عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 27-08-2010, 11:28 PM
الصورة الرمزية إبراهيم الرواحي
إبراهيم الرواحي إبراهيم الرواحي غير متواجد حالياً
شخصية مهمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 2,196

اوسمتي

افتراضي

***موقف نزار قباني من الحب
ما هو الحب عند نزار ؟
يقول نزار قباني في الحب :
ـ الـــحــب مــواجــهــة كــبــرى إبــــــحار ضــــد الــتــيّـــــار
- أنـــا شــاعــــر حـــب جــــوال تعـــرفه كــل الـــشـــــرفــات
- الحب في الأرض جزء من تخيلنا لو لم نجـده عليها .. لاخـترعناه
- عــشـــرون عاما في كتاب الهوى ولــم أزل في الـصـــفــحـة الأولى
- الحـــب ليـــس رواية شـــرقية بـخــتامــها يتـــزوج الأبــطــال
لـكـنـه الإبــحـار دون سفـيـنـة وشــعـورنا أن الـوصـول مـحـال
ـ " الحب في نظري هو التعويض العادل عن كل بشاعات هذا العالم ، وحماقاته ، وجرائمه ، وهو زحف الكائنات على بعضها بغاية الاتحاد والتعدد . الكائنات كلها تزحف على بعضها ، ومدفوعة بحافز العشق ومحكومة بوظائفها البيولوجية والكيميائية ، لا بنزعاتها الميتافيزيقية ، لأن الميتافيزيقي لا ينجب أطفالا ... "
يرى نزار أن المسرح الحقيقي للحب هو الحياة اليومية : المقاهي ، الحدائق العامة ، المسارح ، الجبال ، الحقول ، دور السينما ... وأن الحب يتسكع في الأزقة الضيقة ، يتبلل بالمطر ، يدخن كل أنواع السجائر ، يركب القطارات ، يدخل إلى المطاعم ولا يأكل شيئا ...
إذا .. فالحب عند نزار : لغة : مفرداتها من عيني المرأة ، رسائل : وكل رسالة لها عنوان ، وحروفها في قلبها ، وأبجديتها بحار لا سواحل لها ، ولا مرافيء ، ولا بدايات ، ولا نهايات ..
والحب عنده منه : التمتمة ، ومنه الصلاة ، ومنه الغزوة البربرية ، ومنه النظرة على عجل ، ونه المعاناة ، ومنه الإشباع على غير ارتواء جسدا ، ومنه الإكتفاء روحا ...
والحب عند ه " ليس توقيع معاهدة أبدية مع جسد المرأة ، بل هو عناق للكون ، وعناق للإنسان " كما يقول .
يقول نزار في إحدى قصائده :
مقدورك أن تمشي أبدا
في الحب على حد الخنجر
وتظل وحيدا كالأصداف
وتظل حزينا كالصفصاف .


الحب في شعر نزار :
إن إعلان الحب للمرأة بكل اللغات ، والبحث عن مفردات في مستوى الحنين إليها ، وكلمات تغطي مساحة نهديها ، والتفكير عنها ، والاشتياق عنها ، وإلغاء المسافات بين الخيال واليقين ... كل هذا ضرب من المبالغات ، بل من المهمات الصعبة ، لكنها سهلة في حياة الشاعر ، وترجمة وجدانية في منتهى الصراحة ، لأن الحب لا يحيا إلا في نور الوضوح والتضحية – كأي كائن حي – ولأن نزار يرفض الحب المعلب الجاهز كإفطار الصباح .
من هنا كان الشهر عنده في المرأة إفرازا إنسانيا ، وحالة نفسية ، ونظرة تولد من رحم الشهوة وثورة الجنس .
يقول نزار في قصيدته : ( أحبك .. أحبك .. والبقية تأتي ) :
أحبك أنت ..
دعيني أفتش عن مفردات
تكون بحجم حنيني إليك
وعن كلمات تغطي مساحة نهديك
بالماء .. والعشب .. والياسمين
دعيني أفكر عنك
وأشتاق عنك
وأبكي .. وأضحك عنك
وألغي المسافة بين الخيال وبين اليقين .
ويأخذ الحب عند نزار طابع الحزن في أغلب الأحيان ، نتيجة المواقف التي تعرض لها والظروف التي عاشها في حياته المليئة بالهموم والأحزان ، كموت زوجته وحبيبته بلقيس ، وانتحار أخته ليلى بسبب رفض أهلها الزواج ممن تحب ، وموت ابنه ...
ها هو يعبر تعبيرا عن معنى الحاجة إلى الحب ، والقيمة العملية له ، وربما كانت أعظم قيمة في الحياة . إن الإنسان بالحب يحقق ذاته ، ويحقق وحدته النفسية واكتمالها ، وذلك عن طريق تحرره من قمقم الأنانية نحو الآخر ، أو ( الأنا المثالية ) . بحيث يحس بالحزن يتملكه ، يمشي في مفاصله ، يقيم في أعماقه في غياب المحبوب ... يقول :
علمني حبك أن أحزن
وأنا محتاج منذ عصور
لامرأة تجعلني أحزن
لامرأة أبكي فوق ذراعيها .. مثل العصفور
لامرأة تجمع أجزائي .. مثل البلور المكسور

ويتابع .. فيقول مصرّحا عما فعله الحب به :
أدخلني حبك سيدتي مدن الأحزان
وأنا من قبلك لم أدخل مدن الأحزان
لم أعرف أبدا أن الحب هو الإنسان
أن الإنسان بلا حب .. ذكرى إنسان
علمني حبك أن أتصرف كالصبيان
أن أرسم وجهك بالطبشور على الحيطان
علمني حبك أشياء .. ما كانت أبدا في الحسبان !!
فقرأت أقاصيص الأطفال
دخلت قصور ملوك الجان
وحلمت بأن تتزوجني بنت السلطان
..................................
علمني حبك يا سيدتي .. ما الهذيان
علمني كيف يمر العمر ..
ولا تأتي بنت السلطان !!

المراحل التي مر بها شعر الحب عند نزار :
من يدرس شعر نزار قباني دراسة متدرجة يجد أن شعره في الحب ينقسم إلى عدة أقسام ومراحل ، يتحول فيها نزار من موقف إلى آخر ، ومن اهتمامات إلى اهتمامات أخرى ... ومن أهم هذه المراحل :
المرحلة الأولى :
بدأ نزار استغرابه الشعري بتناول أشياء المرأة ، والألوان التي تربط بينها وبين الطبيعة ، مع التركيز على النهد منذ البداية ، وحتى النهاية ، ومن أمثلة هذه المرحلة قول نزار في قصيدته ( المستحمّـة ) :
مراهقةَ النهد لا تربطيه
فقد أبدعت ريشة الله رسمهْ
وخليه زوبعة من عبيرٍ
تهل على الأرض رزقاً ونعمةْ
وقوله في قصيدة ( إيضاح إلى من يهمه الأمر ) :
أصبحت محترفاً ..
وصرت الآن أبرع في معاملة النساء
أملي شروط الفاتحين على ملايين الظباء
من كل نهد .. سوف أجبي جزية
وإذا عفوتُ ... فمن مواقع كبريائي !!


المرحلة الثانية :
هنا أخذ التـنـبّه يحرّك نظراته نحو حالات المرأة وحركاتها : ( وهي تمشط شعرها ، تمرّ في المقهى ، مضطجعة ، ترقص ... ) مع الإلحاح على مزيد من أشيائها مثل : ( قلم الحمرة ، الجورب ، المشط ، المايوه الأزرق ، الكم ، التنورة ، ثوب النوم الوردي ... ) ومثل ذلك قوله في إحدى قصائده :
أراقبها وقد جلست بركنٍ تصلح الشعرا
تصـفّــفه .. وتحـزبه وترسل زفرة حرّى ..
وقوله في قصيدة أخرى بعنوان ( القميص الأبيض ) :
ألسـت تهـنـئـني يـا بـخــيــل بهذا القميص الجـديد عليّ
جديد .. وتسكت عني وعنه أأنت الحنون ؟ أأنت الوفي ؟
سألتك دغدغ غروري فإنّ جميلا لديك .. جميل لديّ
توسّــع عند مســاقط كمّي وضاق .. وضاق على ناهديّ

المرحلة الثالثة :
في هذه المرحلة انتقل نزار إلى الحديث عن مشكلات المرأة ، فانتقل بذلك من أن يكون جماليا إلى أن يكون سيكولوجيّا .. وفي هذه الفترة صور نزار مدى فتنة المرأة بالرجل ، وتعلقها به ، وتدللها له ، ودورانها في فلكه ، وتلذذها بحركاته وأشيائه ... حتى أن إحداهن لتقول له وهو يشعل لها سيجارة :
رجل يمنحني شعلته ما أطيب رائحة الرجلِ !
وفي هذه المرحلة يبرز لنا نزار الطفولي ، الذي يلعب بالدمى ، والذي ينبهر انبهارا تاما بكل ما هو جديد وغريب عليه ، والذي يتلهف بشدة حين يقرأ رسالة من فتاة ، أو حين يمني نفسه بحضور عيد ميلادها قبل أن يحظره .. يقول في قصيدته ( إلى تلميذة ) :
لم تستطيعي بعد أن تـتفــهمي أن الرجـال جميــعهم ... أطــفالُ
فإذا وقفت أمام حسنك صامتا فالصمت في حرم الجمال جمالُ
وبهذه الصورة نفسها تراه المرأة التي تتحمل كل شيء من غضبه .. فيقول في قصيدة ( اغضب ) على لسانها :
اغضب .. فأنت رائع حقا متى تثور
اغضب .. فلولا الموج ما تكونت بحور
حطم أواني الزهر والمرايا ... هدّد بحب امرأة سوايا
اغضب كما تشاءُ ... واجرح أحاسيسي كما تشاءُ
فأنت كالأطفال يا حبيبي .... نحبهم مهما لنا أساءوا
وهنا يجب أن أشير إلى أنه في هذه المرحلة كتب خمس رسائل إلى أمه ... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : ( لماذا في هذه المرحلة بالذات دون ما قبلها ؟؟ ) وفي إحدى هذه الرسائل يحدث نزار أمه عمن عرف من النساء ،وعن العواطف ، وعن البلاد التي جابها :
ولم أعثر
على امرأة .. تمشط شعري الأشقر
وتحمل في حقيبتها ... إليّ عرائس السكّر
وتكسوني إذا أعرى ... وتنشلني إذا أعثر .

هذه هي بعض ملامح شعر الحب عند نزار قباني } شاعر الحب { .. وقد ظل نزار يتحدث عن الحب ؛ لأن الحب هو رؤية الجمال ، وهو المشاعر كلها ، وهو وحده ... رابطة الحياة .
__________________
رد مع اقتباس