عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20-02-2015, 09:22 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي ملوك الراس لحمر الجزء السابع والعشرون



وقعت هذه الأحداث في عام
1979ميلادية
حكاية رائعة




ملوك الراس لحمر


الجزء السابع والعشرون

نورُ والغيرة



فهم بعض اخوتي البشر أن يحتكّ بالرماديين فقال أخي سليمان:
مهلا, دعونا نعرف أولا ماذا يريد هذا الوحش.
ولم يطل إنتظارنا فلقد تحدث كرداس عن غدر الانسان وخيانته ونكرانه الجميل
واكثر من اللوم والعتاب ونحن نفهم حديثه عبر السوار العجيب ثم اختتم لومه بقوله:
انك يا حمود قد غدرت بابنة اختي فكيهة التي تعلّقت بك وأخلصت لك
وتزوجت من تلك الانسية البشعة, وها انت اليوم تستكمل اجرامك
بخطوبة ابنة اطغاي ذي الجدائل ولم تلتفت الى الصبية التي احبتك من كل قلبها
فقلت له: وماذا تريد الان؟ قال: يجب ان تتزوج فكيهة
فقلت له: لن اتزوج تلك البقرة الضحوك. فماذا انت فاعل؟
فرأيت الانكسار في عينيه, ثم أخذ يتمتم بكلمات لا افهمها
فصحت به غاضبا: ماذا تقول ايها الحيوان
فلما رآني قد غضبت هلع وأخذ يعتذر الي وهو يمشى القهقرى
يتبعه رفاقه حتى غاب عن ناظري, وق كنا نخشى أن يجلدونا بتلك العصي
فالتفت الى اخوتي البشر فاذا بهم غارقون في ضحك هيستيري
ثم قال أخي فائل ضاحكا: فلنخطب لك فكيهة يا حمود فانفجر
الاخرون ضحكا بينما كنت لا أزال متأثرا بكلام كرداس.
وفي اليوم التالي صباحا حضر الى منزلي رسول النائبة فذهبت معه
فاذا باخوتي قد سبقوني الى المختبر, وبعد فترة طويلة من الأنتظار
أدخلوني إلى غرفة بها أجهزة طبّية كثيرة فأقعدوني على كرسي
ثم سقوني رشفة من شراب أفقدني الإحساس بجسدي
فكنت أشعر بخدر ثقيل في أطرافي, وإنما كنت أسمع
وأرى نشاط أولئك الأطباء لكني لاأقدر على تحريك أطرافي, فوضعوني
على سريرٍ وثبّتوني بشرائط جلدية, ثم أطفأوا الأنوار وخرجوا
وعندما أغلقوا الباب أخذ السرير يرتفع رويدا رويدا, فكنت أرى أضواءا
مختلفة الأوان تسلّط علي, وأشعر بنسمات هواء مشبعة بسائل خفيف
تمرر على جسدي, فلمّا صار السرير على مقربة من السقف
إذا به ينغلق تلقائيا, ثم إكتسحت بدني موجة باردة بدءا من قدمي
حتى مفرق رأسي, فشعرت بلسعة البرد واصطكت أسناني وغمرني برد قارص
فإذا بموجة ساخنة تغشاني, فشعرت بضغط شديد كاد يحطّم أضلاعي وفقدت وعيي
وبعد مدّة من إنتهاء تلك الموجة نزل السرير تدريجيا حتى إستقرّ على الأرض
فدخل الأطباء ورفعوا غطاء التابوت وحرروني وسقوني شرابا منعشا, وطلبوا
مني النهوض, فشعرت بحيوية ونشاطٍ لم أعهدهما من قبل
وأقبل علي الأطباء يهنوئنني, ثم قال كبيرهم:
لقد تم مدّك بطاقة بدنيّة تمكّنك من التكيّف مع المستجدّات ثم ضحك, ففهمت قصده
وفي الخارج وجدت إخوتي البشر يتحدثون وهم في منتهى السعادة
فعلمت أنّهم مسرورين بالطاقة البدنية التي زوّدوا بها
وفي العشر الأواخر من رمضان كان الأنوناكي الشقر
يعدّون العدّة لإنجاح العرس الجماعي, وشرعوا في نصب الخيام الوسيعة
وتزيين المباني والمنشآت والطرقات بالأعلام والرايات والصور والتحف الفنّية
ثم بداء وصول وفود المدعويين من مختلف الأقطار والبلدان
وقبل العرس بثلاثة أيّام أرسل إلى النائب أطغآي ذو الجدائل
حقائبا مملوءة بالملابس والأحذية والعمائم والمصرّات والعطور والكوافي
وأرسل إليَ الحاكم العام سيفا مطلي بالذهب ومرصّعا بالجواهر النادرة
وتوالى وصول الهدايا من أعيان ووجهاء مدينة هاشا باشا.
كما وصل إلى إخوتي مثل ذلك.
لم توافق نور زواجي من ابنة أطغآي ذي الجدائل على الرغم من كل تلك الوساطات
التي حاول إقناعها, ولغيرتها الشديدة فقد إتّفقت مع والدتها على إفشال تلك
الزيجة بأي ثمن, فرشت مجموعة من الرماديين الإرهابيين وكلّفتهم بحرق الخيام
وإتلاف الممتلكات, وإحداث حالة من الذعر الرّعب في ليلة الزفاف.
قوصلت هذه المعلومات إلى الحاكم العام بفضل الشرائح الإلكترونية التي زرعوها
في أبدان الرماديين, فأستدعاني الرجل وأطلعني على خيوط المؤآمرة
وطلب رأيي في التدبير المناسب, فقلت له:
يجب منع الرماديين من تنفيذ المخطّط, أمّا نور فدعها لي
وفي منزلنا وبالإتفاق مع الخادمين,أظهرت أنني مغادر, وأمرتهما بجمع ملابسي
وكل ما يخصّني, وأدرت لنورٍ ظهري, وتجاهلت وجودها, فأصابها غم شديد
وشعرت بالمهانة لإحتقاري إيّاها ولم تصبر على ما يحدث, فأقبلت علي والشر يتطاير
من عينيها فقالت في تحدِ وعناد: ماذا تفعل يا حمود؟
فسكتّ, وأدرت لها ظهري
فأزداد حنقها, وغضبت غضبا مريعا, ثم إنصرفت إلى غرفتها وأغلقت على نفسها
فتركتها قليلا ثمّ نهضت وقرعت عليها الباب قائلا: يا ابنة الناس لقد قال الله سبحانه وتعالى
في كتابه العزيز:{ الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}
سورة البقرة الآية 229
ففتحت الباب بكل عنف وقوّة وقالت: فلتطلقني الآن يا حمود, وكنت متوقعا هذا منها
فقلت لها: وهل يقع الطلاق بدون شهود؟
قالت: فأستدعي الخامين
قلت: إنّهما ليس بشر, فعادت إلى غرفتها, وأخذت تبكي بكاءا كئيبا, فتركتها
وأظهرت لها أنني أغادر, وقعدت في الحديقة منظرا رِدّةِ فعلها
وما هي سوى لحظاتٍ قصيرة حتى سمعتها تحطّم محتويات المنزل وهي تصرخ وتبكي
فدخلت مسرعا إليها, وعندما رأتني داخلا أقبلت عليّ باكية, فضممتها
إلى صدري, حتى شعرت بالسكينة
وقلت لها: هل صدّقتي أنني سأطلّقكِ يا حياتي؟
فتشيّثت بي ولم تنطق
قلت: فكيف لي أن أعيش بدونك يا شمعة عمري؟
نور حبيبتي لا أستغني عنكِ, ولن يفرّق بيني وبينك سوى
هادم اللذات, فأطمئني يا عمري,قالت: وماذا عن ابنة أطغآي ذي الجدائل؟
قلت: نور نور ... ألم تلاحظي أننا لم نرزق بولد منذ تزوّجنا؟
قالت: أي والله إنّك لمصيب
قلت: هل عرفتي سرّي الآن؟
فأخذت تقبّلني وتسمعني كلاما يطرب الحجر
فقلت لها: بل أنا الذي أفديكِ يا حبّي, فوالله لولا هذا الهاجس
ما فكرّت مطلقا في الزواج من أخرى ولو كانت من الحور العين
فقالت وقد تغيّر رأيها: هيا يا حبيبي خذني إلى خطيبتك لأبارك لها
قال حمود برغبرى: فشعرت بأني ولدت من جديد
فحب نور قد إلتصق بكبدي, ولا أحتمل غضبها ولا بعدها
لذلك خرجت معها بعد ان أمرت الخادمين بإعادة كل شىء كما كان
وحين رآها أطغآي ذو الجدائل برفقتي, نكس على عقبيه مترددا
فغمزت له عيني, فرحّب بنا ترحيبا جميلا, ثم إستدعى زوجته
وبناته, فسلّمن على نور بتهذيبٍ جم.
وعندما أقبلت كوكب الشرق وقطر الندى وزهرة العرائس
نهضت نور مرحّبة مهنّئة, فزال ما كان في نفس النائب
وأسرته من حذر, وأخذوا يتحدّثون مع نورٍ وكأنها واحدة منهم
وفجأة رأيت ملامح وجهها تتغيّر ...

يتبع إن شاء الله


رد مع اقتباس