أيها القائمون على برامج اذاعتنا؟

اجعلوا قنواتكم كما تشاؤون فذنبكم تتحلمونه لوحدكم ولكن ليس بالتضحية بكلام الله بأن تجمعوه مع كلام البشر الذي يسر لهم معانيه شيطان مارد.

فذاك يقول : أنت أنت السعادة والحب عندي عبادة , ونعم العبادة ياناسك ,وهذا يقول : أنا ماحد لغيره خضع راسي ,فانظر ياهذا إلى من سيخضع رأسك يوم يبعثون.

يامسؤولي إذاعتنا الموقرة ,إن القرآن الكريم خطوط حمراء لايمكن التعدي عليها مهما كانت الدوافع ,فكما أن الشخصية الفلانية لايفترض أن تنتقد وإلا فالتخشيبة جاهزة ,فإن القرآن كلام من خلقنا وإليه نعود ولايجب أن نعرضه بهذه الطريقة.

الآن سيقول المطبلون والمتملقون لإذاعتنا الموقرة أنك تخلط الأوراق وتُدخل الحابل بالنابل وسيبدأ البعض بالدفاع بحجة أنها إذاعة للشباب وتلك اذاعة عامة وهناك اذاعة للقرآن إن شئت فادنُ منها , ولكن ألا تعلمون وهي المصيبة الأكبر إذا كنتم كذلك أم لاتعلمون, أن إذاعة القرآن ترددها لايصل للجميع بينما إذاعات الطش والرش تبدأ من فجر كل يوم وتكون على مسمع حتى من يمر على الشارع مشيا.

وفي النهاية أقول وهذا ليس قولي ,بل قول القرآن الذي أصبح مُلْقاً خلف ظهورنا ونشجب ونتصنع الولاء عندما يدنس من قبل الغرب أو يحرق :
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً).

وفي النهاية أشكر كل مذيع بذل وقته للتعريف بالقرآن والأخلاق والقيم الإسلامية وأقول لهم : واصلوا فإن الله معكم.
__________________


شكرا للاخت نبيلة مهدي على التصميم

التعديل الأخير تم بواسطة محمود النبهاني ; 11-01-2011 الساعة 10:04 AM
رد مع اقتباس