عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22-05-2012, 03:24 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي ..../...

صدقتِ-واللهِ-أختي البديعة نوف...

فإن لهذه الحياة تصاريفَ عجيبة ً،تقتربُ-بشكل أم بآخر-من أحوال اللفظ العربي حين يتواجدُ في نسيج الجملةِ وفي سياقِ العبارةِ،يؤدي دوراً معنويًّا مَّا،لكن تعَذرَ عليه أن يتموْقَعَ في مَحلٍّ إعرابيٍّ معيَّنٍ...!!

فإننا-مثلاً-نعرف بداهةً أن ( حروفَ المباني والمعاني ) لها من معاني ( العطف ) أو ( الجر ) أو ( الجزم ) أو ( النصب ) أو ( النفي ) ما يَجعلنا لا نستغني عنها وعن ورودِها في نسيج النص حين نريدُ الكشفَ عن معنىً معيَّنٍ،لكننا لا نستطيعُ تحديدَ موقعٍ إعرابيٍّ لها...

إننا نعربُ حروفَ العطف والجر-مثلاً-بأنها حروفُ عطفٍ وجرٍّ مبنية ٌعلى حركتها لا مَحلَّ لها من الإعراب..والأمرُ سيانٌ في ( نحو الجُمل ) فإن الجملَ التي لا محلَّ لها من الإعراب سبعة ٌ-كما هو مُقررٌ عندَ النحاةِ-كالجملة الابتدائية والجملة الاعتراضية وصلة الموصول...الخ...

كذلكَ تصاريفُ هذه الحياة..إنها تشبِهُ-في طبيعتِها-أحوالَ هذا اللفظ العربي الذي يمتنعُ عن المحليةِ في الإعراب..لكن معَ فارقٍ بسيطٍ...والتشبيهُ هنا مع الفارق،ولابَدَّ أن يُعرَفَ...

فأما بالنسبة لأحوال اللفظِ اللغوية فإن مبرراتِ الامتناع عن المحليةِ في الإعراب قد يُدركُها النحويُّ-قياسًا أو سماعاً-و ( إذا عرُفَ السببُ بطلَ العَجبُ )،بينما شبكة الحياة-التي قامتْ على حِكمةٍ ونواميس الغيْب والشهادة-فإن أمرَنا إزاءَ أسرار مظاهرها التي تكتنفنا،فنتجرعُ مرارَتـَها أحياناً ونستمرئُ حلاوَتَها أحياناً أخرى..ونتأوَّهُ للأوائها أحياناً ونبتسمُ لمسرَّاتِها أحياناً أخرى..إن أمرنا إزاءَها وإزاءَ تناقضاتِها-أو هكذا تبدو-هو الذي يَجعَلُها في حسنا كمذقةِ الزئبق التي حينَ تـُلقى على الأرض فإن احتمالَ تصوًّرِ الشكل الذي ستظهرُ به هو واحد على ترليون...!!!

ولعلَ تصاريفَ الحياة العجيبة هذه هي بعضُ المعنى الذي عناه الشاعرُ الحكيمُ بقوله :

والليالي من الأيام حبالـَى ** مثقلاَتٌ،يَلِدْنَ كلَّ عجيبِ..!!!

أو هو المعنى الذي عناه أبو البقاء الرندي في مأساة الأندلس :

هيَ الأمورُ-كما شاهدتها-دولٌ ** مَن سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ...!!!

بالفعل-أختي البديعة نوف-إننا أحياناً نستقرئُ في مظاهر هذه الحياة وما تعِجُّ به بين الناس في وجداناتهم ومشاعرهم وسلوكاتهم وعلاقاتهم المختلفة والمعقدة والمتشابكة،ولربما رحنا نقرأ نتائجَ الخواتيم بناءً على المقدمات فما نكادُ نستقر على حُكْمٍ بيِّنٍ لتلكَ النتائج حتى نـُفاجأ بأن مظهراً زئبقيُّا قد دخلَ على الخط،،وإذ بنا ندخل مرحلة ًمن الذهول والعَجب لا نلوي معها على شيء...!!!

وإذ بنا لا نبرَحُ حيْرَة َوجداناتِنا وأفكارِنا إلا ونحن مُثقـَلون بأحمالٍ من ضغطِ الحيرةِ والتشنج والاحتقان..!!

وتقفُ فراستـُنا عند مفرق طرقٍ..ونرحلُ في رحلةِ تساؤلاتٍ مضنيةٍ :

تـُرَى..هل هناكَ تفسيرٌ لما يَحدث..؟؟!! أو على الأقل ؛ هل هناكَ بصيصٌ من قبسٍ نجد على نوره-ولو كان باهتاً-هُدًى..؟؟!!!!

أمن طبائع الأشياء وحقائق الوجود ونواميس الحياة أن تبدو لنا هذه المظاهر بتلك الرجرجة التي لا تستقر على صورةٍ وشكل معين...؟؟!!!!

إن قصة أن مظاهرَ حياتية ( لا مَحلَّ لها من الإعراب ) هي قصة ٌموجودةٌ وعَبثاً نحاول أن نتجاوَزَها أو نتجاهَلَها أو نتعامى عنها...

لكننا-أختي الأصيلة-لعلَّ عزاءنا في مغارم تلكَ الحيْرة وهذا القلق وذلكَ العَجب هو في هذا الرصيد ( الإيماني العَقـَدي ) الواسع الذي يُسعِفنا في اللحظة المناسبة،تهدأ معه النفسُ الحيْرى وتغترفُ من معينه المهجة الظمآى وتقِرُّ بمظلته الوارفةِ العيْنُ السهْدَى...!!!

وحسبُ الحائر فينا هذا العَزاء...!!!

بوركتَ-أختي الكريمة-على إثارةِ هذه الجدلياتِ الهادفة..ونحن ننتظرُ أحبَّتـَنا أن يَدلوا بدلائهم العامرة حتى تتغطى مساحة الموضوع أكثر...

ودمتَ مبدعةً كريمةً....

التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 22-05-2012 الساعة 09:52 PM
رد مع اقتباس