الحَدَّادْ
إِنَاءٌ بِلا مَاءٍ، وَجَفْنٌ مُبلَّلُ
وَمَوتٌ عَلَى قُرْبٍ، وَعَيْشٌ مُؤجَّلُ
***
أَلَمْ يَفْهَمِ الحدَّادُ أنَّ نِصَالَهُ
إِذَا لَمَعَتْ فِي مُقْلَةِ القَلْبِ تَقتُلُ
***
وَأَنَّ احْتِضَارَ المُثخَنِينَ بِطَعْنِهِ
يُوازِي ذُبولَ الزَّهرِ، بَلْ هُوَ أَجْمَلُ
***
وَتَسقُطُ مِنْ عِذقِ التَّبَاريحِ تَمرةٌ
تُخفِّفُ عُمرًا عاشَهُ وهوَ مُثقَلُ
***
وَسُنبلَةٌ تَشتَاقُ حِضْنًا يَضُمُّهَا
إلى عَالَمِ الأرْواحِ، والحِضنُ مِنجَلُ
***
يُسَافِرُ بِي نَزفِي وَعَزفُكَ، كُلَّمَا
مَدَدتُ يَدِي كَيْ أَقطِفَ الأُفقَ أَنزِلُ
***
فَيَا أَيُّهَا الحَدَّادُ نَصْلُكَ مُغْمَدٌ
بِروحِي وَكَمْ دُقَّتْ عَلى الرَّوحِ أَنْصُلُ
***
خَرجْتُ مِن الأَرحَامِ صِفْراً منَ الرُّؤى
فَألبَسَنِي بُرْدَ السَّمَاءِ التَّأَمُلُ
***
سَجِينٌ بِأَضْلاعِي، بعَالَمِ دَاخِلِي
جَنَاحِيَ تَحْلِيقِي وَرِيشِي التَّخَيُّلُ
***
أَخَافُ من المَجْهولِ إِنْ جِئْتُ بَابَهُ
وَيُرعِبُنِي هَمْسُ النَّخِيلِ فَأَجْفَلُ
***
خَرَجْتُ وَأمِّي تَحْمِلُ النُّورَ فِي يَدِي
وَتَحمِلُ مِن طَيشِي الذِي لَيْسَ يُحْمَلُ
***
وَكَفُّ أَبِي تَسْقِي ذُبُولِيَ عِزَّةً
تبلُّ مساماتِ الفؤادِ وتغسلُ
***
وَكُنتُ حَلِيفَ الصَّمتِ أُسْرِي بِجُنْحِهِ
إلى حيثُ لا تَسرِي بِنطْقِيَ أَرْجُلُ
***
أَرَقْتُ عَلَى دَرْبِ المَجَازاتِ خُطوَتِي
لأُمْلَاءَ بالمَعنَى الذي لا يُؤَوَّلُ
***
وَأَشْرَعتُنِي السّيابَ يُمطِرُ غَيمُهُ
وَأَضْلُعُهُ لِلرَّملِ والسُّقمِ مَنْزِلُ
***
شَهَرْتَ سَكَاكِينَ القَطِيعَةِ طَاعِنًا
لِعَامَينِ قَلبًا بالتَّباريحِ يَحْبَلُ
***
فيَا أَيُّهَا الحَدَّادُ باللهِ دُلَّنِي
"إذا حلَّ عِشقٌ بِالفَتَى كَيْفَ يَفعَلُ"
طلال النوتكي
22\5\2012